7 أبريل، 2024 9:02 ص
Search
Close this search box.

الظاهرة الحركية الاسلامية الشيعية والحركية الاسلامية السنية

Facebook
Twitter
LinkedIn

المقدمة :
لابد من التنويه في البداية على ان الموضوع الذي سنتحدث عنه هو من المواضيع الحساسة والخطيرة في نفس الوقت وذو تأثيرات استراتيجية طويلة الامد في منطقتنا والعالم لانه يتعلق بالاسلام نفسه وقيادته للحياة ان صح التعبير .. فالانطلاقة الاسلامية الحركية لتولي القيادة والسلطة تختلف عن المراحل التي تسبقها وهي تختلف ايضا عن  مراحل تشكل الاحزاب او تكون التنظيمات الحركية الاسلامية ونشاطاتها وامتدادها الجمياهيري وصراعها مع انظمة الحكم المختلفة وكذلك يختلف عن مرحلة التنظير الفكري وتعدد الاراء والافكار التي كانت تطرح حول كيفية قيادة المجتمع باموره المختلفة سياسيا واقتصاديا وثقافيا واداريا وعسكريا وغيرها من الجوانب الاخرى ..  وحديثنا سيكون مقتصرا على تولي السلطة من قبل الحركات الاسلامية السنية والشيعية او قيامها بالثورات وتغيير انظمة الحكم واستلامها السلطة وكيف تعاملت هذه الحركات مع بعضها البعض قبل استلامها السلطة وبعدها وكيف تعامات مع واقع بلدانها وواقع الامة ومع اعدائها . وحتى هذا الموضوع لايمكننا تغطيته  لانه يحتوي على عدة محاور وقضايا متعددة  ولذلك سناخذ منها ما يتعلق بالاوضاع الراهنة وما يحدث فيها وتداعيات تلك العلاقة مابين مواقع القرار الاسلامية الحاكمة على منطقتنا .. ولكن قبل التطرق لهذا الموضوع فان هناك العديد من الاسئلة  تطرح الان في مجتمعاتنا حول المرحلة التي نعيشها الان ودخول الحركات الاسلامية لمواقع السلطة في بلداننا المختلفة وما هو اختلافها عن التي سبقتها وما هي المسئوليات الملقاة على عاتقها نود الاشارة للبعض القليل منها , واذ نتكلم عن التغيير والحراك الثوري او الديمقراطي الذي شهدته وتشهده المنطقة وطابعه الاسلامي فهذا لا يعني  الحركات التكفيرية والارهابية وما تقوم به من اعمال وتدعو له من افكار فهي ليست من الاسلام اصلا  بل نعني به الحركات الاسلامية التي تؤمن بالعمل السياسي وقد مارسته فعليا ووصلت الى السلطة التنفيذية او التشريعية في بلدانها سواء كانت شيعية اوسنية  .
الاسئلة المطروحة :
هناك العديد من الاسئلة التي تتبادر للاذهان وكلها تحتاج اجابات ومنها :
1- اين نضع الاسلام كدين وعقيدة واحدة لاتتجزا امام هذا العدد المتشظي من الحركات والتيارات الدينية المتعددة الموجودة في كل بلد من بلداننا ؟ واين نضع كل مذهب في مقابل الحركات المنتمية اليه ؟ وهل اصبحت الاحزاب والحركات الاسلامية بديلا عن الدين والمذهب ؟ وهل هي معبرة عنهما وملتزمة بهما ومن يثبت ذلك وما شرعيته ومصداقيته ؟ واذا كان الدين عامل وحدة وهو يجمع الامة كلها فهل هذه الاحزاب جامعة وموحدة للامة ولبلدانها ام هي عامل فرقة وفتنة ؟
2- هل يمكن لحزب واحد وحركة واحدة ودعوة واحدة  اونظرية حكم واحدة تتبناها ايا من هذه الحركات ان تقود او تصلح للتطبيق في كل البلدان وفي الامة جمعاء ولكل الطوائف والمذاهب ؟ واي نظرية حكم تصلح في البلدان متعددة الطوائف والاديان  ؟ وحتى في البلدان ذات  المذهب الواحد هل تطبق فيها نفس نظرية الحكم الموجودة او المطبقة بنجاح في احدى هذه البلدان وهل يصح هذا التعميم وفرضه على الجميع  ؟ 
3- في البلد الواحد مالذي يمنع تحول الخلاف السياسي او التنافس السياسي والانتخابي بين الاحزاب الدينية او بينها وبين الاحزاب غير الدينية  الى خلاف وفتنة مذهبية او دينية ؟ وهل يمكن للاحزاب الدينية ان تخرج من الاطار الفئوي الضيق الى الاطار الوطني العام .. وكيف نميز ونفرق بين الخلاف السياسي والخلاف المذهبي او الديني ؟
