23 ديسمبر، 2024 2:00 م

يقال في الأمثال “الطايح رايح” نسبة إلى السقوط والضياع في دوامة الفوضى والعنف خصوصاً وان العراق يعيش هذه الفوضى الأمنية من عسكرة المجتمع العراقي وتحويله إلى معسكر مخلف تسيطر عليه البندقية في قبالة دول العالم المتقدمة والمتحضرة التي تعد مشاريعاً خدمية لمواطنيها وتحسين لمستوى المعاشي لهم ولسنين مقبلة ، وتعمل على إعداد الخطط والاستراتيجيات الاقتصادية لبناء البنى التحتية للدولة ، والنهوض بالواقع المعاشي وتامين العيش الكريم، مما يجعل المواطن ينظر إلى المشاريع بعين المتابع والمقيم لمدى جهد الحكومة وما تقوم به ، واغلب هذه المشاريع يتم الإعلان عنها لكي تكون واضحة أمام المواطنين ، ويساهم في تقييم الأداء الحكومي ، ولا يعيش في دوامة الخوف من الفساد الإداري والمالي الذي ينال من هذه المشاريع ويحطم مستقبل البلاد .

العراق بلد الحضارات، وبلد العلوم المختلفة، والذي خرج الكثير من العلماء على مر العصور ويذكرهم التاريخ ويمجدهم، ويذكر ما صنعوا للبشرية من انجازات كبيرة وعظيمة، بلد الضاد، الذي علم الحضارات الأخرى الكلام والكتابة، والعلوم وفي شتى المجالات، بلد الحضارات أصبح في مقدمة الدول الأكثر فساداً في العالم وكما تشير اغلب الدراسات التي تصدر من معاهد ومراكز عالمية كبرى.

صحيح ان الفساد الإداري والمالي يعد ظاهرة عالمية تشمل مختلف البلدان، حيث لا يوجد مجتمع خالي تماماً من الفساد، ولا توجد حكومة نظيفة من الفساد في كل المجتمعات، لكن الاختلاف هو في مستوى الفساد من مجتمع لآخر، فالفساد هو جزء من الطبيعة البشرية، فجذور الخير والشر موجودة في الإنسان وقد تتغلب نوازع الخير في البعض فيما تتغلب نوازع الشر عند البعض الآخر ولابد من القول بأن ظاهرة الفساد ليست وليدة اليوم بل إنها موجودة منذ وجود الإنسان لكنها تتزايد وتتسع بشكل خاص في ظل الحروب وتدهور الحالة الاقتصادية والمعيشية وفي ظل الصراعات التي تحصل في المجتمعات كما أن آفة الفساد تسببت الفساد في خسائر اقتصادية كبيرة في المجتمعات المعنية الى جانب التأثيرات السلبية الاجتماعية والسياسية، ولكن هذا لايعني السكوت عن ملفات فساد كبيرة وخطيرة.

الموطن العراقي ينظر الى المشاريع الحكومية بنظرة الريبة والشك، وإنها مشاريع للحكومة ولا دخل للموطن فيها، والا منذ تسعة عشر عاماً مضت، واين نحن الان؟

مشاريع اقتصادية وهمية، صفقات كبيرة وخطيرة تعقد خلف الكواليس، وإن الأساس السياسي لبروز ظاهرة الفساد المالي والإداري في العراق وهو المعول الرئيسي لدراسة الظاهرة هو التعامل المشوه مع الجانب السياسي لنظام السوق , وهو النظام الديمقراطي الذي مورس بأبشع صوره من خلال التعامل بالمحاصصة في تقاسم السلطات السياسية والإدارية للدولة .. وكان للصراع الطائفي العنيف الذي شهده البلد والذي أدى إلى تدهور أمنى كبير أصبح هو الشغل الشاغل لكل المكونات الاجتماعية بما فيها مؤسسات الدولة مما أدى إلى غياب كامل لدور مؤسسات الدولة الرقابية، واخذ كل مؤسسة دورها في مراقبة ومتابعة صرف المال العام، حيث أصبح النظام من دولة تعتمد نظام التخطيط المركزي الى نظام منفلت خالي من الرقابة.

نحن نثير التساؤل، والمطروح في الشارع العراقي، هل هناك رؤية أو استراتيجية لدى الحكومة على المدى البعيد (القانون فوق الجميع) أم أن الوضع العام يسير وفق مبدأ (الطايح رايح).