23 ديسمبر، 2024 4:50 م

الضربات الجوية الأمريكية لم تهزم داعش في العراق. هل يمكنها أن تهزمهم في سوريا؟

الضربات الجوية الأمريكية لم تهزم داعش في العراق. هل يمكنها أن تهزمهم في سوريا؟

وصف البنتاغون موجته الأولى من الضربات الجوية ضد أهداف للدولة الإسلامية في سوريا على إنها “ناجحة جداً” ولكن في العراق، والتي تستمر فيها الحملة العسكرية الجوية لأسابيع، لم يشهد أي تقدم إلا بصورة طفيفة.

ساعدت الحكومة الأمريكية وبعض القوى الأوربية القوات الأمنية العراقية ومقاتلي (البيشمركة) الكرد لإيقاف الدولة الإسلامية من إحتلال العاصمة الكردية (اربيل) في الشمال وساعدت القوات البرية في إعادة السيطرة على سد الموصل ذو الأهمية الاستراتيجية. إلى هذه اللحظة، عجزت تلك الجهود رغم ذلك عن إستعادة الحدود الواسعة التي أستولت عليها الدولة الإسلامية في الربيع الماضي أو حتى منعت هجمات الدولة الإسلامية الواسعة كإعدامها لمئات الجنود العراقيين التابعين لقاعدة عسكرية محاصرة نائية في محافظة الأنبار غرب العراق.

وتتوجه الأنظار اليوم إلى سوريا حيث تقوم الحكومة الأمريكية بدعم ومشاركة خمس دول عربية بحملة عسكرية جوية ضد الدولة الإسلامية باستعمال الطائرات المسيرة والمقاتلات نوع (أف 16) وصواريخ (توما هوك) التي تطلق من على البوارج البحرية ألأمريكية القابعة في (البحر ألأحمر) وشمال (الخليج العربي). استهدفت الضربات الدولة الإسلامية، ولكنها في نفس الوقت تستهدف أعضاء غير معروفين ينتمون إلى ما تسمة (جماعة خوراسان) التابعة للقاعدة.

وتعتبر تلك الضربات واحدة من الجهود الأمريكية “لتدمير وإنهاء” الدولة الإسلامية والتي يطلق عليها أسم (ISIS و ISIL). ولكنها بسبب تقدمها البطيء في العراق، حيث قامت القوات ألأمريكية بشن 190 غارة جوية لفترة ست أسابيع، فلا يتوضح لنا ما هو تأثير أي ضربات جديدة في سوريا، حيث إن المشهد السياسي والعسكري هناك بعيد عن التعقيد والذي يرفض التحالف الأوربي فيه أن يشارك في الضربات الجوية العسكرية.

قال المسؤولون في البنتاغون بإنهم لا زالوا يقيمون تأثير الضربات الجوية الأولية على سوريا ورفضوا إعطاء أي أرقام عن إحصائيات الوفيات هناك. الفريق وليام مايفيل، مدير العمليات مساعد رئيس أركان الجيش أخبر المراسلين بإن الضربات الجوية وحدها غير كافية لإخراج الدولة الإسلامية خارج العراق وسوريا وكرر حجة الرئيس باراك أوباما بأن القوات البرية الأمريكية سوف لن تشارك في مهمات قتالية في أي من البلدين. ومع هذا، فقد قال إن القوات العسكرية تفضل أن تكون مطلعة على المهمات القتالية البرية عندما تقوم بالغارات الجوية وبالخصوص عندما تحاول تجنب وقوع قتلى بين المدنيين في المناطق ذات التواجد السكاني الكثيف مثل (الرقة). والخطة الجديدة تستدعي 1600 جندي أمريكي إلى العراق للقيام بمهام الاستشارة والمساعدة في الغارات.

“إن أهم ما في الأمر خلق بعض المجال للقوات الأمنية العراقية لإعادة تنظيم قيادتها وتبديلها للسماح لها بإعادة تنظيم معداتها وإعادة التسلح لكي ترتبط وزارتهم بالحكومة المشكلة حديثاُ أكثر ولغرض السماح لهم المشاركة في المعارك.” قال مايفيل.

ولكن في العراق، يعتقد بعض الخبراء بأن التقدم بطيء جداً.

“لقد كان أمراً مخيباً للآمال أن ترى العحز في التقدم، ليس فقط من جانب الجيش العراقي فحسب بل من جانب البنتاغون أيضاً الذين قرروا بإنهم سيصلون إلى حد معين وسيقومون برسم الحدود على الأرض.” قال ميخائيل ستيفينز، وكيل مدير القوات الجوية ألأمريكية في قطر.

