ينحدر المشهد السياسي العربي إلى المزيد من التدهور والتفكك والخروج عن الثوابت القومية ، بعد الأحداث العاصفة المرعبة التي تشهدها المنطقة العربية تحديدا ،والتي سميت بالربيع العربي ، وهي في حقيقتها لا ربيع ولا عربي إذا دققنا النظر بعيدا عن العاطفة العربية ، فما حدث في مصر ويحدث الآن من فوضى في الشارع المصري، تشي بعواقب غير مضمونة النتائج (الضحايا في ميدان التحرير وإلقاء القبض على ثلاثة أمريكان بحوزتهم أسلحة مولوتوف ،واستقالة حكومة شرف )، مع إصرار مستميت من متظاهري الشارع المصري في محافظاته ابتداء من ميدان التحرير، على تنحي المجلس العسكري، وإقامة حكومة مدنية قبل الانتخابات ، هذا يعني أن هناك أيد خبيثة ،لا تريد للوضع أن يستقر هناك ، بل تبحث عن مخرجات لأجندة خارجية ،الهدف منها إثارة الطائفية ( ماسبيرو القاهرة مثالا) . وهكذا انتهت جماهيرية القذافي إلى دولة هلامية ،تتقاتل فيها القبائل والفصائل الإسلامية ،والمليشيات المسلحة التي ترفض تسليم أسلحتها والمناطق التي تستولي عليها كغنائم حرب ، بمعنى حصل التفكك وانتهى كل شئ هناك ، واليمن وقع على المبادرة الخليجية، في جو ملتهب في الشارع اليمني يرفض المبادرة ويطالب بمحاكمة الرئيس صالح ، وهذا يعني أيضا أن الثورة اليمنية في طريقها إلى التصعيد والاقتتال الداخلي ، ماذا بقي إذا بعد خراب العراق وتمزيقه وتركه في أيدي الطائفية والمليشيات المسلحة والتفجيرات والاعتقالات ،ويغطس في الفساد المالي والإداري إلى أذنيه ، تهدده حرب الأقاليم والفدراليات الطائفية والعرقية ،وينخر في جسده حمية الثأر الطائفي والحزبي والضغائن، بفعل قوة النفوذ الإيراني المعلن بأجنحته ( الحرس الثوري وفيلق القدس ) ، نأتي الآن إلى سوريا التي تعيش آخر لحظات الحكم في نظامها ،ودور الجامعة العربية المخزي في إدارة الأزمة الداخلية، التي تضرب المدن السورية ، هذا الدور الذي ترسمه وتوجهه لها أمريكا ودول الغرب ،وينفذه بعض حكام الخليج العربي ، الوضع الآن وكما يصرح معظم من يخطط إلى التغيير في سوريا ،يتجه نحو (الحرب الأهلية) ، وقد لعبت وتلعب تركيا دورا مزدوجا في الأحداث الدامية هناك ،يقابله ( الدور الإيراني وحزب الله ) مناصرين للنظام السوري ،هنا تبرز خطورة الأزمة وتنذر بحرب عالمية أخرى في المنطقة ،تحرق الأخضر واليابس فيها ،لتطبيق سايكس بيكو جديد ،يغير الخارطة السياسية والجغرافية فيها ،فقد وصلت البوارج وحاملات الطائرات والصواريخ الروسية الشواطئ السورية لنصرة نظام بشار الأسد ، وهناك على الطرف الآخر تتمركز حاملات الطائرات والجيوش الأمريكية والبريطانية في الخليج العربي ودوله ،خاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية المحتلة للعراق إلى جنوب العراق ، إذن المشهد يزداد تعقيدا وتوترا شديدا مع تصاعد التصريحات الإسرائيلية بضرب مفاعل إيران النووي وتدميره بمباركة الدول الغربية والعربية ، هذا السيناريو هل هو لتخويف إيران وسحبها من مساندة النظام السوري أم هو تكتيك للخلاص من النظامين الإيراني والسوري الواحد تلو الآخر؟، اعتقد أن الهدف الأول هو فرض التغيير الداخلي السوري ،لكي تتفرغ أمريكا والدول الأوربية وحلفائها العرب لتدمير مفاعلات إيران النووية ،التي توشك على الانتهاء منها بحلول العام القادم ،وعندها يمكن أن توقظ الخلايا النائمة في دول الخليج لكي تكتمل صورة سايكس بيكو الجديد في المنطقة ،ويصبح أمرا واقعا ( أحداث القطيف في السعودية وأحداث الكويت وأزمة مجلس النواب ) .هكذا هو الطريق إلى سايكس بيكو كما بشرتنا به وزيرة الخارجية السابقة كوندليزا رايس ،قبل أن تترك وزارة الخارجية الأمريكية ،وقسم منا مع الأسف يسميه ( الربيع العربي ) ، فأي ربيع هذا الذي تذهب آلاف الأرواح المزهوقة بسببه ،دون مبرر حقيقي سوى وهم الدكتاتوريات الذي يعشش في عقول الآخرين .. يا أخوان هذا مخطط تفكيكي وتفتيتي ،نادى به وخطط له وكتب مشروعه برنارس لويس ،منذ عشرات السنين وتنفذه الآن إدارة اوباما والدول الأوربية، لأهداف لم تعد تخفى على احد في منطقتنا العربية وفي العالم كله ، إنها سياسة تفكيك المنطقة وإعادة رسم خارطتها على مقاس أمريكا وحلفائها في المنطقة ….فأنتبهوا ايها العرب…وأستفيقوا…..