حينما يفكر الأباء والأمهات العراقيين في السويد بمستقبل أولادهم الصغار وهم في مرحلة النمو والنضوج وتكوين الشخصية ، فأنهم يدركون أن القلق والتفكير العميق لا يفارقهم منذ الوهلة الأولى وهم يعيشون في بلاد الغربة … وتجد هؤلاء الأباء والأمهات يفكرون بالوضع الجديد لأولادهم وسط أختلاط الأطفال السويديين والجنسيات الاخرى التي تضم جميع بلدان العالم ، فيما يتساءلون مع أنفسهم عن الرعاية والاهتمام التي سيجدونها من قبل المعلمين والمعلمات والمشرفين في دور الحضانة العائلية ورياض الاطفال ، وما هي السبل الكفيلة التي تجعل من اولادهم وبناتهم وأحفادهم أن ينعمو بالراحة والانسجام مع بقية الاطفال ؟ ، وهل سيجدون من يحتضنهم أسوة بباقي الاطفال الذين يتمتعون بالحقوق والرعاية الكبيرة ؟ … كل هذه التساؤلات وهذا القلق المشروع والخوف والافكار تصاحب جميع العوائل العراقية الذين يلحقون اطفالهم في هذه الدور لضمان راحة اولادهم وبناتهم وتحديد مستقبلهم ، وقد تنتشر في عموم مناطق السويد العديد من هذه الدور التي تستوعب الاعداد الكبيرة من الاطفال الذين تتراوح اعمارهم من سنة الى خمس سنوات ، وتعتبر الركيزة الاساسية لنمو الاطفال وتنشأتهم التنشئة الصحيحة واكتسابهم المعلومات الاولية والبسيطة في بداية حياتهم ، والاهتمام بهم في العديد من الجوانب الاخرى ومنها الصحية والغذائية والرياضية والفنية اضافة الى الجوانب التربوية والتعليمية والتقنية .
السويد تعد واحدة من افضل بلدان العالم في مجال رعاية الاطفال ، حيث تعطي اهتماما كبيرا بجعل التعليم في السويد في مرحلة الطفولة المبكرة ولديها برنامج العناية والاهتمام بالطفل بشكل لا يوصف وقد يكون الفريد من نوعه في العالم ، وان الحكومة السويدية تتكفل بكافة مصاريف الاطفال ، وكذلك يتم الاعتماد على اسلوب تعليم الطفل من خلال اللعب والاستكشاف ، وان دور الحضانة ورياض الاطفال تقدم لجميع هؤلاء الاطفال الخدمات المجانية ومنها الرعاية الصحية الكاملة ووجبات الطعام اليومية ، اضافة الى توفير خطة دراسية لتطوير قابلية الاطفال واكتشاف مواهبهم ، فضلا عن تأقلم الطفل داخل الحضانة واحساسه بالأمان لغرض انتقاله الى المرحلة الابتدائية .
الحكومة السويدية ترعى وتهتم بالمجتمع السويدي والمجتمعات الاخرى بشكل عام ولكن على درجات ، الدرجة الاولى والاهم تكون للاطفال ورعايتهم بشكل لا يصدق من جميع الجوانب الحياتية ، اما الدرجة الثانية من الاهتمام الحكومي فيكون للمرأة ، فيما تعتبر الدرجة الثالثة من الاهتمام من نصيب ( الكلاب والقطط ) ويحتل الرجل المرتبة الرابعة والاخيرة من الاهتمام ، وهنا يتبين لنا ان الاطفال في السويد لهم حصة الاسد من الاهتمام من الحكومة السويدية من خلال تعليم الاطفال للعديد من اللغات المختلفة وهم بهذا السن المبكر ، ومنها العربية والسويدية والانكليزية اضافة الى الفرنسية ، ونجد الطفل حينما ينتقل من مرحلة دور الحضانة ورياض الاطفال الى المرحلة الابتدائية فأنه يتقن أربع لغات اساسية ومهمة في حياته على الاقل .
الطفل العراقي في السويد لا يشعر بالغربة كونه يتواجد في الوسط التعليمي الذي لا يفرق بين طفل واخر وبين جنسية واخرى ، بل يكون التعامل مع الجميع بشكل منصف ومتساو دون التمييز العنصري او الفارق الطبقي ، وهناك احترام وتقدير للطفل بشكل لا يصدق حيث يمنع في السويد ضرب الطفل مهما بلغت الاسباب لا من قبل الوالدين ولا من قبل الادارة ، حيث القوانين السويدية تمنع منعا باتا ضرب الطفل ويكون هذا العمل ( خط احمر ) لا رحمة فيه سواءا كعقوبة جسدية للطفل او لأغراض تقويمية وكذلك يمنع معاملته بالعنف اوالتهديد ، بل يجب معاملة الطفل بكل ود وحنان وعطف ، وكسب مودته ليكون انسانا نافعا في المجتمع ويشعر بكيانه ووجوده في الحياة .