8 أبريل، 2024 5:26 ص
Search
Close this search box.

الطريق الى انتشال العراق من ازمته السياسية المستعصية

Facebook
Twitter
LinkedIn

في كل مرة يختلف الفرقاء المشاركين في العملية السياسية تتصاعد حدة التهديدات بهدم المعبد السياسي على رأس الجميع .. ذلك لأن العملية ذاتها قامت على اسس التناحر والتخالف وتوزيع الحصص زالمصالح الذاتية والمناطقيو زالطائفية والاثنية، ولم تقم على اسس وطنية تراعى فيها مصالح البلاد والعباد ..

 الأحداث الأخيرة التي وقعت في البلاد زادت من جدة التباعد والشقاق بين أطراف العملية السياسية، وفي الوقت نفسه فاقمت التفجيرات التي رافقتها او تبعتها من زيادة عدد الضحايا ومن استفحال التدهور الأمني، مما خلق أجواء سلبية في المجتمع وساد القلق وعدم الأمان لدى الناس في ظل أجواء مشحونة بالتناحر والصراعات التي ينطبق عليها القول (كمن يصب الزيت على النار)، ومع كل الأجواء المضطربة والدامية فقد زادت حدّة الخلافات بين المكوّنات السياسية الرئيسية وخصوصاً في موضوعين رئيسيين:

الأول: ارتفاع وتيرة التحدث بصراحة عن موضوع إقامة الأقاليم، وترشيح محافظتي ديالى وصلاح الدين للبدء بهذه الخطوات، ولم يتوان البعض عن التحدث عن إقامة إقليم سني في مواجهته لسياسة رئيس الوزراء وبعض المكوّنات المشاركة في الحكم، وهذا مما يسبب حدوث عواقب وخيمة منها تمزيق وحدة البلاد على أسس طائفية، كما أن البعض يردد ما تقوله قوى أجنبية لا تريد مصلحة العراق وشعبه.

وقد بدأت تسود بين أطراف العملية السياسية طروحات وحلول مثل قيام حكومة الأغلبية بدلاً من حكومة الشراكة.. وفي هذا المجال يوجد طرحان هما تشكيل حكومة الأغلبية أو إجراء انتخابات جديدة للمجلس النيابي بعد الصعوبات الجمّة التي يواجهها البرلمان الحالي وعجزه عن إتخاذ القرارات الحاسمة في القضايا المصيرية.

ومن الملاحظ أن الاوساط الحكومية هي الأكثر حماساً لهذا المقترح، ولاشك أن حكومة الأغلبية هي الشكل المثالي للحكم في الأنظمة الديمقراطية، ولكن الشرط الاساسي لها هو أن تكون العملية السياسية مبنية على أسس وبرامج سياسية، أي أن الأحزاب هي التي تقود العملية السياسية، وهذا الشرط غير متوفر في العملية القائمة.

فمنذ مجلس الحكم قامت العملية السياسية على اساس المكونات (سني، شيعي، كردي) وهذا معناه أن حكومة الأغلبية ستقوم بإقصاء مكوّن أو أكثر، ويمكن ملاحظة ذلك بما هو موجود حالياً على الساحة، فالكتل السياسية القائمة حالياً تعتمد على هذا النهج، فالقائمة العراقية سمتها الغالبة أنها تمثل الطائفة السنية في حين أن التحالف الوطني شيعي، والتحالف الكردستاني كردي، وهنا لابد لنا من أن نطرح تساؤلاً في ظل هذا الواقع:

 كيف يتم بناء حكومة أغلبية إذا كانت العملية مبنية على هذا الاساس إلاّ في حالة أن يكون الطرف الأقوى هو الذي يشكّل حكومة ويشرك عناصر غير ممثلة للكيانات التي تنتمي اليها، ومن هؤلاء كُثر ولكنهم لا يمثلون الحل، بل سيزيدون المشكلة تعقيداً لأن أهدافهم خاصة وانتهازية وليس لها علاقة في القضية العامة.

الثاني:  الانتخابات المبكّرة فهي أحد الحلول التي تلجأ اليها بعض البلدان في حالة وجود أزمة حكم مستعصية. إننا نعتقد أن الانتخابات المبكّرة في ظل الاوضاع الحالية ستكون مماثلة بنتائجها لما هو موجود فعلاً، فقد أثبتت الانتخابات التي جرت أن الفائز هو من يمتلك المال والسلطة معاً، وهذه هي الحقيقة.
وحتى يكون المقترح جدياً فيشترط في الاساس تغيير قانون الانتخابات وتشريع قانون يسهم في توحيد البلاد من خلال تحويل العراق إلى دائرة إنتخابية واحدة، مع الأخذ بمبدأ النسبية، ومثل هذا القانون يجنبنا مخاطر الطائفية السياسية، وستضطر الاحزاب الطائفية أن تعيد النظر بتركيبتها، كما أن مثل هذا القانون سينصف الأقليات سواء كانت مكوّنات أو أحزاب سياسية.

إننا نعتقد أن الدعوة التي وجهها فخامة رئيس الجمهورية جلال الطالباني لعقد مؤتمر وطني يضم القوى المشاركة في الحكم وغير المشاركة هو المدخل الحقيقي للحل، كما أننا نعتقد أن طريق بناء عملية سياسية بعيدة عن الطائفية السياسية، والتزام القوى ببرنامج الدولة المدنية الديمقراطية (دولة القانون والمؤسسات) هو طريق الوحدة الوطنية العراقية، وإقامة حكم يمثّل تمثيلاً حقيقياً لقوى الشعب العراقي ويشكّل أداة وطنية جامعة، وهذا هو ما نفتقده الآن.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب