لست بصدد تناول بيان تحالف الفتح بتوقيع رئيسه هادي العامري بإدانة رئيس الجمهورية برهم صالح، ولا بصدد الدفاع عن برهيم صالح، ولا بصدد مناقشة التفسير الخاطئ للمادة (76) من الدستور، لكني أقول للعامري، إما تشتغل سياسة وإما تشتغل دين. وإلا أن تحكم عليه حكما أخرويا، هو ليس من اختصاصك، إلا إذا ادعيت أنك تملك تخويلا من الله، أو إن الله قد أعاد النظر في تجميد مهام جبريل، بعد قرار ختم النبوة، ليبعثه إليك مصطفيا إياك من بين الشيعسلامويين العراقيين وعموم سكنة كوكب الأرض.
فالعامري في بيان تحالف البناء في إدانة رئيس الجمهورية، وذلك ليست إدانة سياسية، بل إدانة أخروية، إذ استهل البيان بآية من القرآن، يدين بها صالح ويحكم عليه بما يلي:
السقوط في الفتنة: «أَلا فِي الفِتنَةِ سَقَطوا».
الكفر: «لَمُحيطَةٌ بِالكافِرينَ».
دخول جهنم: «وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحيطَةٌ بِالكافِرينَ».
فقد استهل بيانه بعد البسملة بالآية القرآنية: «وَمِنهُم مَن يَّقولُ ائذَن لّي وَلا تَفتِنّي أَلا فِي الفِتنَةِ سَقَطوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحيطَةٌ بِالكافِرينَ».
ولا أريد التعليق على الأخطاء اللغوية التي وردت في البيان، بل أكتفي بسردها كالآتي:
لاعلان: الصحيح لإعلان
بالأنتصار: الصحيح بالانتصار
أستحقاقنا: الصحيح استحقاقنا
الى (خمس مرات): الصحيح إلى
أتباع: الصحيح اتباع
بأصرار: الصحيح بإصرار
الاكبر: الصحيح الأكبر
أننا: الصحيح إننا
اوعملية: الصحيح أو عملية
لاتخدم: الصحيح لا تخدم
الاملاءات: الصحيح الإملاءات
الامن: الصحيح الأمن
الأجراءات: الصحيح الإجراءات
امام: الصحيح أمام
اعضاء: الصحيح أعضاء
وسأمر باختصار على بعض فقرات البيان (مصححا الأخطاء)، لأبين مواطن الخلل فيه بتعليق مختصر جدا:
«لجوء رئيس الجمهورية الى سياسة قتل الوقت وتوجيه الرسائل إلى هذه الجهة وتلك وعدم الالتزام بالمهل الدستورية»: ربما لا أستطيع أن أبرئ رئيس الجمهورية كليا من تحمل مسؤولية ذلك، لكن أنتم الذين راهنتم على الوقت، وبقيتم تصرون على طرح الواحد تلو الآخر ممن معروف رفض الجماهير الكلي لها، إما لما عليها من فساد، أو خضوع لأجندات خارجية (إيرانية بالذات)، أو تورط في القتل، وإما بسبب انتمائهم إلى أحزاب مرفوضة ومدانة، حتى لو لم يكن ما يسجل على الشخص المرفوض والمدان حزبه.
«دفعنا إلى تقديم الأدلة الثبوتية التي لا تقبل الشك باعتبارنا الكتلة النيابية الأكثر عددا والتي اعتمدناها في تقديم مرشحنا لرئيس الجمهورية»: الحالة الراهنة لا تنطبق عليها المادة (76)، وهذا ما تعرفونه وتتجاهلونه، أو ما تجهلونه، فهي تتكلم فقط عن تكليف مرشح رئاسة مجلس الوزراء بعد الانتخابات النيابية، وليست معنية بحالة استقالة أو إقالة رئيس الوزراء.
«ولكننا فوجئنا بإصرار رئيس الجمهورية على مخالفة الدستور وعدم تكليف مرشح الكتلة الأكبر بحجة رفض المرشح من بعض الأطراف السياسية»: بل هو بالدرجة الأولى مرفوض من الجماهير المتظاهرة، بسبب وجود شبهات تكاد تكون مؤكدة في ممارسته الفساد، علاوة على مسؤوليته عن قتل المتظاهرين في البصرة.
«إننا في تحالف البناء وإذ نجدد التزامنا التام بالسياقات الدستورية التي تؤكد عليها المرجعية الدينية العليا»: هل ما زلتم تدعون التزامكم بالسياقات الدستورية، وهل ما زلتم تتاجرون بالمرجعية، بعدما أعلنت بوضوح وقوفها مع المتظاهرين، وبالتالي وبالضرورة وكحاصل تحصيل، أعلنت عن رفضها لكم، بسبب رفضكم من المتظاهرين؟
«يعني دفع البلاد إلى الفوضى التي لا تخدم سوى الجهات الأجنبية التي تتربص الشر بالعراق وشعبه»: أي دولة بالله عليك هي أكثر تربصا بالعراق شرا من جمهوريتك الإسلامية، التي تقدم بكل تأكيد ولاءك لها على الولاء للعراق؟
«الذي يرفض بقوة الإملاءات من أية جهة كانت»: نحن معك إذا في رفضنا لإملاءات أمريكا وإسرائيل والسعودية، في حال حاولت أي من هذه الدول فرض إملاءات على العراق. لكن لماذا تقبلون فقط بإملاءات الجمهورية الإسلامية وعلي خامنئي وقاسم سليماني؟ ألأنكم تعتبرونها إملاءات شرعية ولائية واجبة الطاعة، يدخل من عصاها نار جهنم خالدا فيها، كما حكمت على رئيس الجمهورية بإدخاله جهنم، حسب الآية التي استهللت بها بيانك؟
«مخالفة الدستور ورفض تكليف رئيس الوزراء وفق السياقات الدستورية سيؤدي إلى نتائج تتنافى مع مطالب المتظاهرين وعموم الجماهير»: أنتم آخر الحريصين على تلبية مطالب المتظاهرين، فعلى رأس مطالبهم تنحيكم عن السلطة.
«لتبدأ عملية تنفيذ مطالب المتظاهرين السلميين»: أنتم وأحزابكم الشيعسلاموية كالدعوة وبدر والعصائب وكذلك الحكمة والفضيلة آخر من يريد تنفيذ مطالب المتظاهرين، وعلى رأسها إنهاء الفساد المالي ومقاضاة الفاسدين واسترجاع الأموال المسروقة، إنهاء دولة المكونات لبناء دولة بدلا عنها المواطنة، إنهاء تسييس الدين والمذهب والمقدسات والمرجعية والمتاجرة بها، إنهاء المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية، إنهاء الطائفية السياسية. أخبرني بالله عليك، من ارتكب كل ما ذكر غيركم؟
بكل تأكيد ليس برهم صالح وحده، بل أنا أيضا عندك مشمول بما عنيته بالآية التي بدأت بيانك بها «وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحيطَةٌ بِالكافِرينَ»، حيث تقصد الكافرين بكم وبأحزابكم التي آذت العراق لستة عشر عاما مضت. وبالتالي كل الذين رفضوا أسعد العيداني سيدخلون جهنم حسب حكم العامري، ورفاقه الخزعلي والمهندس والمالكي، لأنه مرشح سيدهم سليماني، ورفضه هو أكبر الكبائر عندهم وعند ربهم خامنئي.