23 ديسمبر، 2024 7:02 ص

العالم الفيزيائي (جيم الخليلي) العراقي الأصل ، رمز نفخر به

العالم الفيزيائي (جيم الخليلي) العراقي الأصل ، رمز نفخر به

معظمنا شاهد الحلقات العلمية الشيّقة على قناة الجزيرة الوثائقية ، وناشيونال جيوگرافيك أبو ظبي ، التي قدمها لنا هذا العالم الفيزيائي المرموق والموسوعي ، والذي يمتاز بأسلوبه السلس والمَرِح ، وأستخدامه لأدوات مبسطة ، لأيصال المعلومات الأشد تعقيدا الى ذهنية المشاهد العادي ، له بحث وثائقي تلفزيوني كبير بعنوان (العلم والأسلام) ، والذي بذل فيه مجهودا كبيرا من أنتاج تلفزيون (BBC) ، بشكل جعلني أتفاجأ ، من مدى التقدم العلمي عند العرب منذ ألف عام ، فقد قدم معلومات لم تتطرق اليها مكتباتنا وكأنها مصابة بفقر الدم رغم كونها تمثل عقر ديارهم ، أو بسبب قلة تداولنا لهذه المعلومات لأننا مصابون بعسر هضم الكتب ! ، وهذا يعكس مدى التدهور الثقافي المخيف للعرب ، ففي تقرير صادر عن (مؤسسة الفكر العربي) المصرية عام 2011 ، بينت أن معدل قراءة المواطن العربي للكتب هو 6 دقائق سنويا ، بالمقارنة مع 200 ساعة  للمواطن الأوربي ! ، وأن ما يتم أصداره من كتب في الدول العربية مجتمعة في السنة الواحدة ، تعادل 6% مما يصدر في أمريكا وحدها ، والنسبة لا تزال في هبوط ! .
قدّم (جيم الخليلي Jim Al Khalili)  لنا أسماءً مجهولة لنا لعلماء عرب ، لكنها معروفة جيدا للغرب ! ، وهو بذلك قد عرّف العالم من خلال تلك المؤسسة الأعلامية المرموقة على فضل العرب لتطوير مختلف العلوم ، لتصل لأوربا ، وهو بذلك قد تفوق على الف (روزخون) وواعظ !.
جيم الخليلي أو (جميل صادق الخليلي) من مواليد بغداد عام 1962، البروفيسور في الفيزياء النظرية والحاصل على الدكتوراه في اختصاص الفيزياء النووية ، في قسم الفيزياء في جامعة (سوري Surrey) في بريطانيا ، وهو من أب عراقي وأم بريطانية ، وقد ترك البلد مع عائلته في أواخر السبعينيات ، قدم لنا فكرة عن العالم المجنون لفيزياء الكم ، المفصل بين عالم الحقيقة والخيال ، واليقين والشك ، والمنطق واللامعقول بل المادة واللاشيء ، وهو أعلامي ومقدم لبرامج علمية اذاعية وتلفزيونية في بريطانيا ، ومؤلف لعدة كتب ، والحاصل على عدة جوائز .
تُرى ماذا كان ليحصل لو لم يغادر (الأستاذ جميل) البلد ؟ ، ربما لأنتهى به المطاف كأحد ضحايا الحرب العراقية – الأيرانية ، وربما لن تتح له الفرصة للأرتقاء الى هذه الدرجة من العلم ، لأن طالب السادس الأعدادي ، تقرر مصيره فرصة واحدة ، أو ربما لأنتهى به المطاف مسجونا في الأقبية الصدامية ، وٳن كان محظوظا ليرى الشمس ثانية ، فسيخرج وهو يجول الشوارع حافي القدمين بجلباب متسخ وممزق وشعر أشعث ، مثل العالم العراقي البروفيسور خريج جامعة (كامبردج) ، أستاذ الكيمياء (حميد خلف العكيلي) ، أي تعذيب هذا الذي تعرض له فأفقده عقله ؟! ، ورغم حاله ووضعه ، ٳلا أنه لا يخذل التلاميذ الذين يلجأون اليه ، فيدرّسهم في الشوارع ، بيد يحمل سيكارة ، وبالأخرى القلم ، وهذا ما تناقلته مواقع التواصل الأجتماعي ، دون أن تنصفه حكومة العراق الجديد ! ، التي لو أدركها السيد (جميل الخليلي) ، لأنتهى به المطاف مخطوفا ، أو قد يتعرض للأغتيال ، كما حصل مع عالم البيولوجيا العراقي (حازم الدراجي) والذي لديه عدة أوسمة وشهادات تقدير أوربية ، والعراقي الوحيد العضو في (الأتحاد الدولي للمخترعين) بسبب حريق غامض ، وباحسن الأحوال ، سيكون (ألسيد الخليلي) ، استاذا في العراق الجديد وقد قُتلت فيه روح البحث لعدم توفر المختبرات ، مع فقر المصادر العلمية وقدمها ، وستتقيد حركته ، لأنه يعلم أنه هدف محتمل للأغتيالات ، وسيصطدم دوما بشعار (التقشف) ، وسيترأسه (دكاترة) من أصحاب الشهادات المزوّرة ، أو من أعضاء أكثر من 100 حزب ، ابتلى بها البلد وسممت ارضه ، فلفظت هذه الكفاءات العالية ! ، فهنالك بحدود 100 عالم عراقي في الفيزياء النووية وشؤون الطاقة في الأردن وحدها ، يتقاسمون شظف العيش ، ويعملون كباعة !..
يكفي أن نعلم ، أن جهات صحية بريطانية أعلنت ، أن هنالك ما لا يقل عن 5000 طبيب عراقي من ذوي الأختصاصات العالية في (لندن) وحدها ، ولو عادوا جميعهم الى بلدهم ، فستحدث أزمة صحية في لندن ! ، ووزير الصحة البريطاني عام 2007 ، هو البروفيسور (آرا درزي) ، الأرمني العراقي الأصل ، والذي حصل على لقب (لورد) من ملكة بريطانيا ، فأيةُ قوة ظلامية تعمل على أفشاء الجهل ومحاربة العلم ، وبعدة أدوات ، أحدها وأكثرها فعالية ، الحكومة التي جسّدت المثل العراقي في طريقة تعاملها مع العلماء ، هذا إن تعاملت : (جوهرة بيد فحّام) !.