18 ديسمبر، 2024 6:54 م

الطريق المسدود للصراع بين ايران والولايات المتحدة

الطريق المسدود للصراع بين ايران والولايات المتحدة

لايزال التوتر مستمرا ومتصاعدا بين ايران والولايات المتحدة الامريكية؛ من خلال التصريحات من قبل طرفي الصراع. تلك التصريحات التى تحمل الاشارات والرسائل المتبادلة للتاثير النفسي في وضع لايلوح فيه حتى الآن اي مخرج لهذا التوتر. ايران تهدد الولايات المتحدة برد واسع وخارج جغرافيتها اي ايران، ان هي اي امريكا اقدمت على توجيه ضربات اليها او ان الحرب الاقتصادية الامريكية اوصلتها او اوصلت الوضع الاقتصادي فيها ووضعته بالنتيجة على سرير الموت البطيء. لنضع جانبا جميع تصريحات الطرفين ولنركز على التصريحين المهمين جدا لكلا الطرفين: ترامب غرد اخيرا، في تويتر من ان الولايات المتحدة سوف توجه ضربات ساحقة الى ايران تصل في بعض الاماكن الى المحو التام، اذا قامت ايران بتوجه ضربات الى المنشاءات الامريكية او مصالحها في المنطقة (وهنا يجب الانتباه الى انه لم يقل مصالح حلفاء امريكا). المسؤولون الايرانيون هددوا بانهم سوف يخففون من التزامتهم في الصفقة النووية، من ناحية زيادة سرعة تخصيب اليورانيوم اي زيادة الكمية المخصبة خارج المسموح بها حسب بنود الصفقة النووية. بالتاكيد ان الايرانيين سوف كما هددوا؛يقومون بزيادة كمية اليورانيوم المخصبة وضمن نسبة التخصيب الذي سمح بها الاتفاق النووي. وهذا لايشكل خرقا للاتفاق النووي وفي ذات الوقت يثير االقلق عند بقية الدول الاخرى الموقعة على التفاهم النووي. لكن الايرانيين وفي عين الوقت هددوا ايضا بانهم لاحقا سوف يقومون برفع درجة التخصيب والعمل على العودة الى انتاج الماء الثقيل مع ان هذا التهديد الاخير غير عملي لجهة ان مركز اراك للماء الثقيل كان قد سد وحسب الاتفاق النووي بالاسمنت. الا اذا كان لدى الايرانيون خيار اخر وهذا امر غير مستبعد. لكنه سوف يكون خيار خطير ناتي عليه لاحقا. الايرانيون هددوا بالعمل على رفع درجة تخصيب اليورانيوم الى درجة 20% وصرحوا؛ من ان هذه النسبة سوف يتم استخدامها في توفير الوقود للمفاعلات النووية الايرانية اي للاستخدام المحلي. الايرانيون اذا ما اقدموا على هذا العمل سوف يقدمون فرصة ذهبية لإمريكا ترامب، تسمح للامريكيين في تجيش العالم ضدهم بما في ذلك الصين والروس، لأنهما سوف يكونان في موقف حرج. نعتقد ان الايرانيين باحتمال كبير ان لا يقدموا على عمل من هذا القبيل؛ لأنهم اذكياء ولهم قدرة كبيرة في ادارة الازمات والصراعات وهذا واضح في ادارة صراعهم مع الولايات المتحدة حتى هذه اللحظة. لنفترض ان الايرانيين قاموا برفع درجة تخصيب اليورانيوم، عند هذا الوقت، سوف يتخلى الاتحاد الاوربي عن الاتفاق النووي ويصطف مع الولايات المتحدة وكذلك الصينيون والروس سوف يجدون انفسهم في وضع لايسمح لهم بالاصطفاف الى جانب ايران على اقل تقدير حتى وان لم يصطفوا الى جانب امريكا ترامب. اما التهديد الايرني بالعودة الى انتاج الماء الثقيل، ان كان عندهم باب اخر او وسيلة اخرى تسمح لهم بالعودة الى انتاج