18 ديسمبر، 2024 10:44 م

كنت أظن أن الذي يحبّني سيحبّني حتى وأنا غارقٌ في ظلامي، حتى وأنا ممتلئٌ بالندوب النفسية، حتى وأنا عاجزٌ عن حب نفسي .. سيحبّني رغمًا من هذا ولكن لا ! .. لا أحد يخاطر، كلهم يريدوننا بنسختنا السعيدة .. الظلام لنا وحدنا. (أحمد خالد توفيق)

لفت انتباهي أن هذه العبارة مقتبسة كثيرا مع بعض التحريف لتبدو اكثر خصوصية بمقتبسها، ولا يذكر اسم قائلها، وهذا الأمر أن اخذ بشكل اكاديمي فهو سرقة لحقوق فكرية، وربما تنظر للناقل نظرتك الى السارق، بيد أننا اليوم في واقع معاناة ترك بصمته بقوة على الناس ولما يسلم منه احد وفق ظني، إلا أناس أصلا هي كانت أو أصبحت تعيش على الهامش هاربة من الأيام التي تتوالى وكل يأمل في يوم أو عهد أو حكم آخر افضل من سابقه بيد انه لا يرى إلا الأسوأ وان كان من أهل العهد الجديد، لان الإنسان إن ظلم من غيره فهو مظلوم، بيد انه إن ظلم من نفسه فهو شيطان فقد المروءة درى أم لا يدري والظلم في وصفه قليل؛ هذه العبارة سؤال اكثر من كونها تقرير وحيرة تحتاج جواب ولهذا نجدها منقولة معبرة عن حيرة من تألم في احد روافدها ليعاني الغرق في نهرها مع الاختلاط بالروافد عند تفاقم الأمور.

الحب ليس زرعا بلا بذور

الحب نوع من فاعلية الفؤاد المتماهية مع المنظومة العقلية وان كان حبا عاطفيا وحسب فهو يتفاعل مع الغريزة ويسخر المنظومة العقلية للاستجابة للغرائز، وهذا لا يعني النوع معبرا عن الجنس بل حب السلطة وهي من غريزة حب السيادة، وحب المال من غريزة حب التملك، فترى هياما فائضا عالي الموج بين جنسين، ثم يهدأ وتتلبد الغيوم بلا رياح ولا حراك وتعصف بعد ذلك لتلقي كل شخص في طرف من جزيرة الوهم الذي ظنوه حبا، فيأتيه هذا التساؤل ليتوقف عنده وكأنه حقيقة الجواب.

وقد يهتم الناس بذي المال طمعا في كرمه، ولكن تفسيره هو أن هذه المحبة لشخصه دونما أن يسأل نفسه ما هو المميز فيه ليحبه الناس لذاته، ولو انه سأل نفسه هذا السؤال فهو مميز فعلا، عند تخلي الناس عنه سيذهب الى هذا المنطق بمعناه وان اختلف منطوقه ليقتع نفسه بانه مظلوم وان الناس تتخلى عنه وقت ظلام حاله.

الله تعالى وصف الحب بين الزوجين بالمودة والرحمة، فعنصر الود ثم الحياة والتفاهم والاختلاف وصيغ مواجهة الاختلاف وتعود البعض على الآخر، وان غضب منه فهو لا يفجر أو يفقد الحنان، أو تكون هنالك رغبة في الانتقام ويبقى أمام الواجب تلك القاعدة للصواب ولكن شاذها لا يقل عن ملازمها عندما تهمش القيم، أو تتدنى الإنسانية، والا فهي رحمة، فالمودة تسقى مع الزمن ليكون هنالك التفاهم والواجب والمسؤولية تجاه الرفيق.

صراعات

الحياة دار امتحان فالراحة هدف لا يحظى به احد لكن الأمل من يدفع للعمل، فالكل مشغول في استحصال الاستقرار النفسي والعاطفي والتوازن العقلي والبدن يجهد والفكر يعمل فإما هو محصن بالقيم قائم بها وإما هو مستعمر من الغرائز يخدمها والطريقان بممرات متعددة وسرع متباينة والإنسان ممكن عند أي منعطف وفي أي وقت يتحول من طريق الى طريق ليكمل مسيرة العمر نحو نهايته وينزل لتستمر الحياة تحمل أو لا تحمل منه في الذاكرة، فان تصادف أن يكون دعمك ضمن الطريق فستدعم وتحمل، إما أن شكلت ظاهرة سلبية فستترك وتهجر، فالناس تريد أن تتقدم والإنسان عليه أن يدرك أنالمصائب والملمات من الحياة كل ما في الأمر يضع نفسه في حجمها الصحيح في المرحلة عندها سيجد انه ليس مهملا وليس يعيش الظلام وهو ليس وحده، أما التخلي فهو وارد وحادث لكن صنع نظام للمجتمع كدولة ونظام اجتماعي للعلاقات سيحيط بالسلبيات ويرفعها بالتكافل.

ما لذي يمكن استنباطه:

الحب لا يزول وإنما يتحول شكله، كنت حسنا، فكان تشجيعك ظاهرا، تحولت الى طريق السوء كان دعمك بمحاولة إيقافك، وبذات المنهج يفسر وعلى نجو ما فصلنا الغنى والفقر والقوة والضعف في مسيرة الحياة.

الحقيقة أن من يحسن إدارة هذا ـــــــــ واغلبنا لا يحسنهاــــــــــــ فهو سيعيش الحياة بمرها وحلوها وليس من ظلام، مرة هو يقوم بالواجب ومرة هو من يحظى بالواجب، فالعبارة التي في العنوان هي وصفية ومبرة عن فشل المجتمع بالامتحان وخو ما نراه في المقال التالي لأعمدة الشروق الثلاث