يحتوي كوكب الأرض على مخلوقات بشرية مختلفة ذات أجناس وطباع متباينة حسب طريقة عيش وتقاليد تلك الفئة التي خلقها الله سبحانه وتعالى.
في كثير من الأحيان تكون بعض الأشياء لدى البعض شيء بديهي وليست لها قيمة تُذكر في حين تكون لدى البعض الآخر كضرب من ضروب المستحيل ولا يشعر بقيمتها الكبيرة إلا من فقدها. من خلال متابعتي الى آلاف من – الفلوكات أو الفلوقات – كما يسميها البعض – ومن لا يعرف معنى هذه العبارات فهي عبارة عن نشاطات شخصية يقوم بها بعض هواة صناعة الافلام القصيرة والمشاركة فيها من خلال اليوتيوب .
من أجمل هذه – الفلوكات – التي جعلتني أتأمل هذه الحياة العجيبة وما تحتويه من تناقضات وحكايات وصراعات وسجالات ذلك الفلم القصير الذي صنعة أحد الشباب العرب من دولة عربية مجاورة عن مشاركتهِ في حملة إنسانية لأيصال الماء الى عشرات الأفراد في الصومال إضافة الى المساعدات الإنسانية ألأخرى من مأكولات جافة تكفيهم لفترة قصيرة .
كانت أفواج البشر تتجمع في نقطة معينة – صحراويه ينتظرون قدوم الشاحنات العملاقة لجلب الماء كأنهم ينتظرون شيء ليس له مثيل على وجه الأرض – والماء حقا ليس له مثيل على وجه الكرة ألأرضية – لأن الحياة تتوقف عن الاستمرار في غياب الماء.
من لم يذق عذاب الحاجة الى الماء سيضحك لذلك المشهد الرهيب لأنه لم يعش مرارة الفاقة الى الماء وبذلك سيعتبر الأمر مجرد صورة فكاهية ليس لها قيمة أما أنا على المستوى الشخصي فقد عشت هذه الحالة أحد عشر عاما – خلف الحدود – وأعرف ماذا تعني قطرة الماء بالنسبة للإنسان. لكي لا نخرج عن الموضوع أعجبني جدا نشاط ذلك الشاب وهو يتحرك بسرعة ويتفاعل مع ذلك الحدث الإنساني الكبير ويُعلق بين فترة وأخرى وهو يستحث ويُحث ويشجع ويستغيث بكل يقظةٍ إنسانية للمشاركة ولو بدينارٍ واحد كي تستمر عملية المساعدة والإغاثة لتلك الفئة البشرية التي خلقها الله وهي تعيش الآن أقسى ظرف من ظروف الحياة هناك في بقعة لاأعرف أين تقع على خارطة المنظومة البشرية.
هنا طار ذهني بعيدا بعيداً الى فئاتٍ بشرية أخرى تعيش في أماكن مختلفة من العالم تعبث بالماء والأموال بطريقة عبثية مشينة ولو أُستخدم جزءاً يســــــيراً من تلك الأموال وصــــــرفها على أبطال المجموعة البشرية التي نتحدث عنها الآن لتحولت حياتهم الى شيء آخر.
سمعنا في الأعلام أن بعض الساسة العراقيين قد وصلت مدخراتهم الى مليارات كثيرة – وأنا أتحدث عن الساسة في العراق – لأنني أنتمي الى هذه الأرض وعلى تواصل مع ما يحدث من فساد يندى له الجبين .
ماذا لو تبرع كل سياسي من هؤلاء السياسيين بمليون واحد لشراء الماء والغذاء لاؤلئك المساكين في وهج الصحراء. ربما ينطلق لسان أحد القراء ويصفني – بالبطران – كما قال لي ذلك يوما ما قريبا لأنه لم يستسغ شيء فعلته لسعادتي ولم اسبب له أي ضرر على المستوى الشخصي.
ربما يقول ” ولماذا لايتبرع ذلك السياسي بالمليون لشعبه الفقير بدلا من الصوماليين ؟
هذا صحيح لكننا هنا في العراق لم نعد نأمل يوما ما أن يحدث هذا لنا نحن الفقراء , فقد تحول الأغنياء الى شيء آخر وأقصد السياسيين .
كل من إعتلى منصة الحكم غابت صورة الشعب عن ذهنه وتحول الى تاجرٍ من نوع آخر وراح يفعل الشيء الكثير لزيادة مدخراته على أمل الرحيل الى البلد الآخر الذي جاء منه ليحكم العراق .
هنا لم يعد لي كفقير من فقراء العراق الباحث عن لقمة العيش في كل الطرقات المسدودة إلا أن أستصرخ الضمير الإنساني بلا جدوى للمشاركة في هذا المشروع الخيري الكبير – والداعي الى الخير كفاعله – ولم أعد أملك أي شيء للمشاركة في هذا العمل الكبير إلا كلمات عقيمة أسطرها في ضياعٍ تام في صحيفة ورقية أو اليكترونية لن يقرأها أحد سواي.
تحية الى كل من يسهم في مساعدة المحتاج على هذا الكوكب وشكرا لذلك الشاب من البلد العربي المجاور للعراق لأنه حفزني لتسطير كلماتٍ عن هذا الموضوع. وشكراً لشريكة حياتي الجميلة التي هي من أختارت لي عنوان هذا المقال.