8 أبريل، 2024 6:14 م
Search
Close this search box.

الطبائع الغابية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

قرأت لأحد الأساتذة مقالا تحليليا يتحدث فيه عن عقلية “الغالب والمغلوب” المهيمنة على السلوك السياسي.

وكلما تُذكر كلمة “سياسي” , أتساءل :”هل عندنا سياسة”؟!!

فالمشكلة التي لا نصدق وجودها أن سلوك الكراسي تنطبق عليه آليات الغاب وأكثر.

إذ يتفوق عليها بوحشيته وإطلاقه لقدرات الشرور والجور والفجور , فالكرسي هو ميدان إنفلات النفس الأمّارة بالسوء.

وهذا معروف على مدى العصور , والقادة الذين خلّدهم التأريخ إما من الذين حاولوا لجم جماحه  وطيشه , أو ركبوه إلى أقصاه فعبّروا عن غاية الشر وذروته في أفعالهم التي ترتعب منها الأرض.

وهم أكثر من الذين حاولوا أن يلجموا تطلعات النفس الأمارة بالسوء والبغضاء , ويتكرر في حياتنا التي نسميها (سياسية) , وما هي بالسياسية وإنما بالغابية.

البعض يرى أن في الغاب ضوابط وتقديرات متعارف عليها , كالجوع والقوة والضعف وإرادة البقاء, فالحيوانات المفترسة تصطاد ما ضعف من القطيع , وتحافظ على التوازن بتقليل الأعداد.

أما في عالم الكراسي فلا ضوابط ولا أحكام , وإنما إرادة الإنفلات المطلق , التي لا تعرف الحدود والوقوف عند مكان , أو الإعتراف بالقناعة وتغيير الرؤية والإتجاه.

فالذي يسرق يتمادى بالسرقة , ومَن يقتل يتواصل في القتل , والظالم يتمادى بظلمه وهكذا دواليك.
وفي عالمنا الذي قُتلت فيه النفس اللوامة واعتقلت النفس المطمئنة , وتسيّدت أمّارة السوء التي فينا , لا يمكن القول بوجود سياسة , ولا يصح الإقتراب من الحالة بعقل ورشاد , وإنما التضليل هو القانون والإضطراب هو الدستور , مما أباح الفساد والقهر والقتل والتمادي بالسيئات.

فوجدتنا في عالم المحق الذاتي والموضوعي والإتلاف الحضاري المروّع.
وساد العداء الوطني والغباء السلوكي , الذي أدّى إلى أن تكون أفعالنا ذات صفة إنتحارية , فأما أنا موجود أو يبيد كل موجود.

هذا السلوك يتكرر في بلداننا ويدمّر معالم وجودنا , ويدفع بنا إلى إنقراض حتمي وعلى جميع المستويات.
وقد نتوهم بأننا لن ننقرض, و سنكون , لكن دوام السلوك الإنقراضي سيدفع لحتمية الهلاك والإبادة التامة لمعالم الوجود الذي يرتبط بنا , فلن يكون عتاة الكراسي غلبة ولن يغلب إلا الطامع فينا جميعا.

وهذا قانون إمتلاك الشعوب الجديد , الذي يرفع رايات الحرية وحق تقرير المصير على لافتات سامية , ويمثلها بسلوكيات دامية.

وهو ديدن وجودٍ فوق التراب , فما ملكنا شيئا إلا جئنا بما يناقضه , وما صنعنا شيئا إلا سخرناه للشرور!!

فهل سيتأهل واقعنا للحديث عن صلاح سلوك وإرادة أكون؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب