19 ديسمبر، 2024 5:44 ص

الطفيليون وحيلهم

الطفيليون وحيلهم

-1-
الطُفيْليّ : هو الذي يدخل الوليمة مِنْ غير أنْ يُدعى اليها
قال ابن السكيت والأزهري :
هو نِسبةٌ الى طُفيل مِنْ ولد عبد الله بن غَطَفان من أهل الكوفة ، وكان يدخل وليمة العُرسْ من غير أنْ يُدعى اليها فَنُسِب اليه كل من يفعل ذلك .
(المصباح المنير للفيّومي/362)
-2-
وفي كُتب الأدب نوادر كثيرة عن الطفيليين وحِيَلِهِم …
ومنها :
ان أحدهم قيل له :
مالَكَ لاتأكلُ الاّ حراماً ؟
فقال :
أنا لا آكل الاّ الاّحلالاً .
قيل :
كيف ؟
قال :
اذا سمعتُ بوليمةٍ أهمّ بالدخول من باب النساء ، فيقول صاحب الدعوة :
لالا ، من هنا من هنا ، ويشير الى باب الرجال ، فهذه دعوة ..!!
ان الحرمة المدعّاة سببُها أنه لايجوز لأحد ان يأكل من مائدة لايرضى له صاحبها الأكل منها .
وحيث أنَّ الطفيلي ليس بمدعوٍّ الى الوليمة ، فان تناوله الطعام من دون رضا صاحبها ، يثير مشكلة شرعية .
وقديماً كان للبيوت بابان :
باب للرجال ،
وباب للنساء .
وكان بعض الطفيليين اذا سمع بوليمة ، قصدها ، وَهَمّ بالدخول من باب النساء ، فيُمنع من ذلك ويقال له
توّجه الى الباب الآخر ، وهو باب الرجال ، فيعتبرها دعوةً ..!!
انها في الحقيقة ليست بدعوة حقيقية، وانما هي ممانعة لدخوله على النساء، وهي حيلة تفتق عنها ذهن هذا الطفيليّ اللعوب .
-3-
وقد ذكرتنيّ هذه الحِيلة الطفيلية ، بِحِيَلِ بعض المرشحين للانتخابات النيابية العامة المزمع اجراؤها في نهاية نيسان القادم – بعون الله تعالى –،
انهم بدأوا حملاتهم الانتخابية، وبدأوا بتسويق أنفسهم قبل ان تأذن لهم المفوضية المستقلة العليا للانتخابات ..
كيف ؟
انهم دخلوا من باب آخر
انه باب اصطنعوه للدعاية لأنفسهم، كأنْ يكتب أحدُهم على اللوحة الموشاة بصورته المباركة (…)
أهلي الحيّ الفلانيّ يباركون لآل فلان – وهم عشيرة المرشح – ثقة الناس بولدهم المرشح العزيز الفلاني أو ابنتهم المحروسة المرشحة فلانه …
وعلى هذه فَقِسْ ما سواها ..!!
انها ألاعيب وأحابيل لاتخفى على اللبيب ..!!
وانّ على المفوضية المستقلة العليا أنْ تتخذ الاجراءات العقابية المناسبة للحيلولة دون وقوع هذه المخالفات والمفارقة .
ان الشَبَهَ بين الطُفيليين وبين الكثير من المرشحين لاينحصر في هذه الخصلة فقط – كما هو معلوم –!!
ان الترشيح للانتخابات النيابية أصبح ضرباً من الأعمال التجارية ..!!
ولهذه الأعمال أسواقها الخاصة ، وأسهمها المتحركة في البورصة ..
وهناك أكثر من (عراّب) يعرفه ذوو الألباب ، ولا حول ولا قوة الاّ بالله العلي العظيم .
ان الطفيلي السياسي أخطر بكثير من ذلك الطفيلي الذي لايبحث الاّ عن وجبة طعام لذيذة عزّ عليه ان يجدها لفقْرِهِ ولقلةِ ما بيده .
ان الطفيلي السياسي يعبث بمصير البلد ، وبمقدورات الشعب، دون ان يكون واجداً للشرائط الموضوعية المطلوبة في ممثلي الشعب …
وهذه هي إحدى المآخذ على ما يسمونه (باللعبة الانتخابية) التي ليست مقتصرة على الايجابيات فقط ..!!
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات