23 ديسمبر، 2024 4:27 ص

الطبقة الوسطى .. هي قائدة المجتمع

الطبقة الوسطى .. هي قائدة المجتمع

كل الدراسات الاقتصادية، والأجتماعية ، والثقافية، والنفسية،  تؤكد، لكي يكون البلد ناهضاً، ومتقدماً، ومتحضراً، يجب أن تكون فيه الطبقة الوسطى، هي القائدة للمجتمع. فمن هي الطبقة الوسطى؟ هي تلك الطبقة التي تتكون منها شرائح المجتمع المدركة، والواعية، من معلمين ومدرسين وأساتذة جامعيين، وأدباء من شعراء وقصاصيين وكتاب متخصصين في النقد والأدب، ومثقفين، ومهندسين وفنانين، وصحفيين وأعلاميين، وموظفين، وعلماء ومخترعين، ومهنيين في قطاعات مختلفة في الصناعة والزراعة، وتجار وصناعيين، وقضاة ومحامين، وأطباء وصيادلة، وعسكريين من ضباط وضباط صف، وطلبة جامعة وخريجين، وعمال مهرة. أي أنها تمثل نخبة المجتمع الفاعلة النشطة، فهي محركه ورافعته. وكلما وسعت هذه الطبقة وتعمقت، كان المجتمع راقياً، وفاعلاً، ومرفهاً، ونشطاً. وكلما ضاقت هذه الطبقة، أصبح المجتمع خاملاً، ومتخلفاً. الطبقة الوسطة رافعة للطبقات الأدنى منها، ومحفزة لها للتقدم والنهوض الى الأمام. وهي في نفس الوقت ساحبة للطبقة الأعلى الغنية، من خلال مراقبتها، ومحاسبتها، وجعلها مدركة لدورها من خلال ما تملك من ثروة، ومال، وطاقة، تدفعها لأن  تسخر لخدمة المجتمع. أي أن الطبقة الوسطى هي بيضة القبان في المجتمع. ولو تفحصت ايٍ مجتمع في بلاد الأرض المتقدم، تجد إن سر تقدمه، نضوج، وفاعلية، ونشاط، وسعة طبقته الوسطى.

نحن، الآن في العراق، ما سر تخلفنا، وكبوتنا، وتردي مستوانا، المعاشي، والثقافي، والاقتصادي، والاجتماعي، وحتى الأخلاقي. أنه ببساطة غياب الطبقة الوسطى، وضمحلال حجمها، وهروبها، أمام سطوة الطبقة الدنيا في المجتمع، ومع كل أحترامي وتقديري لهذه الطبقة، فهم أبناء البلد، ولكنهم لم  يؤهلوا، وليس لديهم الإستعداد، ولا القدرة، ليقودوا، ولدى أمثلة لا تحصى، لإنتقال عادات وتقاليد وأعراف الطبقة الدنيا، وخاصة الريفية منها، لتكون تلك المفردات كقواعد جديدة بديلة، لقواعد السلوك الإجتماعي المدني، التي كان المجتمع المدني معتاداً عليها، قبل ذلك. وقد فرضت القواعد الجديدة، بالقوة المتجبرة المتخلفة، الفورية، على كل عموم المجتمع.  وليس كقواعد الطبقة الوسطى المدنية المتدرجة. مما جعل المجتمع المدني ينسحب من فضاءات، التقدم، والحضارة، والرقي، الى فضاءات التخلف، والتراجع، والبداوة. فالمجتمع لا يقاس تقدمه إلا بإنتشار موسعة القيم الى أوسع مدياتها. ويقاس تخلفه بإنعدامها. فكيف لنا، الآن، أن نسترجع الطبقة الوسطى الهاربة، وهي تنتشر في كل زوايا الأرض، وكل بقاعها، ولم يبقى بلد من بلدان العالم، ليس فيه عراقي من هذه الطبقة، حتى، وعلى سبيل الطرفة،  إن لي إبن صديق، يعمل طبيباً في دولة أسمها غرينادا وترينيداد، فهل سمع احداً قبل هذا بمثل هذه الدولة. مطلوب، إذاً،  إسترجاع طبقتنا الوسطى بالدعوة أولا؛ بصوت مسموع، كفى ، وثانياً؛ العمل على إشاعات مستلزمات إعادة  الثقة لأن يكون البلد جاذب لبنيه، من الطبقة الوسطى، وليس طارداً. وهذه هي مسؤولية من يتصدى لدست الحكم، بالدرجة الأولى، وهي، أيضاً، دعوة لكل من تبقى من الطبقة الوسطى في العراق، العمل المجاهد، والمتواصل، والدؤوب، من اجل إسترجاع القيادة للمجتمع، وبذلك تقود البلاد،وأن لا يترك الوطن، نهباً، لمن لا يستطيع التقدم به خطوة نحو الأمام.