4- على مستوى الامة  الا يؤدي استلام الحركات الاسلامية للحكم او السلطة في البلدان الاسلامية الى سياسة المحاور الاقليمية على اساس مذهبي  نتيجة  اي خلاف سياسي قد ينشا بينها مما يؤثر سلبا على البلدان متعددة الطوائف والاثنيات وعلى الامة كلها ؟ 
5- ما طبيعة علاقة الحركات الاسلامية التي تتولى السلطة مع العلماء والمرجعيات الدينية ودور الافتاء وما الذي يحكمها ؟ وما الدور والمسئولية  والموقع الذي ياخذه كل واحد منهم ؟ وهل نعمل من اجل السلطة الاسلامية من خلال تولي الحركات الاسلامية لانظمة الحكم في بلداننا ام نعمل من اجل المجتمع الاسلامي وترسيخ القيم الدينية والايمانية فيه كي تتحقق وتطبق الشريعة والنظام الاسلامي فيه ؟
6- هل المنتمون للحركات الاسلامية اكثر تدينا واحرص على الدين من عامة الشعب ونخبه وعلمائه ؟                                    وهل يمكن للشعب ان يكون قاعدة عامة موحدة موالية او حاضنة لهذه الحركات ؟؟ وكيف لا تكون القواعد الشعبية ذات ولاءات حزبية و طائفية متفرقة ؟
7- هل تتفق الحركات الاسلامية على رؤية موحدة لقضايا الامة المركزية ؟ وما حقيقة علاقاتها الخارجية مع الغرب وامريكا والدول الاخرى ؟ وهل الدين هو الحاكم للسياسة وتنبثق منه ام ان السياسة هي الحاكمة للدين ومفصولة عنه وتتخذه بعض الحركات الاسلامية كوسيلة للسيطرة وللوصول للسلطة لا اكثر ؟
ولو تساءلنا عن بعض التجارب  وبعض الامور الواقعية والمباشرة من حولنا فنقول :
1- بالنسبة للحركية الاسلامية الشيعية  فان الثورة الاسلامية في ايران ادت الى تولي الاسلاميين السلطة وبنظرية او نظام حكم  ولاية الفقيه , فهل هذا النظام قابل للتطبيق في بلدان اخرى تتواجد فيها حركات اسلامية شيعية مثل العراق اولبنان او البحرين وهل يمكن الدعوة لتطبيقه في البلدان ذات الاغلبية السنية او متعددة المذاهب والاديان , وهل تتبناه الحركات الاسلامية الاخرى  سواء كانت شيعية او سنية ؟
2- هل يمكننا التعميم و القول ان الحراك الشيعي كله وبكل احزابه وجهاته وتياراته يعمل وفق نظرية ولاية الفقيه اوانه يتبع لنظام الحكم في ايران ؟ وما طبيعة العلاقة بين هذه الحركات الشيعية المختلفة سواء التي تؤمن او التي لا تؤمن بنظرية ولاية الفقيه مع بعضها البعض او بايران ؟ وهل يمكن اعتبارها جميعا محور واحد وذات قيادة واحدة وذات مسعى وهدف واحد وتدعو لنظام حكم واحد شبيه بالنظام في ايران ؟
3- مالذي يحكم العلاقة بين الحركات الاسلامية قبل توليها السلطة وبعدها ؟  هل هو الدين ام المصالح الوطنية والقومية ام مطامع السلطة ؟ ولماذا تتغير هذه العلاقة وتتبدل من التحالف والدعم المتبادل قبل توليها السلطة الى التقاطع والاختلاف بعد ان يكون الجميع في السلطة ؟ فهل السياسة والمصالح هي الحاكمة لتلك العلاقات ام الدين ؟ وهل نشهد اطماعا قومية او اقليمية وصراعات قومية وفئوية ذات غلاف ديني ومذهبي ؟
4- بالنسبة للحركية الاسلامية السنية فان حركة الاخوان المسلمين لها تجربتها ونظام حكم في تركيا فهل هذا النظام قابل للتطبيق والاستنساخ في بلداننا العربية مثل مصر وتونس وسوريا وليبيا وغيرها والتي تحدث فيها التغيرات او الثورات والدعوة لاسقاط انظمة الحكم ؟ و كذلك هل حركة الاخوان المسلمين ونموذجها التركي هي القائد والحاكم والتي يجب ان تتولى السلطة في جميع بلداننا بما فيها العراق ولبنان وسوريا والبحرين ذات الائنيات المتعددة مضافا للبلدان ذات الاغلبية السنية جمعاء ؟
5- هل دخلنا مرحلة تشكل المحور السني الواحد بقيادة الاخوان المسلمين او السلفيين والجماعات الاسلامية الاخرى بقيادة تركيا  وقطر ليكون في مقابل المحور الشيعي بقيادة ايران ؟  وهل يمكننا التعميم والقول ان كل الحراك الذي تشهده الساحة العربية الان هو من اجل تحكم الاخوان المسلمين والسلفيين بالسلطة وتكوين محور واحد وان جميع هذه الدول ستشهد نجاح هذه الحركات الاسلامية لتاسيس انظمة حكم متشابهة ومتحالفة وبقيادة واحدة  وبمعزل عن الظروف الخاصة لكل بلد من هذه البلدان ومعاناة ومطالب شعبه ومصالحه العليا ؟
