23 ديسمبر، 2024 10:43 ص

الطواف حول البيت الأبيض

الطواف حول البيت الأبيض

تشكل الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى واشنطن ،ولقائه بالرئيس باراك اوباما ،حدثا ينتظره العراقيون ،وسط تدهور وانفلات امني غير مسبوق ،ينذر بحرب أهلية طائفية ،ومن علامات هذا الانفلات الذي تتفرج عليه الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية العرجاء الفاشلة ،والأحزاب الطائفية المتنفذة ،التي غاصت في النهب وسرقة المال العام باسم القانون،هذه الانفجارات الدموية التي تضرب الشارع العراقي، في جميع محافظات العراق دون استثناء محافظة او طائفة ،ويذهب ضحيتها  آلاف الأبرياء من العراقيين ومن كل الطوائف والمذاهب والقوميات ،يرافقها اعتقالات عشوائية لمناطق بعينها، وبأسلوب طائفي وقسوة ظالمة بسيل من الشتائم والسباب ،والتعذيب الطائفي المقيت نأنف عن ذكر أمثلة له  لقوات الجيش، التي تدهم البيوت وتعتقل أهلها وشبابها  ونسائها ورجالها دون أوامر قضائية ، وسط فشل كامل للخطط الأمنية وعلى لسان كبار القادة العسكريين ورموز العملية السياسية والحكومية والنيابية ،هذا الفشل الأمني المتكرر منذ رحيل قوات الغزو الأمريكية ارض العراق ،ليس سببه عسكريا وإنما سياسيا ،جاء نتيجة الصراعات السياسية الدموية والتسقيط السياسي والتصفيات بين الكتل والأحزاب التي تدير العملية السياسية ،إذن ما يحصل في العراق من قتل وتفجيرات وتهجيرات واعتقالات  واغتيالات ودمار شامل في الفساد المالي والإداري للسلطة  لا يتحمله رئيس الوزراء لوحده بالرغم من انه يستفرد بالوزارات السيادية الأمنية الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمحكمة الاتحادية والهيئات( المستقلة ) وغيرها ،إلا إن الكتل والأحزاب المشاركة ومجلس النواب ورئيسه والوزراء يتحملون هذا الخراب والدمار والجرائم التي يدفع ثمنها العراقيون وحدهم ،وستدفع أجياله ثمنه في المستقبل ولقرون طويلة ،وإزاء هذا الإجرام والفشل والانفلات الأمني والحرب الطائفية المعلنة ،تأتي زيارة رئيس الوزراء كحدث الساعة ،فجميع الآراء السياسية والصحف الأمريكية تؤكد أن الزيارة هي استدعاء وليست زيارة جاءت ضمن البروتوكول الدبلوماسي الرسمي المتعارف عليه عالميا ،استدعاء بمعنى أن ادارة اوباما قد نفد صبرها إزاء الإخفاقات والسياسات الفاشلة وعدم تنفيذ توجيهات ادارة اوباما في الشأن السوري ،وتحقيق المصالحة الوطنية وتنفيذ الاتفاقيات الأمنية والسياسية الموقعة بين البلدين ،والتصالح والتفاهم مع الكتل المشاركة في العملية السياسية مثل التحالف الكردستاني والتيار الصدري والعراقية وتنفيذ الاتفاقات بينهم ،ورفض التفرد بالسلطة وإعادة التوازن الحكومي في السلطة وتوزيع المناصب لا الاستحواذ عليها وإنشاء الدكتاتورية الطائفية ،والاهم من كل هذا اوباما يريد ويفرض على المالكي الخروج من نير التسلط الإيراني والخروج عن طاعة ولي الفقه الإيراني والهروب من سلطة وسطوة الحرس الثوري وفيلق القدس الإيراني وميليشياته في العراق وهذا هو بيت القصيد وهدف الزيارة ،لان السيناريو الأمريكي بعد تنفيذ بشار الأسد تدمير الأسلحة الكيماوية، وقد قطعت مراحل مهمة في التدمير منظمة الأسلحة  الكيماوية الأممية ،ويجب أن تتجه ادارة اوباما الى مرحلة أهم واخطر هي البرنامج النووي العسكري الإيراني، الذي تتعامل معه بطريقة( السياسة الناعمة ) بنعومة وهدوء ادارة اوباما والبيت الأبيض ،وما الاتصالات الجارية واللقاءات والتصريحات والتقارب بينهما ،إلا مدخل لهذا السيناريو الأمريكي ،في حين ينتظر العراقيون الزيارة أو الاستدعاء بشيء من التفاؤل الحذر والأمل المفقود بان أمريكا ممكن أن تعطف ويرق قلبها على العراقيين وحكومتهم وسلطتها وتعمل على إخراجهم من هذا الواقع المأساوي الرهيب ،لا يا سادة أمريكا عمرها ما أحبت الشعوب الخانعة المستسلمة اليائسة ،هي تحترم من يقف بوجهها ويوقفها عند حدها، ويتعامل معها الند للند لا العبد للسيد، كما هو حاصل في استدعاء المالكي الى البيت الأبيض ،لاستلام الاملاءات الأمريكية فيما يخص الوضع السوري والتدخل الإيراني وخضوع حكومة المالكي للأوامر الإيرانية بالمشاركة معها في القتال بسوريا، وهذا لا تريده ادارة اوباما ،أو فيما يخص قانون الانتخابات البرلمانية القادمة وضرورة تسوية الأمور مع بقية الكتل الزعلانة على المالكي وقائمته ،لأنها هي من يعرقل التصويت على القانون ،وتنفيذ مطالب المتظاهرين وإجراء إصلاحات حقيقية لا ترقيعية مع الشعب وإنهاء العنف الطائفي، وسطوة الميلشيات الطائفية الإيرانية في العراق والتي تقف مع الإرهاب الدولي خلف التفجيرات الإجرامية والتهجير الطائفي والاغتيالات بدعم وتوجيه إيراني معلن من قبل قادة هذه الميليشيات ،هذه التبليغات والتوجيهات والأوامر هي التي سيسمعها المالكي ورئيس البرلمان العراقي  أسامة النجيفي من البيت الأبيض و ادارة اوباما في اللقاء المرتقب بينهم قريبا …..ونحن نسميه هنا في العراق الطواف حول البيت الأبيض..بلا تشابيه ….؟