22 ديسمبر، 2024 11:00 م

الطبقجلي ورفعت الحاج سرّي .. مواقف غائبة عن الجمهور !

الطبقجلي ورفعت الحاج سرّي .. مواقف غائبة عن الجمهور !

على الرغم من نشر الكثير من الكتب والبحوث , والعديد من المقالات طوال اكثر من ربع قرنٍ من الزمن حول الضابطين الرفيعين الشهيدين العميد الركن ناظم الطبقجلي والعقيد الركن رفعت الحاج سريّ , إلاّ أنّ هنالك من الحوادث والمواقف الآنية الحادّة مّما تفوق ابعادها مجلداتٍ وموسوعات , ومن المبهم أن لم يبرزوها للإعلام المؤرّخون والكتّاب وشهود العيان وسواهم .

فالعميد الركن ناظم الطبقجلي أحد ابرز اعضاء حركة الضباط الأحرار , والذي تميّز بشخصية مهنية عسكرية عالية بين كافة ضباط الجبش العراقي قبل وبعد الأطاحة بالنظام املكي , وهو اقدم من عبد الكريم قاسم برتبة عميد , واكمل دراسته العسكرية العليا في بريطانيا , بعد 14 تموز 1958 تمّ نقله الى قائد الفرقة الثانية في كركوك , حيث كان الجيش العراقي يتكون من اربع فرق فقط , وسخّر امكانياته وامكانيات فرقته العسكرية بأعمار المحافظة وكأنه محافظها , وكان قاسم يخشى ويتجنب مكانة و شخصية ناظم الطبقجلي , فأستغلّ حركة تمرد الشواف في آذار 1959 وزجّ بأسم الطبقجلي مع المتهمين الآخرين , الذين سيقوا بعدها للأعدام بمنطقة أمّ الطبول الشهيرة … وليست هذهنّ السطور اعلاه هي محور الحديث .! , ففي مطلع خمسينيّات القرن الماضي , أي قبل عدة سنوات من حركة 14 تموز , حيث كان الطبقجلي آمراً للواء الحرس الملكي , فأتّصل به نفرٌ من الضباط الأحرار وعرضوا عليه الأنضمام الى الحركة , فوافق على الفور ومنذ الدقيقة الأولى , وبانَ أنه يحمل ذات التوجهات الوطنية لإسقاط النظام الملكي , وابلغوه هؤلاء الضباط بأهمية استغلال واستثمار منصبه العسكري لتسهيل عملية الثورة , لكنهم فوجؤوا بقوله : < انني الآن مؤتمن على حماية القصر الملكي , فكيف لي خيانة هذه الأمانة .! , لكنه وبمجرّد نقلي من هذا المنصب فأبدي استعدادي لتنفيذ الثورة > .!

   أمّا العقيد الركن رفعت الحاج سرّي , وهو المؤسس لحركة الضباط الأحرار بعد حرب 1948 في فلسطين , وهو الذي كان يدير التنظيم حتى آخر سنواته .. والده الحاج سرّي من مؤسسي فوج موسى الكاظم – اول فوج في الجيش العراقي عند تأسيسه . وكان العقيد الركن رفعت رافضاً الأطاحة بالنظام الملكي بتلك الطريقة البشعة , حيث خطّط لعزل العائلة المالكة وعدم قتلهم , واقامة نظام جمهوري .

بعد شهورٍ قلائل من تفرّد قاسم بالحكم وتسببه بالفوضى السياسية والأمنية بكلّ خطورتها , آثر العقيد رفعت الأنضمام الى الحركة الوطنية والقومية التي تشكلت من عدة قوى واحزاب للأطاحة بقاسم , وفي ظرفٍ ما في بداية الحكم الجمهوري كان العقيد رفعت يشغل موقعا هاماً في مديرية الأستخبارات العسكرية , فعرضوا عليه الضباط الوطنيون التخلّص من قاسم وقتله بأسهل السبل لإنهاء الدكتاتورية في العراق , لكنّ العقيد رفعت فاجأهم بأجابته : – أنّ عبد الكريم قاسم يأتي الى مقرّ الأستخبارات والى مكتبه شخصياً في وقت المساء بنحوٍ شبه يومي , مستفسراً عن الأوضاع الأمنية في البلاد , واضاف :- فهل أخونُ من يزورني في مكتبي واغدره !

 وفي ايلول ن عام 1959 سيق العقيد الركن رفعت الحاج سرّي مع العميد الطبقجلي ومجموعة اخرى من ارفع ضباط الجيش الى ساحة الأعدام , وكانت تلك إحدى اسباب إعدام عبد الكريم قاسم , رحمة الله عليه وعليهم جميعاً …