23 ديسمبر، 2024 3:11 م

العالم يقف حاليا كشاهد زور امام الحرب الإبادة التي تستهدف المواطنين في العراق ..!

العالم يقف حاليا كشاهد زور امام الحرب الإبادة التي تستهدف المواطنين في العراق ..!

إن من بين القضايا الجوهرية التي انحرفت فيها امتنا العربية كان سببا لان تهوى الأمة العراقية من عليائها وتهبط من مقام السيادة والريادة والقيادة لتصبح ذلك الغشاء الذي تتداعى علية الأمم من كل جانب . إن هذه القضية المصيرية هي من أهم القضايا التي خلفت الخلائق من اجلها اندثار تاريخ العراق المجيد المعطر بدماء الشهداء الأبطال . وقليلون هم الذين توقفوا عند الأرقام الصادمة التي تحصي عدد الشهداء في العراق الجديد نتيجة للاحتلال الأمريكي ، بينما التزم الكثير من المثقفين و السياسيين العراقيين الذين أيدوا وساندوا الغزو الصمت المطبق وكأن هؤلاء الذين قتلوا ، وفاق عددهم أكثر من مليوني مواطن ، ليسوا من أبناء جلدتهم ناهيك عن كونهم بشراً عرباً ومسلمين . هذا الرقم مرعب بكل المقاييس ، لأنه يعني أن واحداً من كل عشرين عراقياٌ قد استشهد ، أي ما يعادل 4.5 في المائة من أبناء العراق . وإذا قدرنا عدد الجرحى بأربعة إضعاف هذا الرقم على اقل تقدير فان الصورة تبدو مأساوية. تخيلوا لو قتل 4.5 في المائة من الشعب الأمريكي إي 14.5 أكثر من خمسة مليون مواطن ، أو النسبة نفسها من الشعب البريطاني إي ثلاثة مليون وربع المليون . ولعل ما هو اخطر من نتائج هذه الدراسة وأرقامها استمرار عمليات القتل بمعدلات يومية تقترب من مائتي شخص . ما يجري في العراق حرب إبادة تخوضها الحكومتان الأمريكية والإيرانية ، وبعض المتعاونين معهما من العراقيين لإفناء الشعب العراقي ، وتدمير بلاده بالكامل ، وتقطيع أوصالها، حتى لا تقوم للعراق قائمة لعدة قرون قادمة. وحتى نقرب الصورة أكثر لفهم إبعادها، نذكر بان عدد الشهداء من العراقيين من جراء هذا الغزو الأمريكي الوحشي يبلغ ضعفي نظرائهم اليابانيين الذين سقطوا ضحايا قنبلتي ناغازاكي وهيروشيما النوويتين في نهاية الحرب العالمية الثانية ، الفارق يكمن في تعاطف العالم مع الضحايا اليابانيين ، وغياب إي تعاطف مع العراقيين حتى من قبل بعض أبناء جلدتهم ، من العراقيين والعرب في الحكومة العراقية والحكومات العربية . الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن سارع إلى التشكيك بمثل هذه الأرقام ، ومصداقية المجموعة البحثية التي عكفت على إعدادها ، وخاطرت بأرواحها وسلامتها ، عندما زارت أكثر من إلفي أسرة عراقية في طول البلاد وعرضها ، وكأن هؤلاء ينتمون إلى جامعة عربية من الدرجة العاشرة ، وليس لجامعة جون هوبكنز الأمريكية المحترمة التي تعتبر واحدة من أهم عشر جامعات على مستوي العالم بأسره . فإذا كان الرئيس الأمريكي يشكك بنتائج هذه الدراسة ، ويري مبالغة فيها ، ويتمسك برقم . الألاف القليلة من الشهداء ، فليفسر لنا أسباب عدم إجراء حكومة بلاده إحصاءات دقيقة لعدد الشهداء العراقيين ، وهي التي توثق ، بدقة متناهية ، إعداد وأسماء القتلى والجرحى الأمريكيين بشكل دوري . نحن نعرف هذه الأسباب جيداً ، فالعراقيون ، وكل العرب والمسلمين الآخرين ، لا يعتبرون بشراً في نظر الإدارة الأمريكية الحالية ، وحتى إذا اعتبروا بشراً في نظرها ، فإنهم من درجة متدنية كثيراً بالمقارنة مع نظرائهم الأمريكيين والغربيين . لا احد يريد في هذه الإدارة ، أو المتواطئين مع عدوانها ، خاصة من العراقيين والعرب ، إن يعترف بالنتائج الكارثية التي تحدث حالياً في العراق ، حتى لا يقال أن العراق في زمن الرئيس الراحل صدام حسين كان أفضل كثيراً مما هو عليه الحال الآن . فهؤلاء على استعداد إن يذبح الشعب العراقي بأسره على أن يتم الاعتراف بهذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس . ومن المؤسف أن كل شخص ، خاصة من المعسكر العربي الرافض أساسا لهذه الحرب، يحاول أن يصرخ مذكراً بالوضع الآمن والمستقر الذي كان عليه العراق قبل الغزو والاحتلال ، رغم الحصار التجويعي المأسوية ، يتهم فوراً بأنه عميل للديكتاتورية ، ومساند للمقابر الجماعية ، وهي اتهامات إرهابية أخرست الكثيرين على مدى الأعوام الأخيرة . دلونا على مقبرة جماعية واحدة مثل تلك المقبرة الجماعية التي ارتكبتها أمريكا وحلفاؤها في العراق وبلغ ضحاياها حتى الآن أكثر من مليوني عراقي بريء . أو المقبرة السابقة التي ضمت رفات مليون ونصف المليون عراقي سقطوا نتيجة الحصار الظالم وغير الإنساني والقانوني الذي فرض تحت أكذوبة كبرى اسمها أسلحة الدمار الشامل ثبت بالأدلة القاطعة ، وتقارير الكونغرس نفسه بطلانها. القوات الأمريكية لم تعد قادرة على حماية نفسها في الدول العربية ، فكيف ستحمي الشعب العراقي الذي تعتبر حمايته ، وأمنه ، من مسؤوليتها بمقتضي اتفاقية جنيف الرابعة  . الوجود الأمريكي في العراق بواسطة ما يسمى بالسفارة الأمريكية بات مصدراً لإثارة الصراع ، ومنع أي أمل بالاستقرار وإذكاء نار الحرب الأهلية الطائفية حسب أقوال 80% من العراقيين في استطلاع أجراه قسم العلوم السياسية في جامعة ميريلاند الأمريكية بعد اشعال الفتنة الجديدة بين حكومة بغداد واهل الانبار ، ومع ذلك يصر الرئيس اوباما على استمرار هذه القوات في العراق لحماية السفارة الملعونة ، ويري ان العراق والعالم باتا في أفضل حال وأكثر أمانا . العالم يقف حالياً كشاهد زور إمام حرب الإبادة التي تستهدف المواطنين في العراق ، وربما يفعل الشيء نفسه إمام حرب أخرى مماثلة تستهدف دولة جديدة في الشرق الأوسط . فالأساطيل الحربية الأمريكية تتدفق الي الخليج وبحر العرب ، والمناورات العسكرية بدأت ، والعد التنازلي لتدمير بلد آخر، وربما المنطقة بأسرها نتيجة له ، قد بدأ أيضا . العرب والمسلمون يريدون الحرية فعلاً ، ولكن الحرية من أمريكا وتدخلاتها في شؤونهم بمثل هذه الطرق الدموية والتهجم على رمزنا وقائدنا ومعلمنا رسولنا الكريم وعرض أفلام لا تليق بدولة مثل أمريكا .