لايحمل الوجود الكوني في كينونته الحالية اي افق بالخلود وهذا الهدف الفطري كان دائما عنوان كل تراث البشرية واساطيرها وحكاياها ونبض تطلعاتها .ومصير كائنات هذا الوجود ومنها بالطبع الكائن البشري هو العودة الى عالم الاخرة حيث تتجلى هناك عوالم الثبات والخلود وتتجسد فيها كل الاحلام المثالية والنوعية.والانتقال البشري في عوالم متعددة الوجوه والاشكال هو نوع من طبيعة الحركة الكونية ونوع من الامتثال للحركة الوجودية باسرها. كما ان الخلود هو التجسيد الفطري لوجود هذه الكائنات وهذا هو منطلق حركة الانتقال الموجي التي اودت بادم وحواء(عليهما السلام) لان يغادرا مكانهما الجنائني ويهبطا بتحولهما الجديد الى كوكب الارض او عالم الدنيا وهو عالم مجتزأ من الدونية الزمنية والدونية الحياتية وحتى الفكرية. الدنيا هي شكل سرابي في ظاهره المرتسم على لوحة الوجود الاني ولكن في حقيقته قد يتحول الى رصيف روحي ينقل قدرات الانسان النورانية ورسالته الايمانية الى اكوان الرسو الحقيقي عند نقطة الارتكاز التعادلي الكوني. كل الظلال الكونية تتقاطع في نسقها الروحي عند نقطة التواجد الزمني والمكاني المرحلي لتنبعث من جديد في شكلها الهلامي لتعود الى نقطة المنشأ.الموت قد يكون ذلك الكابوس المرعب لدى البعض الا انه في واقعه مجرد شكل تحولي للتجرد من اللباس الجسدي والارتقاء الى حالة الجذوة النورانية الحقة وعليه يكون التحول (الموت) هو مجرد نقل لشكل الوجود الكائني الحراري من شرنقة الجسد الارضي الى نفحة الخلق الحقيقي للوجود السرمدي .ومن هذه الحقيقة فكل ما على هذا الكوكب الارضي هو قبس متدني من الوجود الازلي النوراني وهو انعكاس ضئيل للحالة الوقتية التجريبية لحركة الكائنات وذبذبتها التوالدية الموجية . هناك كائنات تعطي للموت طابعه التوهجي للعودة الى الشكل الحقيقي للروح لدرجة ان بعضها يتحول الى كينونة او حالة الموت بمجرد ادراكها انها قد انجزت دورها المطلوب في وجودها او حياتها الكوكبية فهي تلجأ كدودة القز الى خلع شرنقتها والانطلاق الى عالمها المتسامي الجديد . وعليه يمكن القول ان الموت هو بعد وجودي انتقالي يخضع تارة لعوامل الزمن والمكان اضافة الى عوامل التحلل الطبيعي للحالة الشكلية للتجسد المادي .بيد ان الروح هي التلاصق النوراني لكل ابعاد هذا الكون باعتبارها انعكاس للوهج التكاملي للفيض الالهي ولارادته وكينونة النفحة الازلية الواجدة لكل هذه الاشياء وهذه الوجودات وهذه المكونات المترابطة في ظل وحدانية الخالق ووحدة خلقه الرائع المتفرد بكل ابعاده ومعالمه التجسدية.