طالَعتُ قبل أيام كتاباً أثار فضولي كثيراً لما يحويه من قصص وعِبر، منها ما أبكتني كثيراً ومنها ما أخافتني أيضاً، يتحدث الكتاب عن بعض الأشخاص ممن توفاهم الباري عز وجل وبمشيئته يعودون الى الحياة، بعضهم من كان على شفا القبر، والآخر من عاد الى أهله بعد ساعات من دفنه، ومنهم من يعود بعد يوم أو أكثر وهكذا. وقد قرأت قصة من قصصه العديدة التي لها مدلولات كبيرة ومطابقة لما يجري في أيامنا هذه، مفادها أن رجلاً توفاه الله سبحانه وتعالى، وبعد وضعه في القبر أحسّ الرجل بمسامير طويلة أدخلت في جانبيه مليئة بالنار والمقاريض لا تعد ولا تحصى، وقد صرخ صرخة أجلسته على أثرها من القبر ونهض مهرولاً نافضاً التراب عن وجهه، وتبين أن سبب وفاته كان سكتة قلبية لا غير، وقد عرف بعد ذلك أن ما حدث له كان بسبب ديون لبعض الناس عليه لم يتمكن من تسديدها بسبب الوفاة المفاجئة، أو قد أخذها منهم بطرق غير شرعية. وحينما عاد الى بيته في اليوم التالي، بعد أن تعالت الصيحات والابتهاجات بعودته وقصّ لهم ما جرى له، وأراد أن يعرّفهم بمن له دين عليه توفي في الحال وبقي سره عند الله سبحانه وتعالى.!
هذه القصة وغيرها أثارت في نفسي ونفوس ممن قرأ ذلك الكتاب من الشعب العراقي تساؤلاً، هل يستطيع أعضاء البرلمان العراقي والوزراء أو الحكومة العراقية الذين سمحوا لأنفسهم سرقة المال العام للشعب العراقي مع الشركات الوهمية التي تتعاقد معها الدولة بدءً بالمشاريع التي لا تكتمل وانتهاءً بتهريب ملايين البراميل من نفط الشعب الى الخارج أن يتعظوا من ذلك! بل أن بعض المقاولين – في عهد أمين بغداد المستقيل والمستريح من المساءلة القانونية لم يستطيعوا إكمال المشاريع المسؤولين عنها بسبب انهاء السلف المخصصة لها، فطلب أحدهم مبلغاً اضافياً فأحالوا له مناقصة لمشروع آخر على أن يكمل مشروعه به، فلا أكمل المشروع الاول ولا الثاني، وبقي الاثنان حتى الآن ينتظران رحمة الامانة.
كل هذه التفاصيل وغيرها، ماذا سيقول هؤلاء لأنفسهم لو قرأوا كتاب “العائدون من القبور” وما فيه من قصص وعبر لمن سرق ديناراً واحداً أو بيضة من جاره دون علمه أو أكل تمر من بستان دون علم صاحبه أو …أو!! ماذا سيقولون بالله عليكم؟!
[email protected]