قبل أيام تم الإعلان عن نتائج الامتحانات للدراسة المتوسطة والإعدادية للدراسات العلمية والأدبية والمهنية والإسلامية ، وقام وزير التربية محمد تميم بإعلان النتائج لهذه الدراسات في جميع المحافظات العراقية باستثناء إقليم كردستان .
والشيء الملفت في هذه النتائج إن نسبة النجاح فيها كانت أعلى من العام الماضي ، وإن عدد الطلبة الذين احتلوا المراتب الخمس الأولى قد فاق التوقع حيث اشترك أكثر من ثلاث أو أربع أو خمس طلبة في احتلال مركز واحد وهو ما يؤكد شدة المنافسة في تحقيق التفوق للظفر بأحد المواقع المتقدمة في نتائج الامتحانات .
وهذا الأمر يدعونا للوقوف باحترام وتقدير أمام الجهود الكبيرة التي بذلها الطلبة من اجل تحقيق هذه النتائج الرائعة ، كما يدعونا للإشادة بالعطاء المتميز لذوي الطلبة من اجل تحقيق أبنائهم هذا التفوق .
ومن خلال متابعتنا للدرجات التي حصل عليها الطلبة الأوائل في مختلف الدراسات نجد إن هذه الدرجات بلغت قمتها وهو ما يبشر بجيل من العلماء إذا ما تم رعايتهم والاهتمام بهم في مراحلهم الدراسية القادمة ومنحهم فرصة للدراسة بأحسن الجامعات العالمية ،
وهذا ما تنتهجه وزارة التعليم العالي حسب ما تناهى إلى مسامعي من معلومات .
ولكن يبقى السؤال الأهم الذي يطرح نفسه وهو هل ستقوم الجهات المعنية بتكريم هؤلاء الطلبة بالتكريم الذي يشعرهم بأهمية ما حققوه وما بذلوه من جهد لتحقيق التفوق .
أم إننا سنفاجأ كما تفاجئنا العام الماضي بهشاشة التكريم الذي قدمته تلك الجهات للمتفوقين لدرجة إننا شعرنا بالخجل ونحن نرى صاحب إحدى القنوات الفضائية يهدي الطلبة الأوائل سيارات حديثة ،
في حين لم تكلف تلك الجهات نفسها بالتفكير حتى بإعطائهم مبالغ محترمة أو هدايا قيّمة تستحق قيمة انجازهم .
وقد سمعنا إن الأول على العراق قد منح العام الماضي مبلغ خمسة ملايين دينار، واعتقد إن هذا المبلغ لا يساوي قيمة مبلغ الدفاتر والمستلزمات الأخرى التي احتاجها الطالب خلال سنته الدراسية .
وأتذكر قبل سنتين عندما كانت ابنتي ضمن الأوائل على الدراسة المتوسطة وأقيم حفلاً لتكريمهم من قبل مديرية تربية الرصافة الثانية وتناقلته وسائل الإعلام حينها حيث تفاجأت بقيمة التكريم الممنوح لهم والذي كان عبارة عن ساعة يدوية لا يتجاوز سعرها الألفي دينار وتباع بالكيلو في سوق الشورجة !! تصوروا متفوق يكرم بساعة قيمتها 2000 دينار؟؟؟ إنها كارثة بكل معنى الكلمة.
وساعتها قلت في نفسي انه لو لم يقوموا بهذا التكريم لكان أفضل لهم من هذه الاهانة التي وجهت للطلبة والتي أثارت سخرية واستهزاء أولياء أمور الطلبة الذين وجدوا في هذا التكريم تسويق إعلامي للمديرية وليس للتفاخر والتباهي بانجاز الطلبة رغم إن الانجاز يحسب للمديرية والمدرسة قبل أن يحسب للطالب وذويهم .
وبالعودة إلى تكريم الطلبة المتفوقين وخصوصا طلبة الدراسة المنتهية ( الإعدادية ) أجد من الضروري أن يتم تكريمهم بمستوى يليق بهم أسوة بما تفعله بعض دول الخليج التي تعاني من أزمة المتفوقين ، في حين نجد انهارا من التفوق تعم بلدنا .
وهذه الدول ليست بأحسن حالا منا اقتصاديا أو ماليا .
وهنا أجد إن تكريم هؤلاء الطلبة يجب أن يكون ماديا ومعنويا كأن يتم تخصيص مبلغ 50 مليون دينار للأول في كل فرع و40 مليون للثاني 30 مليون للثالث وهكذا نزولا .
أما معنويا فلماذا لا نبادر بإرسال الطلبة المتفوقين وذويهم ( الأم والأب ) بسفرة سياحية إلى إحدى الدول لمدة شهر أو اقل للاستجمام والراحة بعد هذا العناء خصوصا إن هنالك دول لا يكلف السفر إليها مبالغ كبيرة مثل جورجيا .
كما أصبح لزاما على البرلمان وبالذات لجنة التربية والتعليم البرلمانية أن تتجه لإصدار قانون يمنح المتفوقين في الدراسة الإعدادية امتيازات ومكافآت تليق بانجازاتهم ، وتشجعهم على الاستمرار بالتفوق مثل تخصيص رواتب شهرية لهم خلال مدة دراستهم الجامعية وزيادتها أثناء دراساتهم العليا وإرسالهم في منح دراسية بجامعات مرموقة تتلائم وتخصصهم وقابلياتهم .
إن التمنيات التي نطلقها هنا أو هناك لا تكفي لتحقيق الطموح ما لم تتبنى الجهات المعنية كافة الأطروحات بهذا الخصوص والعمل على دراستها وتنفيذها ، لان ما ستقوم به واجب وطني قبل أن يكون واجب وظيفيا لكونه يتعلق بشريحة مهمة من أبناء الوطن .
فهل سنجد من يلتفت لهؤلاء المبدعين والمتفوقين وينصفهم بعد أن أدوا ما عليهم من واجبات … وهل سنرى من يعطى لهؤلاء استحقاقهم جراء ما قدموا … نتمنى ذلك !!