لم يدر بخلد الطبقة السياسية ان هذه التظاهرات ستكون السهم الاخير في نعشها ، ولم يصور لها خيالها المريض ان ممارسة ابشع الطرق مع المحتجين ما هي الا تأكيد على انها لن تفي باي عهد قطعتهه امام الله وامام الشعب بدفع عجلة البلاد الى الامام ، التنصل والتسويف والرهان على نفاد صبر المحتجين هي ما عولت عليه هذه الطبقة الفاسدة لانهاء خطر اقصاءها من المشهد تماما فكل ما كان يدور من حديث في وسائل الاعلام ومنصات التواصل حول تلبية مطالب المحتجين والانصياع لمطالبهم كان مجرد مضيعة للوقت لا اكثر .
التمسك بالمطالب وادامة زخم الاحتجاجات احرج هذه الطبقة كثيرا فكل ما اتجهت الى انهاء التظاهرات وفض الاعتصامات بالقوة لاقت المصير ذاته ، حشد بشري على مد البصر يرفد ساحات التظاهر دونما شعور وهو ما لم تستطع هذه الفئة ان تستوعبه لغاية الان .
ومع هذا المد الشعبي الذي فاق التوقعات البست هذه الطبقة الحاكمة بعض الجهات ثوب المسؤلية وزجت بها داخل التظاهرات كاخر ورقة يمكن ان تستخدم للحفاظ على هيبيتها المنزوعة فقدمت منصب رئاسة الوزراء لمحمد توفيق على طبق من الدماء وراحت تنزع جلدها كالافعى الرقطاء وتوهم الشارع ان هذا المرشح خرج من رحم سوح التظاهر وفرضته بقوة السلاح كما جرى في النجف والتحرير .
في هذا الوضع ومع تسارع وتيرة الاحداث وتقلبات الشارع لم يكن امام المحتجين سوى اللجوء الى خيار القبول بالمرشح بعد ان تغلبت لغة السلاح على كل بيانات الرفض ولكن في الوقت ذاته بجب ان تعي الطبقة السياسية ان القبول بالمرشح لا يعني الاستغناء عن المطالب ونسيان كل التضحيات التي بات اثرها جليا في ساحات الاحتجاج بل هي خطوة تمهيدية لاجراء الانتخابات المبكرة التي من الممكن ان تغير الوضع كثيرا وتساهم في انهاء هيمنة الاحزاب السياسية التي باتت تطلق انفاس الموت الاخيرة .