لم يكن احتلال قوات التحالف للعراق يوم التاسع من نيسان سنة 2003 البداية، لقد فقد العراق استقلاله منذ ثمانينات القرن الماضي حين خضع لاتفاقيات مجحفة جراء الديون التي اثقلته بها سياسات السلطة السابقة بعدما تحطمت بناه التحتية وانهار اقتصاده بسبب تداعيات الحرب العراقية الايرانية التي دامت ثمانية اعوام والتي اكلت الاخضر واليابس. وفقد استقلاله بشكل تام بعد احتلاله دولة الكويت وتوقيع رجال السلطة السابقة على بيع العراق في “خيمة سفوان” عام 1991 حيث دخل العراق في البند السابع وتم تحديد حركاته وسكناته وتقطيع اوصاله الى مناطق حظر وخطوط عرض في الشمال والجنوب، وتوزعت ثرواته الوطنية كتعويضات وتسديد ديون الى مائة عام او تزيد، واعيدت الحياة العامة فيه الى عصور القرون الوسطى في جميع مفاصلها الصحية والخدمية والثقافية والاجتماعية والتربوية فضلا عن الصناعية والزراعية والحضارية.
وجاءت ثالثة الاثافي لتأتي على ما تبقى مؤطرة الاحتلال المخفي باحتلال مكشوف. ومع كل ما شهدته الاعوام الماضية التي اعقبت سقوط السلطة السابقة وبداية الاحتلال العسكري على يد القوات الاميركية وحلفائها، مع كل تداعيات هذا الاحتلال وما خلفته من خراب ودمار وهدر للثروات الوطنية، وما خالطها من اعمال النهب والسلب وانهيار الدولة العراقية بكل مؤسساتها وحل جيشها الوطني وشرطتها الوطنية، ومع ما تسبب فيه ونتج عنه من تحول العراق الى ساحة للارهاب العالمي المنظم وتصفية الحسابات الاقليمية والدولية والتي دفع العراقيون سيلا بل طوفانا من دمائهم ضريبة لهذا الاحتلال وثمنا للخلاص من السلطة الدكتاتورية آملا في الحصول على حرية حلموا بها عقودا وحقبا وسنينا. مع كل ما سلف وفات نتفاءل بالعام الجديد ونتطلع للقيادات السياسية ان تجهد في العمل المشترك الجاد لتثبيت اركان حكم ديمقراطي وطني يسعى لانجاز الاستقلال التام والتفرغ لاعادة اعمار العراق والقضاء على مظاهر الارهاب والفساد الاداري والمالي وتعزيز سلطة القانون بأسرع وقت لينعم شعب العراق الصابر بالامن والاستقرار ويتمتع بحياة حرة كريمة بعد ما عانى ما عاناه في سنوات القهر والظلم والاستبداد، وبعدما قاسى ما قاساه من ذبح وتهجير وخراب على يد عصابات الارهاب العالمي والمجاميع المسلحة طيلة السنوات العجاف.