” لا توجد سيطرة على أناملي ، لأنها تتحرك وفق فكري .. كاتب المقال ”
الموضوع :
يبقى معظم النص القرأني قبوله عصيا على العقلية البشرية ، معنى ومضامين وأهداف وغايات .. !! ، لا يمكن لأي مفكر حداثوي حر / تاركين شيوخ المسلمين جانبا ، أن يعرف التعليل والمنطق والعقلانية والسبب .. !! ، التي وضعت لأجله هذه النصوص ، ولكن بنفس الوقت ، أرى بالرغم من التضادد والتقاطع والاختلاف والخلاف بين هذه النصوص ، ولكن هناك صفة وطابع وميزة يجمع معظمها ، وهو أقرارها أن الأسلام هو البداية والنهاية ، وهو الحقيقة الكونية الوحيدة / كالنص التالي ” إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب / 19 سورة آل عمران ” ، وهو الذي لا يمس بثوابته أحد ، وهو الناسخ لما قبله واللاغي لما بعده ، وهو الذي من جهة يعترف بالأنبياء والكتب السماوية ، ولكنه يلغيها ويفندها ويشكك برسلها وينتقد متبعيها وحتى يقوم بتكفيرهم من جهة أخرى ! ، هذا ما أراه شخصيا … فالنص القرأني التالي ، مثال على ذلك النهج :
” قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون / 29سورة التوبة ” ، وتفسير الأية وفق ” الطبري ” : (( قال أبو جعفر : يقول تعالى للمؤمنين به من أصحاب الرسول : ( قاتلوا ) ، أيها المؤمنون ، القوم الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، يقول : ولا يصدقون بجنة ولا نار، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق ، يقول : ولا يطيعون الله طاعة الحق ، يعني : أنهم لا يطيعون طاعة أهل الإسلام ، من الذين أوتوا الكتاب ، وهم اليهود والنصارى .))
القراءة :
أولا – خلاصة النص ، هو ” قاتلوا ” اليهود والنصارى ، وذلك لأنهم ” لا يؤمنون بالله .. ” ، فالنص في ظاهره ، أن سبب القتال هو كفر اليهود والنصارى ، ” لعدم أيمانهم بالله .. ” / علما أنهم موحدون ومؤمنون بالله الواحد ! ، ولكن باطن النص يبين : قاتلوهم لعدم ” أيمانهم بالأسلام ” ، وهنا تكون الأزمة والمعضلة ! ، ولكن النص القرأني في سورة أخرى يضادد مما جاء في أعلاه ، حيث يخاطب النص الرسول قائلا ” نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام / 3 سورة آل عمران ” ، وهنا نلحظ التضادد والتناقض ، فكيف الرسول أن يكون ، ” مصدقا لما بين يديه .. ” ، وبنفس الوقت يقول له ” قاتلوا ” اليهود والنصارى حتى يدينوا بدين الحق ” الأسلام ” !! .
ثانيا – هناك حقيقة يجب ذكرها ! ، وهي لم مقاتلة أهل الكتاب / دون ذكر الصابئة ! ، وليس مقاتلة ، مثلا : المجوس والوثنيين !! ، هذه أشكالية في النص القرأني ، وهو التشديد على مقاتلة أهل الكتاب! / وهم المؤمنين بالله ، دون غيرهم كالمشركين ! .
ثالثا – التساؤل ، لم الربط بين الدفع بالأيمان بالأسلام أو دفع الجزية عن ” يد وهم صاغرون ” ، وجاء في موقع / أسلام ويب ، تفسيرا لهذا النص التالي (( وأما قوله : ( وهم صاغرون ) ، فإن معناه : وهم أذلاء مقهورون . قال للذليل الحقير : ” صاغر ” )) ، أذن لم هذا الأذلال والتحقير لأهل الكتاب وهم بشر مؤمنون ! .
رابعا – النقطة ” ثالثا ” تقودنا الى حقيقة معينة لا بد لنا أن نتوقف عندها ! ، وهي لو كان النص القرأني هو نصا ألهيا ، وأن الله / بديهيا ، هو رب الجميع من يهود ومسيحيين ومسلمين .. ، أذن لم الله في النص القرأني يهين عباده من أهل الكتاب ، يذلهم ويستحقرهم ويهينهم ، في حالة عدم أتباعهم الأسلام ، لأجله أرى أن المتكلم في النص القرأني هو ” ذات ألهية أخرى ” ، غير أله أهل الكتاب !! .
خامسا – لم الله يفرض جزية على عباده من غير المسلمين ، جزاء عدم أتباعهم للأسلام ، والرسول نفسه يساوي بينهم كبشر ، ويرى أن التمايز فقط يكون بالتقوى ، وفق حديثه القائل ” الناس سواسية كأسنان المشط الواحد لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى” ، أذن هناك خلاف بين النص القراني والأحاديث النبوية !! ، والأحاديث كما هو معلوم ، جزءا لا يتجزأ من الموروث الأسلامي .
خاتمة :
الظلال العميقة في النص القرأني ، هي تلك الحدود البنيوية التي تعبر عنها النصوص ، متجاوزة بل هادمة البعد الأنساني للنص / كما رأينا في أعلاه – سورة التوبة أية 29 مثلا ، هذا أولا ، وبنفس الوقت ، تقدس هذه الظلال النص القرأني ، معتبرة أياه ، الحقيقة الكونية المطلقة والوحيدة في الحياة الدنيوية والأخروية للبشرية ، هذا ثانيا ، وهذا الأمر يجعل من حقائق النص ، أن تتوقف وتتجمد في اللحظة التأريخية والمكانية لهذا النص هذا ثالثا . أذن نحن بموجب النص القرأني ، ألغينا كل الحقائق الماضوية ، ونكرنا كل ما يستجد وما سيستجد من حقائق آنية ومستقبلية .. مما سبق أرى أن المعتقد الأسلامي يتحرك / وفق بنية هذا النص ، في لحظة البداوة والقبلية والعصبية ذاتها التي وجد بها النص القرأني ، أي في زمن حقبة ” الدعوة المحمدية ” ، وهذه كارثة حضارية وأنسانية معا لمفهوم التطور! .