شاء الله ان تجتمع الامامة في اخوين من ولد علي ابن ابي طالب عليه السلام, سبطي رسول الله الحسن والحسين وهما الوحيدان اللذان اتصفا بهذه الصفة, ويبدو ان هذا التلازم حتمي ونجده في احاديث النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم, فكان روحي فداه يجمع بينهما في كثير من احاديثه ومنها مثلاً :
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة
الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا
الحسن والحسين امامان قاما أو قعدا
من أحبني فليحب هذين
اللهم اني أحبهما فأحبهما
هذان ابناي من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني
من أحب هذين وأباهما وأمهما، كان معي في درجتي يوم القيامة
الحسن والحسين سبطان من الاسباط
من أحب أن ينظر الى أهل الجنة فلينظر الى هذين
من هنا فلا يمكن تصور قضية مثل الطف بكل ابعادها ( وليس المعركة التي حدثت في يوم العاشر من محرم ) بعيدة عن هذا التصور, فقضية بهذه الاهمية هي حتما مشتركة ومتلازمة بين سبطي نبي الرحمة لذلك جاءت دعوة المرجع اليعقوبي قبل اكثر من شهر تقريبا, على تخصيص يوم من عاشوراء ليكون للإمام الحسن عليه السلام ما هو الا تأكيد لهذا المعنى . وسنورد انفاً كيف ساهم الامام الحسن عليه السلام في معركة كربلاء وكيف كان عونا لأخيه الحسين في مصابه وحتى بعد مماته من خلال ذريته المباركة ليستمر التلازم بينهما عليهما افضل السلام . فلم ينسى الإمام الحسن عليه السلام الإعداد لخوض المعركة الكبرى في كربلاء المتمثل في صلحه الجهادي الذي سبق الثورة الحسينية بتسعة عشر عاماً تقريباً, ثم قدم عليه السلام مهجة قلبه وفلذة أكباده في يوم عاشوراء ليجمع بهذا بين الإعداد للثورة والمشاركة في معركة كربلاء .
لقد قدم الإمام الحسن عليه السلام سبعة من أبنائه ليكونوا في ركب الحسين عليه السلام منذ خروجه من المدينة, حتى رجوع ركبه بالسبايا إلى المدينة أيضاً, فشارك أبناء الحسن أبناء الحسين في الشهادة والسبي والأسر وكما كان للحسين عليل في ركب السبايا كان للحسن عليل في ذلك الركب كذلك, كما واسى الحسن بنات الحسين في أسرهن ببناته, فشابه اخاه الحسين عليه السلام فكانا كجسد واحد . لقد خرج مع الإمام الحسين عليه السلام من أبناء الإمام الحسن عليه السلام من المدينة إلى سفر الشهادة ثمانية وهم :
الحسن المثنى, عبد الرحمن, القاسم, عبد الله الأكبر, عبد الله الأصغر, عمر, فاطمة.
نبدأ بالحسن ابن الحسن المعروف بالحسن المثنى, ويكنى بـ أبو محمد, وكان الحسن المثنى قد حضر مع عمه الحسين عليه السلام يوم الطف وجاهد بين يديه لكنه لم يستشهد, حيث أصابته جراح بليغة وقيل أصابته ثمانية عشر جراحة وقطعت يده اليمنى, فلما استشهد الحسين عليه السلام وأسر الباقون من أهله ونسائه ومعهم الحسن المثنى جاء خاله أسماء بن خارجه وهو من جيش عمر بن سعد فمنع الجيش من قتله وأذيته, فسار في ركب السبايا وهو جريح عليل, فكان المثنى عليل الحسن في ركب السبايا كما كان السجاد عليل الحسين في ذلك الركب .
وممن كان في ركب الحسين من أبناء الإمام الحسن عليهما السلام, عبد الرحمن بن الحسن, فقد خرج مع عمه الحسين عليه السلام إلى مكة لكنه توفي في الأبواء وهو محرم, فشابه بموته في الطريق سقط الحسين “المحسن” في طريق العودة من كربلاء, فكان عبد الرحمن سقط الحسن في طريق الذهاب .
وبرز من أبناء الإمام الحسن عليه السلام القاسم, وهو اشهر أبناء الإمام الحسن عليه السلام ممن استشهد في كربلاء وهو صغير السن لم يبلغ الحلم, وقصة استشهاده معروفة وقد تألم الإمام الحسين عليه السلام بمقتله أشد الألم كتألمه لمقتل علي الأكبر, فكان القاسم للحسن كما كان الأكبر للحسين .
وآخر أبناء الحسن عليه السلام استشهاداً بين يدي سيد الشهداء هو عبد الله الأصغر بن الحسن وكان طفلاً صغير السن وهو شقيق للقاسم , فلما رأى عمه الحسين على الأرض وقد أنهكته الجراح بكثرتها خرج من عند النساء مسرعاً حتى وقف عند الحسين عليه السلام فلحقته زينب عليها السلام لتمنعه, فأبى وأمتنع امتناعاً شديداً وقال : (لا والله لا أفارق عمي) وهو على تلك الحالة ضربه أبجر اللعين بالسيف فسقط على عمه الحسين وضمه إلى صدره فرماه حرملة لعنه الله بسهم فذبحه وهو في حجر الحسين عليه السلام, فكما كان للحسين عبد الله الرضيع المقتول في صدر أبيه بسهم حرملة, كان للحسن طفله عبد الله المقتول على صدر عمه بسهم حرملة كذلك .
و لم ينسى أبناء الحسن مواساة أبناء الحسين في سفر الأسر والسبي, فكان أبناء الحسن هناك أيضاً.
كما واست بنات الحسن بنات الحسين في ركب السبايا , فكما كان للحسين رقية وسكينة, كان للحسن ابنته فاطمة التي كانت مع بنات الحسين في الأسر, فعندما كانت سكينة على الجمال الهزل كانت فاطمة بنت الحسن كذلك, وعندما دخلت رقية مجلس يزيد كانت فاطمة بنت الحسن معها, فقد حضرت السيدة فاطمة بنت الإمام الحسن عليه السلام مع زوجها الإمام السجاد وابنها الإمام الباقر عليهم السلام واقعة الطف في يوم عاشوراء و شاهدت كل ما جرى على آل رسول الله صلى الله عليه وإله وسلم في ذلك اليوم من مصائب ومحن, اشتكت فاطمة بنت الحسن العطش كما شكته سكينة بنت الحسين, وآلم فاطمة بنت الحسن ضرب سياط الأمويين كما آلم رقية بنت الحسين .
هؤلاء هم أبناء الحسن في ركب الحسين, جرى عليهم ما جرى على أبناء الحسين, فكانوا كما كان آبائهم نفس واحدة في جسدين .فحري بنا ان نذكر الحسن كلما ذكرنا الحسين لان هذا ما يريده نبينا الكريم وهذا هو فعله فلنقتدي به صلى الله عليه واله وسلم .