كان يحمل صورتها أين ما يذهب في حقيبته الجميلة ، تلك الحقيبة التي هي جزء لا يتجزأ من شخصيته المرحة والطيبة ، شخصية الشاعر والانسان العاشق الذي هام بحبها الى أعلى المراتب وكان حبا أبديا خالدا حتى بعد مماته !
لقد ذاب في عشق تلك المرأة التي يكتب لها رسائل الحب الكثيرة والقصائد الجميلة وقاس من عذاب الحب وآلامه لكن المرأة كانت تبخل عليه حتى بنظرة بسيطة قد تدخل الأمل الى قلبه وينفجر فرحا من شدة الحب ! لم تفعل ، ويا ليتها علمت كم تعذب من أجلها وبكى بسبب حبها البائس .
حسين الحسيني الشاعر والكاتب الذي غادرنا قبل سنوات بألم وحسرة كما فارقنا العديد من الأحبة والاصدقاء جراء ما حدث ويحدث في بلادنا المنكوبة منذ عقود من الزمن ، البلاد التي دخلت الى انفاق مظلمة ودهاليز معتمة لم تعرف الخروج منها وظلت تسبح بدماء ابنائها ، لقد كانت فترة الحصار على العراق بعد دخول نظام صدام الى الكويت عام 1990 صفحة مؤلمة بتاريخ الشعب العراقي وصفحة خزي
وعار على تاريخ الأمم المتحدة وكل دول العالم وبخاصة العربية منها ! كان موت الاطفال بالجملة بسبب نقص الحليب والدواء !
ويوم كنا في عمّان / الاردن والحصار في أشده كان وضع حسين الحسيني المادي حرج جدا كما أغلب الادباء والصحفيين داخل العراق وقد أرسل من بغداد الى عمّان بطرد مغلق بيد احد اصدقائه وكان الطرد مرسلا باسمي ومن ضمنه رسالة ليّ ، يحثني فيها على نشر ما في داخل الطرد وابعث له مكافأة المادة ، الطرد كان عبارة عن حوار بسبعين صفحة كان قد اجراه مع علي الوردي والأجمل ان الحوار بخط حسين الحسيني كل أسئلته واجوبته بخط علي الوردي ! تحدث الوردي في الحوار عن مجمل افكاره وطروحاته التي قرأناها في كتبه الكثيرة ، كان حوارا شاملا رائعا ومهما ، حدثت البياتي وقتها عن الحوار وعن وضع حسين الحسيني البائس في الحب وعشقه لتلك المرأة ! فضحك البياتي وتحدث عن المرأة بطيبة ،
لكني عندما حدثت البياتي عن وضع حسين المادي البائس ، بكى ابو علي البياتي على أبي علي حسين الحسيني ، وقبل ان ينشر الحوار بعثت له مكافأة الحوار التي كانت في ذلك الوقت جيدة جدا .
اليوم وانا أرتب بمكتبتي التي عانت بسبب الترميم ، وجدت الطرد الجميل الذي أرسله لي حسين الحسيني قبل عشرين عاما من بغداد الى عمّان وفيه الحوار الرائع مع عالم الاجتماع الكبير علي الوردي وبخط يد علي الوردي الذي كانت اسئلة الحسيني تشاكسه وهو يشاكسها في أجوبته حتى أن آخر سؤال كان من قبل الحسيني حسين وهو يقول للوردي : سل نفسك سؤال وأجب عليه ؟ فيجيبه الوردي قائلا : لا أسأل ولا أجيب واستعين بالله والقراء عليك !
رحل حسين الحسيني الشاعر العاشق الذي لم يفرح بعشقه ولم تدخل الفرحة الى قلبه المسكين !
سلاما لروحك العذبة المتسامحة وذكراك العطرة يا اباعلي ( حسين الحسيني ) ! ،