10 أبريل، 2024 7:03 ص
Search
Close this search box.

الظلم في العراق 5

Facebook
Twitter
LinkedIn

بدأ مشواره في الوظيفة طبيعيا بعد التدريب الذي كان لزوما عليه أن يقوم به في جميع دوائر الوزارة، ولكونه حديث عهداً في الوظيفة ومع هذا كان يقضي جزءاً من وقته في التدريب وجزءاً آخر يعود فيه للدائرة التي تنسب فيها، لينجز عمله الذي كان عبارة عن واجب يمليه عليه ضميره وحبه لوطنه، وليس أحد من رؤساءه، فدافعه الذاتي هو الذي يحركه ليعمل بما يراه ضرورياً، وليس أوامر ذاك أو تلك، فهو لم يكن عملا روتينياً. ومع العمل الوظيفي هناك مسؤوليات تقع على عاتقه إكمالها، فملفات كثيرة شائكة باتت معطلة بفعل الفساد وأخرى اضحت شبه ميتة بحكم غيابه عن الوطن، وكان واجب عليه أن يبث الروح فيها من جديد، حيث وجد اللامبالات والمحسوبية والروتين والفساد حلقات تضيق عليه إتمام عمل ملف واحد بيسر. كانت متابعته لملفه في اللجنة الخاصة للسجناء والمعتقليين السياسيين والتي اُحيل إليها من مؤسسة السجناء السياسيين بالبصرة بعد صبر وانتظار امتد من عام 2009 وحتى العام 2016 تمثل له معركة حقيقية مع ادوات تلك الحلقات. فمرة تضيع بفعل فاعل ورقة مهمة من ملفه وتتحجج إدارة مؤسسة السجناء بنقص في الملف ولا تتم إحالة ملفه للجنة، ومرة أخرى تكون الحجج واهية بسبب الضحك على الذقون، معللة الانتظار الطويل بالمحسوبية والمجاملات من ذاك الحزب او تلك الكتلة.
سنة كاملة ، بأشهُرها الاثناعشر، قضاها صاحبنا بالسفر من السويد الى العراق، سفرة كل شهر حتى استنزف جميع ماله وبات مديوناً معوزاً. تلك السفرات كانت بمثابة مواعيد عليه ان يحضرها امام اللجنة الخاصة وان ينفذ ما مطلوب منه اثناءها من جلب الشهود والوثائق التي تحتاجها اللجنة من بعض المؤسسات الحكومية أو ما لديه من ادلة ثبوتية تفيد مجرى التحقيق كونه معتقل سياسي في نهاية الثمانينات من القرن الماضي. أمتدت الفترة الزمنية لحضوره امام اللجنة لاكثر من عام وحتى بعد مباشرته في عمله لاشهر، مما كان يضطره للسفر من بغداد الى البصرة كل اسبوع. وفوق هذا وذاك كان لزاما عليه تحمل جهالة اعضاء اللجنة الذين كانوا كأنهم يعيشون في قصر عاجي وهم غير مستشعرين بصعوبة أن يتذكر الخمسيني تواريخ مضت من حياته قبل ثلاثين عاما. تلك السنين كانت قد مرت بمحطات مؤلمة واحداث قاهرة وصعوبات شتى لا تعد ولا تذكر لكثرتها، وشدة آلامها في نفسه التي لم تهدأ يوما ما، فمن انتكاسة الى أخرى، ومن صراع مرير مع الزمن وأهل الباطل إلى معارك الحياة البشعة، وهو صبورا ومتجلدا بالصبر والامل والتوكل على الله.
سألوه في باديء الامر عن إنتماءه السياسي في الوقت الحاضر ، وأعتبروها مجاملة، رغم إنها كانت تجاوزاً وقحاً على شخصه وخصوصياته وعلى مسار وحرمة عملهم الذي يقتضي عدم الخوض في مثل تلك الامور، غير إنه لم يفهم ماهي الغاية من مثل ذلك السؤوال. وبعد أن قطع مشوارا طويلا معهم في حضور المواعيد وسمع الكثير من القصص عنهم، عرف مغزى سؤوالهم ذاك، حيث أنهم كانوا يحسبون ألف حساب لمن كان ينتمي لتيارات لديها سطوة على الوضع السياسي ويشكلون بقوة التهديد والسلاح خطراً على حياتهم وعوائلهم، ولهذا كان يدفعهم فضولهم لمعرفة حقيقة انتماء كل شخص يقع ملفه في ايديهم. وصل مسار التحقيق معه الى نهايته بعد ان أستدعى أعضاء اللجنة أربعة شهود شهدوا جميعهم بوجوده في المعتقل معهم، إما قبلهم او بعدهم في المعتقل. وتلك كانت ايضا حركة غير قانونية من قبل اللجنة، لانهم مُلزمون بضرورة استدعاء شاهدين فقط حسب التعليمات، لكنهم لم يكتفوا بأثنين، مما زاد عليه المصاعب في إيجاد أربعة ممن كانوا معه، لأن معظم الذين كانوا في المعتقل تشتتوا في بلدان المهجر وضاعت عليه أخبارهم وصعبت إن لم تستحيل عليه الحيلة في ايجاد وسيلة اتصال بهم، ومع هذا توفق في إحظار الاربعة. وفي نهاية المشوار تفاجأَ بقرارهم الذي لم ينصفوه فيه، وهو أنهم قد حصلت لديهم البيَنة على اعتقاله ووجوده في المعتقل، لكنهم لم يتمكنوا من أحتساب فترة اعتقاله كمعتقل سياسي متعللين بصغر سنه عشرون عاما..!!!!!!!!!!!!!!!!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب