23 ديسمبر، 2024 11:06 ص

الطريق الى الاستقرار

الطريق الى الاستقرار

قد يقول قائل ان سبب فشل سنة العراق وتشرذمهم هو عدم اعترافهم بالعملية السياسية التي كانت ثمار تغيير مشوه لحق البلاد بعد العام 2003..
وقد يقول اخر بان السنة استنفذوا كل مهاراتهم في الحوار او العيش مع الاخرين بطريقة تضمن لهم وللاخرين حياة يساهم الجميع ببنائها، وهذا ما يرفضه الكثير منهم (بحسب اراء من ينتقدهم بشدة)، وبالتالي لجؤا الى الحل الامثل العنف والسلاح (على حد زعم البعض)، في محاولة لتغيير واقعهم الذي بات مزرياً سيما بعد ان استولى تنظيم داعش على غالبية مدنهم التي اجهضت اعتصاماتها بصولة كان قائدها معروف، جر بعدها البلاد في صراع اكل الحرث والنسل.

وهنا يجب الوقوف قليلاً امام الكثير من الاتهامات التي تكال للسنة ولقادتهم الذين مورست بحقهم ابشع الاساليب في الترهيب والملاحقات والاتهام بملفات ما انزل الله بها من سلطان، الغاية منها افراغ الشارع السني من قادته وجعل الساحة فارغة ممن يمثل هذه الشريحة ضمن اطار الدولة العراقية الحديثة التي يعاب عليها الكثير ومنها فقدان الامن واستشراء الفساد بكل مفاصل الدولة والحياة، ناهيك عن التخبط الذي تعيشه الحكومة في تعاملها مع ملفات عديدة داخلية وخارجية جعلت العراق في مصاف الدول المنكوبة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً.

ولا يخفى على الكثيرين؛ ان السنة حاولوا جاهدين المشاركة ضمن اطار التغيير الذي حصل في البلاد، وانضووا ضمن العملية السياسية، وخاضوا الانتخابات بالرغم من الانتقادات التي وجهت اليهم من بعض جمهورهم الذي كان يرفض التغيير، اذن هؤلاء لم يكونوا منغلقين على انفسهم بل ارادوا مشاركة حقيقة وحواراً مستمراً مع شركاؤهم في العملية  السياسية، والدليل اصرار شارعهم بدعم قادته وان كان راغباً عنه في قرارته.

فالسنة لم يحملوا السلاح ضد الدولة، بل كانوا معها ضد الارهاب، فقد حاربوا القاعدة واستمروا بتقديم التضحيات رغبة في التحرر من كل انواع التسلط، الذي ارادت بعض الاطراف فرضه عليهم بقرارات كانت في بعضها جائرة.

الا ان الممارسات التي تحدثنا عنها انفاً كانت سبباً في اعتراضاتهم التي ما فتأ الآخرون ان يجهضوها بالاتفاقات الجانبية وشراء الذمم وغيرها من الاساليب التي طالت من طالتهم والكل يعلم من هم.

ان ما يجري للسنة يعد كارثة لا يمكن استدراكها الا بجملة من الخطوات التي نامل ان تجد طريقها لدى الاخرين الذين يرمقوهم بين الحين والاخر بنظرات التخوين التي اقل ما يمكن ان نقول عنها بانها في غير محلها، نحن وكثيرين نعلم من خان هذا البلد، ومن اوغل في جرحه لدرجة بات معها الجميع يعي المصيبة وينكرها خوفاً من ضياع المكاسب.

وبالعودة الى الطريقة التي يمكن من خلالها تلمس طريق النجاة للعراق ولسنته، اولها؛ الاقتناع بان لاسبيل الا بالعيش معاً وهو امر يجب الايمان به، وهذا لن يتم الا من خلال الجلوس معاً على طاولة حوار تتكاشف من خلالها كل الاطراف.

ولا يبدو غريباً ما تتناوله بعض الاخبار التي تؤكد بان هناك من يتبنى مشروعاً قد يساهم في حلحلة الامور، وهو تاكيد على رغبة هذه الشريحة بالاستمرار ضمن اطار شرعية الدولة، لكن بالمقابل لا يمكن ان تستمر الاوضاع على ما هي عليه.

ان جل ما نتمناها ان يعي الشارع ما يريده خلال المرحلة المقبلة، وان يشخص قادته الذين يحاولون في مساع حثيثة ايجاد الدعم الداخلي والخارجي من اجل الخروج من النفق المظلم الذي نعيشه منذ سنوات مضت، وتحديد السلبيات التي اوقعت الجميع في سلسلة من المصائب، مع ضرور ابعاد اولئك الذين اسهموا في دمار البلاد، وهذا امر قد يكون صعباً لكن ليس مستحيلاً، فعلى الجمهور السني التمسك بقادته المعتدلين الساعين الى انهاء كل الخلافات وايجاد طريق للخلاص، كما على الجمهور الشيعي نبذ المتشددين والطائفيين لذات المقصد.

 

وعلى الجميع الوثوق بمن يحاول ايجاد الحلول وتشخيص الاخطاء بدون خجل، فالمشروع الذي يتبناه هؤلاء المعتدلين قد يفتح الطريق لخارطة طريق يمكن للجميع الوقوف جنباً الى جنب من اجل خلق حالة من التوافق على المشتركات الاساسية للعيش ضمن حدود هذا البلد، المشروع يحتاج للجميع ولجهد استثنائي ولدعم عربي ودولي يفتح الافاق امام انهاء الارهاب وفتح صفحة جديدة مع الجميع من خلال الحوار وايجاد  الحلول والحلول البديلة اذا تعذر الامر.

ان الجلوس معاً قد يكون صعباً، لكنه ليس اصعب من ضياع العراق حينها لن يرحمنا التاريخ، علينا الاستماع الى بعضنا البعض كما يفعل الاعداء، اليس الشيطان الاكبر يتحاور مع ايران، للوصول الى صيغ تضمن للاخيرة تفاهمات تعود فائدتها على الشعب نعم الشعب وليس غيره.

وعليه يمكن للاخوة التفاوض على شروط الحياة السليمة في بلد بدأ يستنفذ خياراته الا من بعض الخيرين الذين يتبنون مشروع انقاد للعراق والذي نامل ان لا نفقدهم في لحظات الطيش المحلي.