18 ديسمبر، 2024 11:48 م

الطائفية الثقافية !!!

الطائفية الثقافية !!!

لم تعد الطائفية السياسية وحدها هي المعلنة في مشهد الحاضر حيث لم يتردد البعض باطلاق التصريحات واصدار الاحكام واتخاذ المواقف والتعامل مع الاخرين انطلاقا من عقدة الطائفة ووهم التظلم والتهميش حتى اذا اراد احد ما ان يكتب من اجل النقد وكشف وتأشير حقائق واقعة في مجالات مختلفة سرعان ما يرمى بتوصيفات ونعوت بعيدة عن واقع الحال وتنطوي على القسوة والتهكم والاتهام بالاصطفاف المذهبي دون اعتبار للخيار الوطني الذي لابد ان يتجاوز كل الولاءات الاخرى مع خصوصية واحترام كل منها حيث لايمكن لاي فرد ان يتخلى عنها او ينكرها بعد ان رافقته صفة الانتماء تلك منذ الولادة وربما كانت في زمن ما سببا في تعرضه لمعاناة كثيرة جراء استبداد الانظمة السياسية وتوجهاتها الطائفية
– [ ] فمن الغريب ان تبلغ لعنة الطائفية مجالات الثقافة والابداع ناشرة في نفوس البعض المحسوبين على الثقافة امراض حقدها وتخلفها وما يلحق اثرها بانعكاسات مدمرة على المجتمع سيما ان من يتبناها هذه المرة اشخاص يتفترض ان يكونوا بعيدين كل البعد عن دائرة التفكير الطائفي لكون فضاءات الكتابة والابداع لم تحدد بحدود الاطر المحلية والوطنية بل تتعدى الى ما هو ارحب انسانيا ومكانيا فكيف لمن يدعي الثقافة ان ينظر للاخرين ويتعامل معهم من منظور طائفي ويبني وفق ذلك اراء جديدة يفاخر بها دون خجل او اكثرات باحراج المقابل الذي قد يصدمه تحول وتدني عقلية وتفكير ذلك المثقف الذي افلس ابداعيا فلم يجد امامه الا ان يشهر سلاح الولاء لمهاجمة خصوم مفترضين بسبب اختلاف الطائفة والقومية
– [ ] واذا كان ثمة مؤسسات اعلامية وواجهات ثقافية لم تخف خطابها الطائفي الذي عرفت به فان وسطنا الثقافي والاعلامي العراقي لم يخلو من ظهور من يتشدق بالطائفية وبصوت عال باديا الحرص والحرمان والمظلومية والاقصاء والمفارقة ان البعض من اولئك الطائفين كانوا الى وقت قريب يكثرون الحديث عن الانجاز الابداعي والانتماء للوطن العراق والدفاع عنه بعيدا عن لغة التحريض والتعرض والاتهام غير ان حالهم قد تغير سريعا وقد وجدوا بسلعة الطائفية طريقا اسهل للحصول على المغانم والمناصب على حساب ابناء الطائفة المساكين
– [ ] ولان المثقف يمكن يحظى بحضور محلي او خارجي فان الطائفي سيكون صيدا سهلا لتمرير خطابات التفرقة والاضرار بتماسك النسيج المجتمعي ومن خلال سحبه الى مناطق القصد منها عكس صور مشوشة عن ازمة خلافات مستمرة جراء حالات ابعاد وركون واستهداف وهي ليس لها بالواقع من صلة حقة وحين يسألك احد خارج العراق عن طائفتك لاتحتاج الى عناء لمعرفة خلفيات وقصدية السؤال ليستغرب عندها من الجواب الذي قد يكون على خلاف من اجابه قبلك وربما سيبعدك ذلك الجواب عن استحقاق او موقع تكون انت جدير به
– [ ] واذ فعلت الطائفية السياسية فعلتها بادراك مراميها بتسخير ادواتها اعلاميا ومجتمعيا فان الاخطر منها ستكون الطائفية الثقافية التي لابد من التصدي لها بفاعلية الوعي والمعرفة وروح المواطنة والسمو على الفروع الصغيرة من اجل العنوان الكبير العراق و لكي تبقى الثقافة خالية من سموم الطائفية ومروجيها وباثيها ونحو وطن اسمى وانقى يحتضن الجميع بحنو ومحبة يزهو بانتصاراته ورقي ثقافته وتألق مبدعيه