10 أبريل، 2024 9:42 ص
Search
Close this search box.

الضمير الوطني الغائب

Facebook
Twitter
LinkedIn

في جو حليم هاديء متبصر وفي ليل زادت ساعاته ، كنت أبحث عن أنيس أحاوره . وفي تلك اللحظات خطرت في ذاكرتي قصة ذلك الفيلسوف الذي كان يحمل فانوسا في وضح النهار ويتجول في الطرقات ، فتعجب الناس من أمره وسألوه : لماذا تحمل فانوسا والشمس مشرقة ؟؟ فأجابهم : انني ابحث عن ( الأنسان والحقيقة ) .. فضحك الناس عليه وأتّهموه بالجنون .. وهنا نتساءل من هو المجنون هل صاحب الفانوس أَم الناس الذين ضحكوا عليه هم المجانين وهم الحمقى ؟؟ ان قصة ذلك الفيلسوف حرّكتْ في داخلي شجونا وشؤونا فلم أعد أكتب بمداد القلم بل أكتب بمداد نبض الفقراء والأيتام والأرامل والأمهات الثكالى والشهداء وكرامة ( الأنسان ) التي استباحها الحمقى … أكتب بمداد اولئك ومن خلالهم أبحث عن ( وطن ) آمن مستقر نستظل بأفيائه الوارفة ونغفو بين أحضانه الدافئة ونتناول فيه ومن خيراته خبزا مغمسا بالكرامة …. أبحث عن اخوة واهل يضمهم سقف وجدران … ابحث عن وطن لاأرى فيه الاطفال والنسوة يبحثون في القمامة وفي المزابل عن شيء
( صالح للاستهلاك البشري ) يسدّون فيه رمقهم لأن الجوع لايرحم …. في وطني لااريد ان ارى جيوشا من الاطفال والنساء يتسوّلون في الساحات والطرقات والتقاطعات في بلد يطفو على بحيرة من النفط والخير وهم يتساءلون ماذا أعطاهم الوطن ؟؟ لم يعطهم غير المراوغة والخداع والتضليل والأفكار المكبّلة بسلاسل التخلّف واحتدام الخلافات واحتقان العلاقات بسبب حماقات بعض السياسيين الذين لايعرفون الوطن فالوطن لدى البعض منهم ليس له معنى غير الخراب والفساد والنهب لأنهم تخرّجوا من مدرسة ( الشيطان ) بامتياز ، وضمائرهم أصبحت في ( خبر كان ) وأصبحت ( ضمائر مستترة ).. فأين هؤلاء من أولئك الذين حدّثنا عنهم التاريخ من الذين ضحوا من أجل اوطانهم ومن أجل الأنسان وكرامته ؟؟ نحن الآن بأمَس الحاجة الى ( الضمير الوطني ) لكن اين هو وعند مَنْ ؟؟ الكل يتحدث عن الوطن والضمير الوطني … والكل يريد ان يكون الناطق الرسمي بأسم الضمير الوطني وقد زُكِمت أنوفنا من الشعارات والتصريحات من بعض السياسيين الطارئين الذين اصبحوا بلا ضمير انساني وبلا ضمير وطني وبلا انسانية .. الضمير الوطني الذي نبحث عنه جميعا هو الذي يجمعنا وينقذنا من شرور أنفسنا .. وان الواقع الحالي نقرأ من خلاله مخاطر كبيرة يتعرض لها بلدنا بسبب نهج وسياسة العابثين والفاسدين الذين خلت نفوسهم من كل القيم الوطنية ومن أي وازع او ضمير وطني يجعلهم يغلّبون مصالح الوطن فوق كل المصالح والأعتبارات والأنانية .. ان اولئك العابثين والفاسدين نسوا أو تناسوا بأن الحل الأمثل لمحنة البلد انما ينبع من الضمير الوطني والارادة الوطنية الجماهيرية الصلبة وماترشحه هذه الارادة من قيادات وطنية مخلصة ومن الذين تفيض ارواحهم وعقولهم بالوعي السياسي والتضحية والوطنية والضمير الوطني ..
وأخيرا أختم بما جاء على لسان الشاعر الكبير ( الجواهري ) حيث يقول :
وكنّا كالزروعِ شكتْ مُحولا ……. فلمّا أستُمطِرتْ مطَرَتْ جرادا

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب