23 ديسمبر، 2024 8:17 ص

الضوضاء  العراقي  الفتاك  في زمن  الكولـيرا  !!

الضوضاء  العراقي  الفتاك  في زمن  الكولـيرا  !!

بعيدا عن  رومانسيات  الروائي  الكولومبي ، غابرييل غارسيا ماركيز،  ورائعته ” الحب في زمن الكوليرا” ،وليس قريبا من  مرثيات  نازك الملائكة وملحمتها  الشعرية ” الكوليرا ” التي تقول في بعض ابياتها :
استيقظَ داءُ الكوليرا حقْدًا يتدفّقُ موْتورا ..هبطَ الوادي المرِحَ الوُضّاء يصرخُ مضطربًا مجنونا
أجبرت في صبيحة يوم بغدادي   على الهرب من شظايا  وضوضاء تفجيرين انتحاريين  اثنين بحزامين ناسفين  أوديا بحياة أكثر من 100 عراقي بين قتيل وجريح  في منطقتي الوثبة وساحة الطيران وسط العاصمة العراقية بغداد ، ولكن الى أين المفر والصخب من أمامكم والضجيج من ورائكم  برغم مصادقة البرلمان العراقي على قانون الضوضاء وتغريم  مسببيه بمليون دينار ؟! وجدت نفسي ومن غير وعي  مني احتمي بضوضاء  مولدة كهرباء أهلية كبيرة خشية وقوع تفجير ثالث في يوم دام جديد في العراق – اللاجديد  – فتح صاحبها المذياع لمتابعة تفاصيل  التفجيرين  على الهواء مباشرة  واذا بضوضاء النائبة عالية نصيف ، يغطي عليهما  وهي تطالب رئاسة الوزراء  بإقالة  وزير الدفاع  كونها من حصة المكون العربي وليس المكون التركماني  الذي ينتمي اليه الوزير بعد تغيير لقبه من علوش الى العبيدي على حد وصفها  !! واذا بضجيج النائبة الفتلاوي  وهي تطالب  بمحاسبة المتحدث الرسمي  باسم  المجلس الأعلى ،   ابو كلل ، على خلفية  لقاء متلفز تضمن سب وتشهير واساءة  بحقها يغطي على أنين الضحايا ونحيب الثكالى  وبكاء  اليتامى من الموصل وحتى الفاو !! واذا بـ ” قلبالغ  ” وهي  مفردة  تركية أصلها – قلابة لق-  وتعني الجلبة والضوضاء ، النائبة عواطف نعمة ، وهي تتهم عناصر من حماية وزير التربية بمحاولة اختطافها مع النائب حيدر المولى برغم  تأكيد عمليات  بغداد بأن الحادث  مجرد احتكاك بين حمايات الجانبين ليس الا ، يغطي على مطالب المتظاهرين بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين والمفسدين وتوفير الخدمات !!
 
دخلت بعدها مقهى شعبيا هربا من الضوضاء،  أظن ان الجيل الأول من جراثيم الكوليرا والهربس والإيدز والسفلس والجدري والجذام قد ترعرع في سماوراته الصدئة وحماماته القذرة ، سمعت زبائن المقهى وهم يتحدثون في مواضيع شتى، يتنقلون بينها من غير – رباط للسالفة – وكل منهم وبعد ان تتيه عليه الأمور يتخلص من الأحراج بـ” ما أدري عليمن جبناهه؟!
زبائن الطاولة  أو بالأحرى بقاياها  التي في اقصى اليمين كانوا يتحدثون عن اصلاحات الحكومة  وكيف انها –  بس بالاسم – للتخفيف من حدة التظاهرات وايهام المتظاهرين بالتغيير – وكلشي ماكو –  لكسب الوقت فيما الأوضاع  واقعا من سيء الى أسوأ ، وختموا حديثهم بعدها بالكوليرا وخطرها وسبل الوقاية منها بعد اصابة  164 مواطنا  بينهم 58 حالة مثبتة،  ووفاة  ثمانية  مصابين في ابو غريب والزعفرانية والكرادة !! .
الطاولة التي في أقصى اليسار كانوا يتحدثون عن أقصر السبل للهجرة  الى أوربا مروا بعدها على حدث الساعة ،  الكوليرا،  ايضا وأهمية النظافة والتعقيم  وأخذ  اللقاحات كما كانوا يفعلون سابقا ، أما الطاولة التي على الشمال فشخص يسب المالكي وآخر يسب العبادي وثالث استخدم ابشع مفردات قاموس الشتائم البغدادية بحق الجعفري وعلاوي وختموا مجلسهم  الصاخب بالكوليرا أيضا  ، حتى ان صاحب المقهى كان يرتجف من سيرة الكوليرا ويصرخ  بأعلى صوته  ” يا لطيف يا خفي الألطاف نجنا مما نحذر ونخاف  “.
تنحنحت قليلا وقلت بصوت مسموع ” ولكم ياكوليرا يابطيخ ”  يا جراثيم وفايروسات وبكتيريا وطفيليات؟ ! لاأشك مطلقا ان  مايكروبات الكوليرا والطاعون والجرب  وحبة بغداد وانفلونزا الطيور والخنازير  هي التي تخاف منكم ومن امثالكم لا أنتم الذين تخافونها ،  اقوام أمثالكم يقتل بعضهم بعضا منذ 13 عاما ..قطع رقاب …قطع ارزاق .. حرق أحياء وجثث موتى …اختطاف أطفال … قطع طرق … اتجار بالأعضاء.. اعتقالات عشوائية ..ميليشيات مسلحة ..عصابات جريمة منظمة ..مخدرات .. سرقة جثث من دائرة الطب العدلي .. اساليب تعذيب لم يسمع بها حتى هولاكو و تيمولنك و جنكيز خان وهتلر وموسوليني …أكل أموال اليتامى بالباطل …اختلاس المال العام …تزوير الهويات والأنساب والأحساب والعملة والألقاب ..غش في الميزان والبيع والشراء … مخبر سري على استعداد لأن يكتب تقريرا حتى على أمه من اجل حفنة من الدولارات ….شعب يكفر بالله صباح مساء من دون ان نسمع  من  يحذر من ذلكم الكفر البواح  لا تصريحا ولا تلميحا   ، و الله ان جراثيم الكوليرا اشرف منكم – لأنها لا تقتل الا بقدر موزون فيما انتم تقتلون وتسرقون وتنهبون وتقولون مالا تفعلون ولكل طاغية تصفقون وخلف كل ثعلب بثياب الناسكين تهرولون !!
وختمت خطبتي العصماء بـ (كوليرا اللي تكرفكم وتخلص البشرية منكم ومن شركم ) وما أدري عليمن جبناهه..؟!
فصاح احدهم “داري عمك يبين ظهره مسنود ” !!
حقا ان الجبان يموت في اليوم مائة مرة و الشجاع يموت مرة واحدة في زمن الكوليرا وفي غيره، وشر ما في رجل شح هالع و جبن خالع وقد يجد الجبان 100 حل لمشكلته ولايعجبه منها سوى واحد  يتمثل بالفرار من الميدان ياااااااحميدان ، فعلى  أي قانون ضوضاء وديسيبل صادق  البرلمان وبالإجماع وكل  ما في العراق …صخب وقلبالغ وضوضاء ؟!.اودعناكم اغاتي