لا وجود للإنسانية، ما دام البشر يتعاملون بلغة الدم فيما بينهم، والحروب تدوس بأقدامها الهمجية كل شيء، الطيب والبريء، وبهذه الصراعات لا يكترث بمن يسقط على أرض المعركة، فالمهم عندهم أن تستمر دوامة العنف والموت.
حياة القمع والسجن والتهجير، التي مارسها ويمارسها الطغاة في عالمنا، تنتهي بمجرد إعلان صرخة واحدة مدوية، لكسر الجمود الحاصل عند الشعب المغلوب على أمره، وبذلك لن ينهزم أو يركع الأحرار، حيث حانت صولتهم والعاقبة للمتقين.
ليس من قبيل الصدفة، أن الخسائر والهزائم تقض مضاجع الجبابرة، لأنهم جبناء بما تحمله الكلمة من معان بائسة، وإذا أخذهم الظمأ الشديد، وردوا على دماء مسفوحة، ورقاب ذهبية بريئة، ينحرونها ببارد الأعصاب، فهم صعاليك بغاة.
هؤلاء الدعاة الفاسدون، أخذوا يقتحمون الأبواب والشبابيك، ورغم أن الطاغية يزيد (عليه اللعنة)، حاكم لا يميز بين الحلال والحرام، لكننا نراه يقلب السوق رأساً على عقب، لأنه شاهد إمرأة وطئت بقدميها، فتات خبز على الأرض!.
أزمنة عجاف وأوجاع سمان، أتت أكلها من أجساد الأبرياء، الذين باتوا طعاماً للأسماك حيناً، وللديدان حيناً أخرى في قبور مجهولة، فهذا لا يقدر بثمن ما قدمه سيد الشهداء، في ثورته الإصلاحية، لأمة جده (عليهما السلام).
سنوات السحت البربرية، عششت في الأرواح الخائنة، حيث العقول العقيمة، والأجنحة السوداء، تمارس لعبة القفز المميت، بحق المظلومين بعالم تدمره السيوف الحرام، فيحبون المال حباً جماً، وجعلنا في أعناقهم أغلالاً، فهي الى الأذقان، فهم مقمحون.
إمبراطورية الكذب المفتعل، والشعارات الزائفة، هي ما تميز حكومة الطاغية، ولا تهمها الآهات الدامية، وسرادق العزاء، التي إن وافقوا على نصبها للمفقودين، وشهداء العقيدة والمذهب آنذاك، أما العالم فله عمل واحد، هو أن ينتج أنواعاً أخرى من الفاسقين.
أستغرب وبشدة، كيف تحارب شجرة مثمرة بالحجارة، وهي تدر عليهم الخيرات؟ والجواب: إن الطغاة لا يريدون لهذه الأشجار العملاقة، والناس البسطاء، العيش بكرامة، في ضوء تعاليم الدين السمحاء، كيلا يرث الأرض عبادها الصالحون، فويل للمكذبين.
تأريخنا للحكام، وليس للشعوب، ولكن هذا قبل ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، فالعقود العجاف ولت، وشموس الحرية أشرقت، فتوقفوا أيها الفاشلون عن أهداف، لا يمكنكم تحقيقها، لأن الأحرار نهضوا من جديد، ليملئوا الأرض قسطاً وعدلاً.