6- والسؤال الاهم .. لماذا تغيرت العلاقات كليا بعد الثورات العربية مابين تركيا وقطر وحركات الاخوان المسلمين في مصر او غزة او غيرها من البلدان وبين ايران وسوريا والعراق ؟ فالعلاقات كانت مميزة جدا بين ايران وسوريا والعراق وجميع الحركات الاسلامية الشيعية قبل الربيع العربي مع تركيا وقطر وحركة حماس و باقي حركات الاخوان المسلمين  في مصر والاردن وغيرها وفجاة تغيرت تماما وبصورة تصادمية ومتوترة ما بعد الربيع العربي وصعود الاخوان المسلمين للسلطة فلماذا حصل هذا ؟ ولماذا انتقلنا من مرحلة التحالف والدعم المتبادل والمحور الاسلامي الواحد الى المحورين المتناقضين والمتصادمين الشيعي والسني ؟ ولماذا يحدث القتال في سوريا وقد يمتد الى غيره من البلدان ولماذا  تبدلت التحالفات بينهما  ولماذا لا يسعى حليفا الامس لدرء الفتنة عن الامة بدلا من تأجيجها وهما الطرفان المؤثران جدا في الوضع السوري ويستطيعان لو ارادا ذلك  ان يحقنا دماء الابرياء فيها ؟
7- ما علاقة تركيا وقطر وحركة الاخوان المسلمين بامريكا والغرب وبالتالي علاقة ونظرة المحور السني المراد تشكيله الان بهما وباسرائيل ؟ وما هو موقف وعلاقة ما يسمى بالمحور الشيعي بامريكا والغرب واسرائيل ؟ وما دور امريكا بمجريات الاحداث الان في منطقتنا ؟ وما هي التحالفات الدولية لكلا المحورين ؟ واين قضية فلسطين والقدس وقضايا الامة الاخرى ومصالحها العليا ومن يدافع عنها ؟
8- هل نحن في مرحلة الصحوة والوحدة واليقظة والثورات الاسلامية ام نحن في مرحلة الفتن والانقسام والاقتتال الداخلي والاقليمي ؟ وهل هي مرحلة النهضة واستعادة حقوق الامة وقوتها ورقيها ام مرحلة الانهيار والضعف والتشظي وزيادة المحن والتخلف ؟
9- لماذا تتفتت دولنا القائمة الان لمشاريع دويلات بعد مجئ الاسلاميين للسلطة ؟ واذا لم يستطيعوا الحفاظ على بلدانهم فكيف يوحدوا الامة ويجمعوا الكلمة ؟
10- هل اتى الاسلاميين ليقتصوا فقط ممن سبقهم ويسقطوا انظمة ويرفضوا احزابا وحركات لا تتفق معهم في الرؤى والافكار ام هدفهم الاصلاح ؟  وهل اداروا شؤون بلدانهم بما يصلح الاحوال فيها ام  زادوا من محنها ومشاكلها ولم يختلفوا عمن سبقهم ؟ وكيف ستصير الامور مستقبلا ؟ ومن المنقذ لهذه الشعوب والامة مما تعانيه حاليا ؟
ان سلسلة التساؤلات سوف لن تنتهي ان اخذنا بطرحها وكلها تنطلق من الواقع الذي نعيشه حاليا , ولا نريد ان نخوض في المتبنيات الفكرية والعقائدية للحركات الاسلامية او في الاسقاطات التاريخية وتاثيراتها التراكمية عليها او مسائل الحكم والخلافة في الاسلام او النظريات السياسية والاقنصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من الامور الاخرى والتي تتبناها هذه الاحزاب والحركات او نظم الحكم التي تاسست او تحاول تاسيسها من خلالها, ولكن نريد ان نقصر حديثنا فقط على مجريات الاحداث الان اي على واقعنا  وتاثير هذه الانظمة والحركات عليه ونحاول اثارة بعض التساؤلات في العقل العربي لننتبه جيدا الى درء المخاطر وخصوصا الفتنوية منها وايجاد مخارج حقيقية او اجابات حقيقية ونافعة تعالج  مشاكلنا وتصلح حالنا ومضافا لكل ذلك هو حالة الوعي والفطنة التي يجب ان تتضافر كل الجهود لترسيخها  والمحافظة عليها واغنائها من قبل الجميع حتى لا نقع في الغفلة والمحذور والمزيد من المحن والمصائب مثلما يجري الان …. ولكون هذه المواضيع متعددة سنتحدث عن البعض منها لاحقا .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب