22 ديسمبر، 2024 11:24 م

هل يستطيع الفرد أن يتجنب الضوضاء ويعيش ولو زمنا يسيرا بهدوء نسبي ولا نزعم هدوءا تاما …كان يمكن أن يكون هذا حقا طبيعيا للفرد لولا ما أفرزته الحضارة من مصادر كثيرة توخى الإنسان فيها فائدته المتمثلة بسرعة انجاز العمل وإتقانه في اقل جهد عضلي ممكن إذ استخدم الآلة لكنه واجه معضلة جديدة ألا وهي الضوضاء الناجمة عن استخدام تلك الآلات في المعامل والحقول وفي الطرق العامة بل وحتى داخل المنازل مثل ذلك وبشكل واضح للعيان ولا يكاد يخلو منها مكان ألا وهي المركبات الصغيرة والكبيرة وآلات البناء أو الحفر أو مكائن الإنتاج في المعامل …و…و…و
وأكثر هذه شيوعا في الوقت الحاضر( مولدات الكهرباء ) العمومية أو المنزلية الخاصة هذا الخير الذي افرز الشر أو الشر الذي لابد منه مع اشتداد حرارة القيظ والانقطاع المستمر للكهرباء واحتياج الجميع إلى ساعات تشغيل المولدات راضين قانعين بتحمل نتائج الأضرار التي تسفر عنها وأول ذلك الضوضاء وليس بآخرها تحمل المواطن عبئ مالي قد يعجز عنه في كثير من الأحيان وربما أدى إلى اقتطاع رغيف طفل صغير أو حرمان شيخ كبير من فاكهة الصيف أو رجل من كوب شاي.
….ماهي الضوضاء…
نعرف أولا الضوضاء وتعني ( التلوث السمعي ):وهو صوت غير مرغوب به, فكل صوت ليس موضع ترحيب يعد ضربا من التلوث السمعي (الضوضاء) ووحدة قياسه تسمى(ديسيل) و الخطر الذي يمثله على الصحة كبيرفقد يؤدي إلى الإصابة بالصمم المهني وهو عبارة عن نقصان في حدة السمع لدى العمال المتعرضين إلى الضوضاء العالية أي ( اعلي من الحد الطبيعي المسموح به ولمدة طويلة).
هناك نوعان من فقدان السمع الناجم عن هذا النوع من الضوضاء العالية هما فقدان السمع المؤقت ويزول بعد فترة قصيرة من التعرض الشديد للضوضاء والحالة الثانية هي فقدان السمع الدائم وهذا يحدث لعمال الغزل والنسيج ,عمال الحفر,عمال المطارات بعد تعرضهم للضوضاء الشديدة لفترة زمنية طويلة .
السؤال هو لماذا تحدث مثل هذه الحالات من الصمم سواء كانت الدائم أو المؤقت…؟ وجواب ذلك هو إن الأصوات تنتقل خلال القناة السمعية بواسطة الهواء وعند زيادة شدة الصوت على (140) ديسيل في هذه الحالة تنتقل الأمواج الصوتية بواسطة عظام الجمجمة أي القوقعة (الحلزون) في الإذن الداخلية مباشرة لتحويلها إلى التذبذب .ومن مخاطر التعرض للضوضاء أيضا هي صعوبة المحادثة إثناء العمل وإزعاج وقلة نوم وانخفاض إنتاجية العامل ونقص في القدرة على التركيز والقلق والصداع والغثيان وزيادة ضربات القلب بالإضافة إلى التأثير على حاسة السمع( الصمم المهني).
على أن هناك عوامل تتوقف عليها تأثيرات الضوضاء منها مدة التعرض إذ كلما زادت مدة التعرض للضوضاء ازدادت معها التأثيرات التي تسببها وأيضا حدة
الصوت إذ تعتبر (الأصوات الحادة ذات الترددات العالية ) أكثر تأثيرا من
(الأصوات الغليظة ذات الترددات المنخفضة)
أيضا شدة الصوت فكلما زادت شدة الصوت زاد التأثير الناتج عنه . وكذلك المسافة بين مصدر الصوت والسامع فكلما قلت المسافة زاد تأثير الصوت أي إن العلاقة (عكسية) .
وألان نحاول أن نعرف كيفية السيطرة على الضوضاء من خلال عدة طرق يمكن استخدامها منها صيانة المكائن بصورة دورية وعزل الماكنة ذات الصوت العالي عن بقية المكائن وتغليف الجدران بمادة ماصة للصوت ووضع نوابض حلزونية أسفل الماكنة واستخدام الأبواب والشبابيك الماصة للأصوات واستخدام سدادات الإذن مع إجراء الفحص الطبي الابتدائي والدوري وكذلك إجراء فحوصات كفاءة السمع لغرض تحويل العمال المصابين بالصمم المهني إلى موقع عمل هادئ خال من الضوضاء .
في النهاية أقول إذا كان هذا الأمر ممكنا بالنسبة للعاملين في أماكن محددة يمكن استبدالهم بآخرين فماذا يفعل أصحاب المنازل المجاورة للمولدات الكهربائية أو المعامل الإنتاجية أو الذين تقع منازلهم قريبا من الشوارع الرئيسية التي تزدحم بمئات المركبات المختلفة الأحجام والأشكال والمتفاوتة السرعات والتي تصدر مئات درجات الديسيل التي تسبب الضوضاء والتي لا يستطيع الفرد التخلص منها والسؤال الكبير والمهم في هذا المجال هو هل هناك من يهتم لتثبيت هذه المقاييس
الضرورية للصحة العامة سواء في المعامل أو المزارع أو يهتم بتفتيش أماكن المولدات الكهربائية وإلزام أصحابها بتحقيق المواصفات الخاصة لتقليل حجم الإضرار التي تسببها للآخرين أو تقوم فرق المرور بمحاسبة أصحاب المركبات الذين لا يلتزمون بقواعد المرور العامة من ناحية السرعة أو مقدار الحمل بالنسبة لمركبات الحمل واستخدام المنبهات المفرط ودونما سبب مما يزيد من الضوضاء الغير مبررة إذ لم تزل كثير من المفاهيم الخاطئة التي تفرز أفعالا بعيدة عن الذوق بغياب القوانين الرادعة التي تحول دون تجاوز الحدود الأخلاقية فضلا عن القانونية. …ترى هل يأتي يوما ينعم الناس فيه بالهدوء بعيدا عن الضوضاء…؟
ربما فيما لو تضافرت الجهود الخيرة ليعم الخير ويدوم الأمان .