22 ديسمبر، 2024 7:38 م

حمد الله سبحانه وتعالى على هروبه من قبضة الاجهزة الامنية الصدامية المجرمة حينما وصل الاردن فجراً في شهر آب بعد ساعات من وصول المجرم المنشق حسين كامل، ليبدأ رحلة الغربة والتنقل التي استمرت من العام 1995 وحتى عودته لأول مرة للعراق عام 2006. لم يكن في حساباته أنه سيعود لبلده يوما من الايام، لأنه كان يعتقد أن زوال ذلك النظام ضرب من الخيال. ترك الاردن ليبتعد عن هاجس التسفير ومخاطره، فقرب الاردن من العراق ولجوء حسين كامل للاردن أفرز تباينا في طبيعة العلاقات بين البلدين، مما جعله يحث السعي للانتقال الى بلد آخر أكثر امنا وابعد جغرافيا، فأنتقل ليعمل مدرسا في ليبيا.
مرت سنين من عمره وهو يحلم بالعودة للعراق ولكن دون جدوى، فقرر مرة أخرى الانتقال وكان هذه المرة يخطط بهدوء بعد أن اعيته تجارب الفشل في اللجوء الى أوروبا، فأنتقل ليعيش مع أسرته هذه المرة في تونس. هناك عمل ايضا بالتدريس. وفيها عرف أن صدام قام بطرد وزير التربية بسببه. أنتقل مرة أخرى الى بلد آخر، حيث تتطلب خطته أن يعبر هو واسرته من المغرب الى اسبانيا براً عبر سبته، آخر تراب عربي يقع على المحيط الاطلسي والبحر المتوسط هناك ترك جواز سفره العراقي وديعة عند المرأة العجوز التي أستأجر عندها. أحتاج هذا الجواز للسفر من مدريد الى ستوكهولم، ومع هذا تمكن من السفر بالتذكرة فقط ليصل مضطرا الى السويد التي وجد نهارها يطول ليمتد في الصيف الى أكثر من اثنتا وعشرين ساعة. وفي السويد شارك في المظاهرات التي كانت تخرج منددة بإجرام نظام صدام أمام السفارة العراقية، على الرغم من بعد سكنه عن العاصمة ستوكهولم. وتدور الأيام ويسقط النظام واذا به يعمل متطوعا في نفس السفارة ولمدة سبعة شهور على التوالي. في ذلك الحين، كانت الصورة مختلفة عند الآخرين، خصوصا أولئك الذين يتعجبون من عمله طيلة تلك الشهور بدون مقابل، أما هو فكان شعوره تجاه وطنه وشعبه يحتم عليه مسؤولية وطنية واخلاقية وهو يساعد أبناء وطنه دون تفريق أو تمييز لانتماءهم العرقي أو الديني أو الطائفي. كانت طبيعة عمله في السفارة تحتم عليه الدخول والانصراف في وقت محدد كأي موظف آخر، وكان يخرج من بيته في الصباح الباكر ويخرج الساعة الثالثة بعد الظهر ليجد بأنتظاره رب عمله الذي يكسب منه رزق عياله حيث يعمل حتى ساعة متأخرة من النهار.في غربة السويد، لم ينسى نشر قصيدته السياسية التي كتبها في تونس، بمساعدة حسن العلوي. كانت مسؤولياته كثيرة، فتعددت من أنشغالات سياسية وثقافية واجتماعية الى علمية حيث حصل على الماجستير في تخصصه اللغة الانجليزية. لم تتوقف محاولاته التي كانت هي سبيل أمنياته، بالعودة للوطن، فقدم أوراقه للتعيين في وزارة الخارجية، لكن صبر أنتظار قبوله طال عامين. وعندما حصل على التعيين بعد اجراء مقابلة معه، غبن حقه في أحتساب الدرجة الوظيفية التي يستحقها. وتمر الأيام واذا بالوزير الذي قام بتوقيع أمر تعيينه يزور مكان عمله. لم يشأ عندها أن يطأطأ الرأس لذلك الوزير ويطلب تعديل الغبن بتصحيح الدرجة خشية ان لا يقدر الوزير مطلبه. وكما هي حالته مع وزير آخر حبس عليه حقا ماديا كان له، رغم ان وسائل الاتصال بينه وبين ذاك الوزير كانت متاحة. تعددت مظلومياته في عهد العراق الديمقراطي لتصبح أكبر من عهد الطاغية بسبب فساد الاحزاب التي سيطرت على المشهد السياسي، فكان يكفر بها اشد من كفره بالانتماء الى حزب البعث.