الماء الثقيل، فان هذا الامر خطير جدا ويشكل عون قوي جدا لإمريكا ترامب، في فتح طريق الادانة لأيران، كونها تعمل او تخفي نيتها في العمل على انتاج السلاح النووي، لأن الماء الثقيل وحسب ما يقول ذوي الاختصاص من ان انتاج هذا الماء يفتح طريقا واسعا وسريعا في انتاج السلاح النووي. ان هذا التهديد ان تحول الى واقع سوف يفند الرواية الايرانية والتى قيلت على لسان اعلى المستويات، من انها لاتريد انتاج او حيازة السلاح النووي وهذا صحيح لقناعة كاتب هذه السطور المتواضعة؛ لذا، من المؤكد ان ايران لن تقدم على هذه الخطوة وان هددت بها.التوتر بين الطرفين وصل الان الى طرق مسدود، وهو ومن دون ادنى شك، له علاقة، علاقة عضوية لتمرير صفقة القرن سيئة الصيت والمنبع والنوايا والاهداف وهذا موضوع اخر يحتاج الى مقال اخر. ان الامريكيين يريدون التفاوض مع ايران وفي ذات الوقت يشددون الحرب الاقتصادية عليها بدرجة كبيرة جدا وقاسية جدا، وفي الوقت عينه يرفضون رفع العقوبات الا بعد ابرام اتفاق جديد، وهذا الاتفاق يريدون به ومن خلاله تجريد ايران من قوتها لجهتين التسليح الصاروخي والقوة الايدولوجية..مما يجعل ايران ترفض حتى الان التفاوض وهي سوف تستمر في الرفض في هذا الوقت الذي يسبق الانتخابات الامريكية. أذا التوتر مستمر الى حين ولو ان ما بعد هذا الحين مشكوك في انه سوف يفتح مخرج في طريق الصراع المسدود اصلا. نعتقد ان ايران سوف تعمل في الفترة القادمة على فتح منافذ في اسوار الحرب الاقتصادية الامريكية عليها بمختلف الطرق والوسائل المتاحة بما فيها توجيه ضربات محدودة جدا ومحسوبة بدقة وباذرعها في المنطقة،على مصالح حلفاء الولايات المتحدة من غير تدخل في اشتباك مباشر ولو محدود جدا مع المصالح الامريكية في المنطقة؛ القواعد الامريكية او الاساطيل الحربية الامريكية في الخليج العربي او في اي مكان اخر. الامريكيون من جهتهم وقد اكتملت استعدادتهم العسكرية في الخليج العربي والمنطقة، من المحتمل جدا، اذا ما تعرضت قواتهم او مصالحهم المباشرة لهجوم ايراني ومهما كان نوعه وحجمه وقوته بما يشبه اسقاط الطائرة الامريكية المسيرة ، سوف يقومون بتوجيه ضربات محدودة على ايران ومن النوع الثقيل والتاثير الفعال.اذا ما حدث هذا فسوف ينحصر في حدود تاثيراته ومن غير المحتمل ان تتوسع تاثيراته كما يقول الايرانيون. اما لماذا لايتوسع؟ لسببين الاول ان الامريكيين لايريدون له ان يتوسع لناحية تاثيره على الانتخابات الامريكية والثاني ان الايرانيين هم ايضا لايريدون له ان يتوسع، لأنهم ان قاموا بتوسيع مساحة الرد، يكونون قد وضعوا امريكا ترامب في وضع لابد لأمريكا فيه، بالرد الواسع النطاق، يكلف الايرانيين كثيرا وكثيرا جدا، والايرانيون برغماتيون ومناورون جيدون جدا، وبالذات لمعرفتهم الدقيقة والواسعة للامريكيين وما يضمرون لهم من نوايا، خصوصا وانهم اي الامريكيون، قد اكملوا استعداتهم العسكرية لهذا الاحتمال. في العموم هذا التوتر بين الاثنين خطير جدا ومعقد جدا وحتى الان لايلوح في الافق المنظور اي بارقة امل في تفكيك هذا التعقيد.