19 ديسمبر، 2024 12:15 ص

الطريق الى الميدان

الطريق الى الميدان

لم يسهم طرف في مصر باسقاط محمد مرسي مثل محمد مرسي نفسه، وقد اختصر الطريق على أعدائه ونجح في تأليب عامة الشعب ممن انتخبه ضد سياسته وجماعته، وراهن على قدسية الديمقراطية وضعف المعارضة وقوة الدعم الدولي. ضاع في هيلمان الرئاسة، وهو الفائز بالانتخابات في جولة ثانية وبفارق بسيط بالاصوات عن منافسه بترجيح من القوى الثورية، يومها كان الاخوان جزءاً من الثورة والقوى الوطنية. فوز مريب آنذاك كان مدعوماً بالقوى الليبرالية والسلفية التي أدار لها وجهه، مستأثراً مع ثلة قليلة من خواصه بالسلطة، لقد كان في حزيران 2012 واعداً، وفي حزيران 2013 مبرراً.
لعب القدر دوراً في حصول محمد مرسي على صلاحيات واسعة جداً، لو استثمرها بعيداً عن التخبط والعشوائية، لضمن ـ ربما ـ فوزاً كاسحاً لولاية ثانية. فحين ألغى المجلس العسكري المنحل انتخابات مجلس الشعب، انتقلت الصلاحيات التشريعية للرئيس، اضافة الى صلاحياته التنفيذية. لقد وعد بالتغيير خلال 100 يوم لم يفعل فيها شيئاً، ثم أصدر اعلاناً دستورياً أثار الجدل وهدد السلم الاجتماعي. أصر بعناد على «سلق» دستور لم يعرف أحد كيف مرّ، ثم أجرى حركة واسعة حثيثة لتغيير المناصب وتعيين محافظين ووزراء مقربين من الحركة الاسلامية. الطريق تجاه أخونة الدولة معبد بهدوء كما يظن خصومه.
قضى سنته الوحيدة محاطاً بالتظاهرات والسخرية، لم يستطع إدارة ملف واحد بكفاءة، جمع حوله المطبلين والمصفقين، فقط اقصاؤه لقادة الجيش كان محل ترحيب، حين كانت الآمال معقودة في دولة ديمقراطية قوية. وخلاف ذلك فقد توقف عن الحركة واكتفى بالتبرير والحديث فقط. لقد غبن حق الجماهير، ولم يستطع اكتشاف قدرتها القوية على التغيير، فقد غطت بصيرته هتافات جموع الاخوان والجماعة الاسلامية، حاول ان يستعيد دور مصر العربي من قاعة مغلقة قطع فيها العلاقات الدلوماسية مع النظام السوري شبه المقطوعة اصلاً، وفقد كل قدرة على التأثير افريقياً. تاه مرسي في غيابة القصر، ولم يعرف أن الميدان الذي أوصله للسلطة سيخلعه عنها، وان الملايين التي استفاقت قبل أكثر من عامين، لم تعد الى سباتها، بل ظلت تراقب وتخطط، لأنها صاحبة الشرعية أولاً.