جاء “ربّ الأسرة” بكيس ضخم زهيد الثمن يتداول بكثرة يصنع عادةً من مادّة بوليمر من مونيمر البولي أثيلين منخفض الكثافة “أل دي بي إي” نطلق عليه”كيس نايلون” وقد ملئ الكيس بمادّة السكّر من”الحصّة” التموينيّة.. ألقى ربّ الأسرة بالكيس على أرض سجّادة “الهول” بعد أن سلّم على “الحضور” وهو يلهث من ثقل كميّة السكّر الّتي كان يحملها, احتارت ربّة البيت وابنتها والربّ توصيل البضاعة من الهول إلى المطبخ بعدما انثقب الكيس من تحته! سارعت الزوجة فأتت بسطل مخصّص لحفظ التموين أحضرت معه “طاسة” لنقل السكّر للسطل, عمليّة النقل هذه ستكون مجهدة بالتأكيد إضافة لما ستبدّد من السكّر.. وبينما “الثلاثة” يهمّون بالسيطرة على الكيس الملقى والزوجة شرعت تنقل بالطاسة قفزت إحدى الضيفات من مكانها وحملت الكيس بما فيه بمعاونة ربّ الأسرة بعد أن وضعت يدها أسفل مكان الثقب أسفل الكيس وبسرعة خاطفة استقرّوا بالكيس داخل السطلة والضيفة لا زالت مادّة يدها ببطن السطل وإذا بها تخرج الكيس وقد تمزّق من أسفله تاركًا السكّر وقد ملأ السطل ومن دون تبدّد ولو ذرّة سكّر على الأرض وسط دهشة الحضور والبنت وثناء أبويها على فعل الضيفة الّذي بدا وكأنّه ضرب من السحر!.. بينما كلّ الّذي فعلته الضيفة أنّها مزّقت الكيس من أسفله ما أن استقرّ في قعر السطل فأصبح السكّر بذلك وبلحظة واحدة داخل السطل بدل الكيس ,لم تستغرق العمليّة سوى ثوان معدودات! ,سألت نفسي: ما منع فرد من أفراد الأسرة فعل ما قامت به الضيفة؟ أجابتني نفسي: إنّه “المقدّس” يا عزيزي!؟ سألتها ثانيةً وما العلاقة؟
أجابتني ثانيةً: إنّها مكانة الكيس المهمّة لدى العائلة والإنسان عمومًا؟! فالكيس “يا ولدي” رغم ثمنه الزهيد ووفرته بما أصبحت المزابل تتلوّن بألوانه إلاّ انّ “شكله” في النفس عميق مستمّد من خدماته الجليلة يوم كان للكيس سعر ومن خامات مختلفة تتباها العوائل والأسر باقتناء أفضل أنواعه عندما كان يُخاط من قماش أو يُحاك وبأحجام مختلفة يتوقّف ثمنه على جودة خامته وجودة خياطته أو حياكته, فالبيت مبعثر ومبتور الذراعين من دونه.. ذلك كلّه محفور في الذاكرة الاجتماعيّة الجمعيّة يهيل أحدهم اليوم إصابته بأذى! ,ولربّما ذلك من رسوخ صحبته انتقلت جيلًا عن جيل ,فأبطنه الّلاوعي هو من كبّل عقل الزوجة أن تتعامل معه بغير الطاسة رغم ما طرأ من تطوّر عليه ومرونة كبيرة في التعامل به وبجميع الألوان! وذلك ما فسّر عزوف الأسرة عن تحرير السكّر كما فعلت الضيفة “الجريئة” رغم أنّ أكياس النايلون تطايرها الريح لكثرتها.. وذلك ما يفسّر أيضًا وينسحب على العلاقة القديمة ما بين الفرد وما بين “رجل الدّين” والمستمرّة لغاية اليوم حتّى بات من الصعب تحرير العقل عن التغليف الواقع تحت سطوة رجل الدين الّذي يغلّف عن طريقه حركاتنا وسكناتنا رغم تناقضها مع تحوّلات عصور كثيرة مرّت فترى العقل حبيس مفاهيم لم تعد صالحة منذ أمد بعيد بعيدة عن المنطق ولن يستطيع المجتمع تداول ما معبّأ به من معلومات إلاّ “بالطاسة” لقدسيّة ضمنيّة ترعب من يقترب من “الغلاف”, رغم ما توجد بدائل كثيرة ك”الشيخ گوگل” مثلًا ,يجيبك عن أيّ استفسار ديني غيبي قديم أو دنيوي معاصر, منها بلحظات, ومن دون عناء, وقد يقوم گوگل هذا مستقبلًا بممارسته الطقوس بالنيابةً, منها مؤذية لثروات البلد ومضيعة للوقت..