الطب مهنة انسانية قبل كل شيء وتحية احترام وتقدير لكل الاطباء الشرفاء الذين يمتهنون المهنة بكل شرف وامانة ومروءة وانسانية، فالطبيب يؤدي قسم شرف المهنة قبل تسلم شهادة تخرجه ، خدمة للإنسانية قبل ان يفكروا بما يجنونه من أموال لقاء جهودهم الانسانية العالية . فالعلم والمعرفة والتوفيق الإلهي هبة من الله سبحانه وتعالى خص بها شريحة من البشر وعلى هؤلاء ان يشكروا الخالق على نعمة العلم وان يسخروها من اجل خدمة وسعادة البشرية وتحقيق الأهداف النبيلة ومرضاة الله سبحانه وتعالى الذي يجزي خيرا واجرا عظيما .
في العراق كان هناك الكثير ولايزال من الأطباء الذين سخروا عياداتهم لمعالجة المرضى لقاء اجور تتناسب والحالة المعيشية التي يعيشها الكثيرون ، اذا لم نقل ان البعض من هؤلاء يعاينون مرضاهم مجاناً لو شعروا بفقرهم او ضيق في حياتهم المعيشية . ولا زال نفر قليل من اولئك الرعيل من الأطباء الشرفاء المخلصين الذين لم تغويهم ملذات الدنيا وطمعها ولم تثنيهم الظروف الامنية عن ممارسة عملهم الانساني بل ازدادوا صبرا وتحديا في مواجهة اقسى الظروف ولم يهاجروا خارج العراق .. وعلى سبيل المثال الطبيب اخصائي الأمراض القلبية د. نزار الجلبي وشقيقه د. صلاح الجلبي في “مدينة الكاظمية المقدسة “والتي لا تزال اجرة كشفه الطبي ٢٠٠٠ دينار اجرة رمزية دعما للفقراء ومن امثالهم الكثيرون الذين سخروا وقتهم وعلمهم من اجل خدمة الناس والمجتمع امثال د. سيد جواد الموسوي ن”قيب اطباء بغداد “حاليا بكل مواقفه الانسانية المشرفة لمساعدة المرضى وتسهيل الكثير من الإجراءات الرسمية بغية سفر ومعالجة الحالات الخاصة خارج العراق .
وخطواته المهنية باعادة توزيع جميع الملاكات الطبية والتمريضية والادارية وبشكل علمي مدروس وحسب الاحتياج الفعلي وعلى جميع مستشفيات وقطاعات بغداد لتقديم اعلى الخدمات للمواطن العراقي
لكن بطبيعة الحال أن طبيعة التغيرات التي حصلت في العراق بعد عام ٢٠٠٣ أفرزت كثيراً من التعاطي بعيداً عن الجانب الانساني والتوجه نحو صوب اغراءات الحياة والماديات في عملية بناء الذات بعيداً عن بناء الوطن التي من اهم لبناتها نكران الذات والتفاني لاجل خلق مجتمع متعاون ومن مبادئه مساعدة المواطنين المحتاجين، وعلى ضوء ذلك علينا ان نذكر انفسنا وذوي الاختصاص ان كانوا اطباء ام غيرهم بأن تراكمات الخلل النفسي والديني والاخلاقي والاجتماعي والسياسي والامني في المجتمع العراقي الاكثر ارتفاعاً وتوترا في العالم نتيجة المخاضات العسيرة والاضطرابات الامنية والسياسية والاجتماعية التي شهدها المجتمع والواقع العراقي الغائب فيه القانون القوي والصارم للحد من كل مظاهر الفساد والاستغلال ، وبناء على ذلك فنحن نحتاج الى نهضة فكرية انسانية ووعي عميق يرتقي بالمستوى الديني والعلمي مع تفعيل دور الرقابة والقانون وتوجيه دورالاعلام والمؤسسات لترقيع الحالة النفسية للمواطن العراقي ، وعلى المؤسسات الصحية الرسمية ان تنهض بالجانب الصحي والرقابي وتقيم عمل مراكزها ميدانياً وعملياً وكذلك ابعاد شبح الاستغلال والمتاجرة من قبل ضعاف النفوس وكلاب المال من ذوي العيادات الخاصة وعدم فسح الساحة على مصراعيها امامهم للتربح من دماء العراقيين .وان ظاهرة جشع الاطباء وغياب المعايير والاعتبارات الانسانية والاخلاقية والقانونية ظاهرة طارئة على بيئتنا الصحية التي كانت تزخر بالاطباء المهرة الذين كانوا يشفقون على ذوي الدخل المحدود والفقراء، فقد كانت اجرة بعض الاطباء في عياداتهم الخاصة مناسبة لدخول فئات المجتمع الفقيرة ، بل القسم منهم يعفو المحتاجين والمعوزين من اجور الكشفية او المعاينة ، والقسم الآخر يتعاون مع النقابات الاخرى كالمعلمين والعمال لارسال مرضاهم لعياداتهم الخاصة ، حيث يبرز المريض هوية النقابة التابع لها لخصم بعض من الاجور ، وكانت مهنة الطب متقيدة بالاعتبارات الانسانية ، عكس ما نراه اليوم من غياب لكل تلك المعايير والاعتبارات ،واعتبار الوارد المالي اليومي للطبيب في عيادته الخاصة ما يربو على ملايين الدنانير ، جلهم لا يحملون كفاءة علمية كما كان سابقاً لان الكثير من الاطباء ذوي الكفاءات العالية هاجروا بسبب الابتزاز والتهديد في ظل الوضع غير المستتب او توفوا ولاجل الحد من هذه الظاهرة يعتمد اساسا عن تدخل الدولة فيما لو كانت هناك دولة مؤسسات تحمي رعاياها ومواطنيها ، وتفعيل قانون الرعاية الصحية المجانية اسوة بالدول المتقدمة في العالم
فالطمع والجشع الذي دفع الكثير من الأطباء للتخلي عن شرف المهنة ليتعامل مع الآخرين بعقلية التاجر”
يجب على الدولة والمجتمع استىصال هذا المرض الطارئ على مجتمعنا الاسلامي والانساني والعشائري الذي يعتمد على فعل الخير والمروءة في التعاملات الانسانية ،لان كلاب المال بلا دين ولا أخلاق .
مرسل من هاتف Samsung Galaxy الذكي.