قرأت ذات مرة أن طفلا صغيراً كان يتطلع مسحوراً إلى بائع البالون الذي يقف في زقاق ضيق تحت شجرة كبيرة في محلتنا. الطفل شديد الانبهار بألوان البالونات الزاهية وهو ينظر ولمعة البالونات تنعكس في عيناه الصغيرتين. اقترب الطفل من بائع البالونات وقال له:
– هل تعلم يا عم بأنني لم أملك بالوناً في حياتي؟
نظر العم بائع البالون إلى الطفل من رأسه حتى أخمص قدميه وقال له:
– هل لديك نقود؟ أخبرني عن نقودك؟
– في العيد كان لدي نقود، وفي العيد القادم سيكون عندي نقوداً أيضاً. أجابه الطفل الصغير.
بائع البالون:
– إذن تعال في العيد، فلست على عجلة من أمري وسوف أنتظرك.
تراجع الطفل والدموع تملئ عيناه حتى يكاد لا يدرك مسيره. وهو يبتعد عن البالونات الملونة يلتفت إلى الوراء بين الحين والآخر ويعاين تلك البالونات الطائرة بعينيه التي الممتلئتين بالحسرة وهي تتراءى له كالكواكب السيارة في الفضاء وبائع البالونات يمسكها بخيوط رفيعة. فجأة تحررت بعض البالونات من يد الرجل لتطير في السماء وتتعلق بغصن الشجرة الكبيرة. نادى الرجل هذا الصغير:
– أيها الصغييييير.. إذا تمكنت من إنزال البالونات من الشجرة فسوف أعطيك واحدة منها.
إنه الخيال الذي سيتحقق لهذا الطفل الحالم بالبالونات. سارع نحو الشجرة وخلع نعليه وبدأ كالسنجاب يتسلق الشجرة. بدأ بمسك خيوط البالونات العالقة ومدها إلى الرجل الواقف تحت الشجرة حتى أنزلها واحدة تلو الأخرة إلاّ بالوناً واحداً كان شائكاً بين الأغصان. بعد المحاولات العديدة لتحرير البالون من بين الأشواك، خشي الطفل من أن ينفجر البالون الشائك، فنزل من على الشجرة تاركاً ذاك البالون بين الأغصان وهو فرح بما أنجزه ومنتظراً المكافئة. التفت الطفل إلى العم بائع البالون قائلاً:
– كنت قد وعدتني بواحدة.. فأي بالون سيكون لي؟
الرجل بعد أن تردد في الإجابة قال:
– يا بني البالون الذي بقي عالقاً في الشجرة سيكون لك. بإمكانك الأن أن تصعد الشجرة وتأخذه.
لم يتمكن الصغير من الوقوف، فجلس على ناصية الطريق ينظر إلى بائع البالونات وهو يبتعد عن المكان بالبالونات ذات الألوان الزاهية. بقي بالقرب من الشجرة ينظر إلى ذاك البالون العالق والذي يلمع كالنجمة في ليلة ظلماء.
اقتربت من الطفل وسألته بعد أن شاهدت الحادثة:
– ماذا ستفعل؟
رد هامسا وأنا أكاد أسمعه بالكاد:
– حتى لو كان في الشجرة، فإنني اليوم أمتلك بالوناً.
العــــــبرة يا إخــوة هو أنه يكفي أننا نسمع عن إصلاحات في الوطن ويكفي أننا نسمع عن قادم أجمل وإن لم ندركه فأن العيش على أمل ذلك أفضل من الإحساس باليأس.