تستخدم الطاقة النووية في تسيير آلات الحرب الضخمة ، وبالذات السفن الحربية والغواصات ، فيكفي أن نعرف ، ان الطاقة المتولدة من 1كغم من اليورانيوم ، تساوي 2 مليون ضعف لنفس الوزن من الوقود الأحفوري السائل ، وهنالك عناصر ثقيلة أخرى ، تُستخدم في المفاعلات ، كالبلوتونيوم ، الا انها أغلى ثمنا ، وأكثر انتاجا للطاقة .
ان 1 كغم من الوقود النووي ، بأمكانه تشغيل المدمرة البحرية الأمريكية (ميسوري) لمدة 11 عام ، وهنالك وقود نووي في حاملات الطائرات ، يكفيها لمدة 25 عام دون التزود بالوقود ، علما أن حاملة الطائرات هذه تحتاج الى طاقة لتسييرها ، وتشغيل أجهزتها بما في ذلك الرادارات والأنارة وأجهزة التحكم بالسلاح ، ما يعادل استهلاك مدينة متوسطة الحجم بالكهرباء .
لم يكن بأمكان الغواصات في الماضي ، البقاء تحت سطح المياه لأكثر من يومين بسبب نفاذ الأوكسجين الضروري لتنفس الطاقم وتشغيل محركات الديزل ، واستهلاك البطاريات لشحنتها ، وعليها الصعود للسطح للتزود بالأوكسجين ، وتشغيل محركات الديزل خاصتها لشحن البطاريات لساعات طويلة ، لكن مع وجود محركات تعمل بالطاقة النووية ، أمكن الغواصات من البقاء مغمورة تحت سطع المياه لأشهر ، ويمكن للطاقم الحصول على الأوكسجين من تحليل الماء المتوفر في بيئة البحار كهربائيا ، بالأضافة الى تبريد مفاعلها .
ٳن سعر (الميگاواط) الواحد لأنشاء المحطات النووية في البورصات العالمية هو بحدود المليون دولار ، أي أن كلفة انشاء محطة نووية متوسطة بقدرة (2000( ميگاواط ، هو ملياري دولار ، يبدو المبلغ كبيرا ، لكن المحطة ستعمل لسنوات دون وقود ، ولكم أن تتصوروا حجم الهدر والفساد والتخبط والحلول الترقيعية القصيرة الأمد في وزارة الكهرباء وهي تهدر أكثر من 50 مليار دولار ، دون حصول تحسن ملحوظ لأنتاج الطاقة من وجهة نظر المواطن ، أي كان بأمكاننا نصب ما لا يقل عن 20 محطة ، أي انتاج ما لا يقل عن 40 الف ميگاواط ، بقدر ضعف حاجة العراق الفعلية للكاقة الكهربائية !.
يمكن الكشف عن اي نشاط اشعاعي بواسطة جهاز يسمى (عداد گايگر Geiger Counter) ، وقد أسرّ لي أحد أصدقائي ، والذي كان مرافقا للجنة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل المزعوم (الأونسكوم UNSCOM) في التسعينيات ، أن هذه العدادات بدأت ترسل اشارات التحذير وهم بموقع قرب صحراء النجف ، فأعتقدوا أنهم ظفروا بصيد ثمين ، بعثورهم على مخبأ للمواد النووية كان صدام يخفيها عن أنظار اللجنة ، وبعد الفحص والتقصي ، وجدوا انهم عثروا على منجم لخامات اليورانيوم ! ، هذا ما ينقصنا ، فثرواتنا ارتدّت علينا سلبا وأحترقنا بنارها ، جعلت (نخبتنا) أغنى الأغنياء في العالم ، ومواطننا أفقر الفقراء ! ، هذه المرة ، اليورانيوم ! ، بلد يحوي جميع انواع الثروات ، وبالتالي ، جميع أنواع التعاسة وأسباب الفقر !.
أما أسباب عدم انتشار هذه الطاقة على نطاق واسع ، فتعود للأسباب التالية :
1. أنها تتطلب تكنولوجيا متطورة ومواد عالية الجودة ، لا تمتلكها الا بضع دول ، من ناحية استخلاص الخامات والتخصيب وبناء المفاعلات ، وتعمل على أحتكارها والحفاظ على أسرارها ، بسبب الخوف من وقوع هذه التكنولوجيا بيد الجماعات الأرهابية أو مايسمونها الدول المارقة ! ، وهنالك عدة علماء عراقيين ذوو أختصاص راقي في مجال الفيزياء النووية ، لكنهم موزعين في المنافي !.
2. انها لا تخضع لمبدأ الأنتاج الوفير (Mass Production) ، وهذا السبب الرئيسي لغلاء ثمنها .
3. ان المفاعلات النووية تحتاج الى مراقبة مستمرة من قبل كادر مدرّب جيدا ، لأن الخلل غالبا ما يكون كارثيا ، ككارثة (تشيرنوبل) في أوكرانيا ، و(فوكوشيما) في اليابان ، رغم كون هذه الدول متطورة ولها باع طويل في انتاج هذه الطاقة ، فكيف اذا تسلل (حتما) الفساد وضعف الأدارة الى أحد هذه المنشئات وهي تُنصب في البلد ؟ ستكون النتيجة كارثية بلا شك !.
4. أن هذه التقنية لا تخلو تماما من المخاطر ، ومنها المخلفات النووية الخطرة بعد استنزاف طاقة الوقود النووي ، والتي تكلف مالا كثيرا ، منها اسلوب الطمر لمئات الأمتار تحت سطح التربة ، أو التخلص من حاويات النفايات ، برميها في البحار والمحيطات العميقة ، علما أنها تحتاج الى مئات السنين لحدوث الأنحلال التام للمواد المشعة ،
5. حدوث ردود فعل سلبية من قبل الرأي العام العالمي تجاه مصدر الطاقة هذا ، بعد كارثة (فوكوشيما) في اليابان ، وظهور جماعات ضغط (لوبيات) ضد استخدام هذه التكنولوجيا ، وبالذات في البرلمان الألماني ، وبالفعل بدأت الحكومة الألمانية ، بغلق عدد من هذه المفاعلات ، واستبدالها بالطاقة المتجددة (بالذات طاقة الرياح) ، التي باتت تغطي أكثر من 10% من حاجة هذا البلد للطاقة .
6. سبب جغرافي يتمثل بوجوب وقوع هذه المحطات قرب الأنهار لتوفير مصدر مستمر للمياه العذبة ، خصوصا وأن ثمة أزمة في المياه تلوح في الأفق ، بل بدأت فعلا .
7. أن الطاقة النووية مثار جدل سياسي ، ومسببة للأزمات الدولية ، كما هو الحال في الهند وباكستان ، الدولتان النوويتان ، وأعتماد المعايير المزدوجة من قبل (الأمم المتحدة) و(الوكالة الدولية للطاقة) ، فأسرائيل لديها أكبر ترسانة للأسلحة النووية ومفاعلات التجارب في الشرق الأوسط ، بل الوحيدة ! ، وقد خرقت بذلك العديد من القرارات الدولية من ناحية التفتيش ، أو الحد من انتشار الاسلحة النووية ، دون أن تترتب عليها ولو عقوبة واحدة ! ، بينما دُمّر العراق من شماله لجنوبه بحجة حيازته لأسلحة الدمار الشامل (Mass Destruction Weapon , MDW) ، اتضح فيما بعد ، أنه خالٍ تماما منها ، وبأعتراف بارونات الحرب انفسهم !.