في شباط من عام 2011 وفي تظاهرة في شارع المتنبي احتجاجاً على بعض سلوكيات المؤسسات الحكومية للتضييق على الحريات الشخصية كمنع الاختلاط في الجامعات واجبارية ارتداء الحجاب وصمت الحكومة عن اعمال عنف ضد النوادي الاجتماعية وتفجير محلات بيع الخمور ،حذرت في كلمة لي بجمع من المثقفين والاعلاميين من ان بغداد تسير على خطى قندهار ، وقد اشكل عليّ البعض المبالغة في قراءة المشهد ، وبسبب الضغط الشعبي والرأي العام توقفت تلك الاجراءات .
في عام 2016 أقر البرلمان الموقر قانوناً يسمى واردات البلديات الذي يتضمن في احدى فقراته ” حظر بيع واستيراد وتصنيع المشروبات الكحولية” ولم ينشر في الجريدة الرسمية لإثارته الجدل حول الحريات الشخصية ،لكّن الفرصة سنحت الآن لاحيائه ونشره في جريدة الوقائع العراقية ليصبح نافذ المفعول !!
هل كنت مبالغاً في تحذير المتنبي ؟
يبدو ان المشرّع الكريم لاتصورات لديه عن ما يمكن ان ينتج عن تطبيق قانون من هذا النوع يتعرض للحريات الشخصية التي كفلها الدستور العراقي أولاً وعدم الأخذ بالحسبان تنوعات المجتمع العراقي الدينية والسياسية ثانياً!!
سنضع امام السادة النوّاب الذين انشغلوا بهذا القانون الأيماني تاركين قضية سرقة القرن تتدافع الى قاع النسيان حالها حال القضايا التي سبقتها أو عاصرتها !
أولاً : سيلقي القانون نحو نصف مليون عراقي في الشوارع كإضافة نوعية لجيوش العاطلين عن العمل !
ثانيا ً : سيفتح القانون المزيد من الابواب الى عالم المخدرات التي ستكون بديلاً سهلاً عن الخمور!
ثالثاً : تنشيط وابتكار طرق جديدة للتهريب مما سيفقد الخزينة مورداً مالياً متاحاً ، وهو مايتعارض مع برنامج الحكومة بتنويع الواردات !
رابعاً : تنشيط الصناعة المحلية السرّية للخمور وما تتركه من مظاهر ومشكلات اجتماعية وصحية سلبية !
خامساً : التجاوز على الحريات الشخصية بل والنظام الديمقراطي الذي أقر في دستوره منع سن قوانين تتعارض مع الديمقراطية !
عشت تجربة المنع في ليبيا التي وصلت فيها عقوبة الاتجار وتعاطي المشروبات الكحولية حد الجلد 60 جلدة ، فكانت النتائج في المجتمع الليبي:
أولاً : انتشار زراعة وتعاطي المخدرات على نطاق واسع بين الشباب
ثانياً : رواج التهريب على نطاق واسع
ثالثاً : انتشار التصنيع المحلي للخمور وتبني مافيات متخصصة بهذه ” الصناعة”!
رابعاً : عجز الحكومة بالسيطرة أو مكافحة النتائج السلبية لقوانين المنع ، وهذا ما سيحصل لدينا!!
يقول الباحث في الشأن العراقي حمزة الحردان في تغريدة له على الموضوع، أن “مثل هذه القوانين لا تتناسب مع التنوع الديني والفكري في العراق، معتبراً أن “هذه القوانين سوف تنعكس سلباً على المشرع والمجتمع، لأن الدستور كفل الحريات العامة والمدنية… أنتم تدعمون انتشار المخدرات لا أكثر”!!
بالامس كتبت مقالاً تحت عنوان ” الطريق الى الدكتاتورية ” عن الاستخدام السيء والمبالغ فيه لقانون ” المحتوى الهابط ” واليوم تحت عنوان ” الطريق الى قندهار ” واخشى ان اكتب غدا عن يافطة في المطار تقول ” أهلا بكم في بغدهار”!!