23 ديسمبر، 2024 10:16 ص

الطلاق الودّي .. مصطلحات من الإقليم .!

الطلاق الودّي .. مصطلحات من الإقليم .!

واحدةٌ من معضلات ومشاكل العراق الفريدة من نوعها هي ” التصريحات ” والذين يُدلون بها , وهي ممتدّة من زاخو الى الفاو , ومن دون سمة التعميم ايضا ولكنه على الأقل ! وفق المقولة او المثل الشعبي < الأخضر يحترق بسعر اليابس > , والمأساة الكبرى أنّ ” الأخضر ” لم يبق منه إلاّ جزيء من جزء .!
   < التصريح – ANNOUNCEMENT > هو مسؤوليةٌ قبل كلّ شيء ولذلك يترتّب عليه حرفيّة وتخصص وفن ايضا , فهو يمثّل ويجسّد موقف رسمي لأية جهةٍ ويصعب التراجع عنه , وهو موقف للدولة او لحزب او اية جهة سياسية , وايّ خللٍ في صياغته سيعكس صورةً مشوّهة في المرآة او أمام الرأي العام , وهذه مسألةٌ مفروغٌ منها ومسَلَّمٌ بها مسبقا , و ” التصريح ” ليس له علاقة اشتقاقية او لغوية مع مفردة ” الصراحة ” على الصعيدين الأجتماعي والأخلاقي , انما هو تعبيرٌ عن ” الوضوح ” سلباً او ايجاباً .. وباتَ لابدّ لنا أنْ ننهي ونتخلّص من هذه المقدّمة المُملّه كي ندخل حجرة الزواج والطلاق و ” هذه ليلتي ” وما يتبع ذلك .!
  بعد أن دخلنا وجرّبنا كافة انواع الحروب الداخلية والخارجية , والحروب الداخلية – الداخلية , وكذلك الحروب الأضيق نطاقاً , فأنّ اخشى ما اخشاه أن ندخل في حرب المصطلحات الغريبة في وقتٍ لاحق , وقد وصلنا الى حالةٍ لا نتفاجأ فيها حتى اذا ما دخلنا معركةً جديدة مع سكّان القبور .!
  قبل فترةٍ وجيزةٍ إضطررنا اضطراراً لكتابةِ مقالٍ سمّيناه < انواع الأستقلال .! > وما دفعنا وجرّنا لذلك العنوان والمقال هو تصريحٌ غير مريح لأحد ارفع مسؤولي وقياديي الحزب اليمقراطي الكردستاني قال فيه ” أنّ الأقليم يسعى الى الأستقلال الأقتصادي عن العراق .! ” , وبأيجازٍ مختصر فهذه سابقةٌ لم تسبقها سابقة في تجزئة مفهوم الأستقلال وجعلهِ أقساماً و شُعَبْ .!
وفي نقلةٍ اصطلاحيةٍ اخرى في عالم المصطلحات التي يراد الإصطلاح عليها عبثاً , اتحفَنا وأطلَّ علينا الأستاذ ” هيمن هورامي ” رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الحزب الديمقراطي الكردستاني , بطرحٍ جديدٍ مفادهُ : – < إنَّ اربيل تسعى للحصول على طلاق ودّي من بغداد .! وإنَّ هذه العملية ” اي الطلاق ” ستسهم في استقرار المنطقة > .! وَوِفقَ هذا التصريح , اليسَ الطلاق هو الطلاق , سواءً اجتماعيا او سياسيا او غيره .؟ ثمَّ اذا ما تعمّقنا اكثر فأكثر وبتركيز في تفسير عبارة ” الطلاق الودّي ” فهل من معنىً آخر سوى التنازل عن دفع ما يسمى بِ ” المتأخر والنَفَقَه ” , وإنَّ الترجمة الحرفية – السياسية لذلك والتي لا تقبل التأويل والتحريف هي التنازل المسبق عن دفع رواتب موظفي الأقليم والبيشمركة منذ الآن طالما السعي الجاد للأنفصال والطلاق بالثلاث ودّياً .!
السيد ” هورامي ” وفي محاضرةٍ له في معهد الشرق الأوسط في واشنطن اضاف تعبيراً اصطلاحياً آخراً غير مصطلحٍ عليه قال فيه < سنتحدّث مع بغداد من اجل ” انفصالٍ سلمي ” > !
وبالعودةِ الى عبارته الأولى ” اعلاه ” بأنّ ” هذا الطلاق سيسهم في استقرار المنطقة  .! فكم كان جميلا ولطيفا أن يوضّح لنا السيد المسؤول ما هي علاقة الطلاق الودي والأنفصال السلمي للكرد مع الأحداث التي تشهدها المنطقة بدءاً بالحوثيين ومرورا بالوضع في كل من ليبيا وتونس والجزائر, وانعطافاً على ارهاب الأخوان المسلمين في مصر .! وهل تؤثّر عملية طلاقٍ محليةٍ مفترضة على القضية الفلسطينية او على التوتر القائم في غزّة بين حماس واسرائيل .!
 السيد هورامي في محاضرته تلك بدا وكأنّه يتحدّثُ ” صلياً ” وبدونٍ تسديدٍ ولا تصويب ! حيث في ردّه عن مشاركة الأكراد في الحكومة العراقية أجاب :< انّ هناك تمثيلاً ولكن لا تقاسم للسلطة  > .! ولا نعرف كيفية تقاسم الكعكة 50%  × 50% أو Fifty – Fifty بين أقليّةٍ واغلبية .!
ومع احترامنا لشخص رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الحزب اليمقراطي الكردستاني , ولغيره ايضا من السادة المسؤولين الكرد , فهنالك مفرداتٌ وتعابيرٌ واصطلاحاتٌ اخرى واخرى في حديث السيد ” هيمن هورامي ” , وهي أشدُّ غرابةٍ وكآبة ! , ومن المؤكّد اننا لسنا بصدد تعدادها او عرضها جميعا الواحدة تلو الأخرى , لكنه دونما ريب فأنها عند إدخالها الى ” جهاز المنطق ” فلن تعدو اكثر من سفسطةٍ × سفسطة , علماً أنّ ما نشير اليه لبعضٍ فقط من حديث ” الأصطلاحات والمصطلحات ” هذا , وهو ممّا لايجري الإنتباه له ابداً مِنْ قِبل القيادات الكردية , فأنه دعوةٌ صريحة الى هذه القيادات لتصويب الخطاب السياسي ومفرداته , إذ بنظرنا فأنّ ايَّ نقدٍ من قِبل الرأي العام نحوهم فأنه نقدٌ الينا ايضا , وبالأحرى فهو نقدٌ لنا جميعا وبدونِ محاصصةٍ عِرقيّةٍ او اثنيّةٍ او قوميّةٍ او طائفية , فليست هذه مقاييس تقويم الشعوب .!
[email protected]