23 ديسمبر، 2024 7:31 م

الضمير الوطني المؤود!!

الضمير الوطني المؤود!!

الضمير الوطني ربان الحياة وبوصلتها القادرة على تحقيق مسيرة إنسانية حضارية , ذات قيمة معرفية وفكرية ومساهمات إبداعية متواكبة مع عصرها.
والإنسان الذي يغيب في دنياه الضمير الوطني لا يمكنه أن يأتي بخير , وتكون نشاطاته محكومة بإرادة السوء التي تتوطنه , ذلك أنه سيجد في أعماقه الخربة وطنا خاويا , لكنه لذيذ ينعش حاجاته ورغباته المطمورة , التي تمنحه الإحساس بأنانيته وسلطته وقوته الوهمية , وكأنه من الذين يتعاطون الكوكين والأفيون والماريوانا , وغيرها من عناصر الإدمان ووسائله وفنونه العجيبة.

وفيما يدور ويحصل في المنطقة بأسرها , عندما نتساءل عن الضمير الوطني وآليات التعبير عنه , يكون الجواب “يا ولدي , مفقود , مفقود , مفققققوووود”!!

ألا يخطر ببالنا أن نتساءل “أين الضمير الوطني؟” , عندما نكتب ونتحدث ونلقي الخطب والمواعظ وغيرها من وسائل التعبير عن الرأي.

فمن العدوان على الذات والموضوع والتأريخ والتراث والمعتقد , أن يكون الضمير الوطني غير حاضر في معظم نشاطاتنا وتفاعلاتنا , إن لم يكن في جميعها.

فلا يوجد مجتمع يتحدث بالأساليب والآليات التي نتحدث ونكتب ونتواصل بها , وكأننا لسنا إلى العصر بصلة , ونعيش في كوكب آخر , فالعزلة الفكرية والثقافية التي نعاني منها , جعلتنا أشبه بمخلوقات الغاب قبل قرون عديدة , ذلك أن المخلوقات تعاصر وتتعلم وتتطور وتتواصل مع زمانها , لقوة إرادة البقاء والحفاظ على النوع الفاعلة في سلوكها.

أما ما يجري في واقعنا بصورة عامة , فأنه يكشف إنقطاعا مرعبا عن الزمن المعاصر , بل أن أبناء المجتمع الذين في مجتمعات أخرى , لا يعيشون فيها , ولا يتفاعلون معها , وإنما يتمعهدون في عوالمهم وكياناتهم المعرفية المنحرفة , وينطلقون منها نحو رفد وتغذية التفاعلات المجردة من الضمير الوطني في مجتمعاتهم الأم.

فهم يتواجدون في مجتمعات فيها كل الأجناس والمعتقدات البشرية , لكنهم يتكلمون بأحادية وتطرفية وإنحراف فكري وثقافي , وعدواني شديد الإضرار بأبناء المجتمعات التي جاؤوا منها.

ولا يمكن تفسير هذا السلوك إلا من خلال العجز عن التواصل والتفاعل والتجدد والإدراك الفكري والنفسي , للمعطيات الناجمة عن التمترس في حالات مجردة من الضمير الوطني والإنساني , الفاعل الملتزم بموازين المحبة والخير والألفة والأخوة , والجوهر الوطني الذي يراعي المصالح المشتركة , ويسعى إلى بناء العقد الإجتماعي الرشيد.

ومن الأنفع أن نتساءل عن دور الضمير الوطني فيما نقوم به ونقوله ونكتبه , لأن في ذلك مسؤولية أخلاقية وإنسانية , ولا بد أن نغمض عيون السوء التي فينا!!