منحت جلبت الضربات الجوية القوات في العراق الوقت للتجمع، ولكن بالاعتماد على التقدم إلى هذه اللحظة، فإنها ستكون مهمة صعبة وشاقة وطويلة، قال ستيفين: “المسائلة ليست قضية نوع سلاح والقيام بضربات جوية فحسب بل إعادة الهيكلة وإعادة التدريب والحصول على حكومة فاضلة أكثر تساند القوات العراقية العسكرية.”

هناك مشكلة أخرى، إن بعضاً من خيرة قادة العراق العسكريين يعملون الأن لمصلحة الدولة الإسلامية.

ولكن أهم ستراتيجية لدى الرئيس الأمريكي باراك أوباما هي دعم القوات المحلية وهي تقاتل الدولة الإسلامية وتجنب إرسال اي قوات برية أمريكية.

“لو رغبت الحكومة الأمريكية في أن تقصف بكل ما لديها من أسلحة، فهي ستقضي على الدولة الإسلامية في غضون أسبوعين.” قال ستيفينز. ولكنها اصبحت مهمة شاقة وطويلة بالخصوص عندما لم تقم الحكومة الأمريكية ببذل كل جهدها.

أبدى البعض رأيه في إن مقياس النجاح في إنطلاق غارات جوية لفترة ستة أسابيع ليس أستعادة القوات العراقية الأمنية والبيشمركة الأراضي التي استولت عليها الدولة الإسلامية. فهذه توقعات غير منصفة، قالت دافنا راند العاملة حالياً في مجلس الأمن الوطني قبل التوجه إلى الخدمة في القوات ألأمنية الأمريكية الجديدة. بدلاً من ذلك، قالت، الهدف الرئيسي للحكومة الأمريكية هي إيقاف أندفاع تلك المجاميع.

في حال إن لم تسترد القوات العراقية السيطرة على تلك المناطق خلال ست اشهر، عندها سيكون من العادل أن نطرح السؤال المتعلق بما مستوى التقدم الناجز، قالت، منوهة بأن البداية كانت في آب الماضي، وكانت الدولة الإسلامية واثقة من إنها ستجتاح أربيل التي تستضيف مستشارين من الحكومة الأمريكية فضلاً عن بغدادالتي تستضيف الآف من الأمريكان. كان الهدف من الضربات الجوية الأمريكية هو منع وقوع هذا، قالت راند.

كما إن الضربات الجوية الأمريكية غيرت النظرة العامة عن الدولة الإسلامية على إنها تتقدم، وهي أداة مهمة في تعبئة المقالين الأجانب، قالت راند. “عليك أن تصرف الرياح بعيداً عن أشرعتهم، لكي لا تنضم تلك المجاميع المقاتلة إلى صفوفهم.” إن غزوة الدولة الإسلامية للعراق سيطر عليها بعض الشيء، ولكن في سوريا أجتاحت الدولة الإسلامية القرى الكردية السورية والبلدات التي نتج عنها نزوح أكثر من 100,000 كردي سوري إلى تركيا بحثاً عن السلام.

الهدف الآني للضربات الجوية على سوريا يجب أن يوقف مد الدولة الإسلامية كما فعل في العراق، وفقاً لرأي راند.

قد يكون للضربات الجوية الأثر السريع في سوريا بسبب طبيعة الأهداف. أما في العراق، فأن التقارير اليومية التي ترد من (مركز القيادة) تبدي عادة إصابة عربات النقل الصغيرة ونقاط التفتيش بالإضافة إلى مواقع إطلاق الهاونات.

في حين في سوريا، حيث تتمركز الدولة الإسلامية، فأن المسلحين بنوا مباني ومنشآت عسكرية يمكن لها أن تضرب وبسهولة من الجو. قالت القيادة المركزية بأن الضربات الجوية تضرب “معسكرات التدريب ومراكز القيادة ومنشآت السيطرة والآمرة والمراكز المالية وعربات النقل المجهزة للمواد بالإضافة إلى المركبات المصفحة.”

ولا زالت الجغرافية السياسية في سوريا أكثر مراوغة منها في العراق حيث إن هناك قوة عسكرية منظمة وحكومة ترتبط بها الحكومة الأمريكية عن قرب. أما في سوريا فليس هناك أي روابط.

“لا أرى ممر يمكن لأي فرد أن يجلس فيه ويحل مشالكه،” ثال ستفنز. “لو كان هدفك أن تقوم بما يلي ببساطة- تدمير الدولة الإسلامية- إذن فهو هدف جيد، أذهب ودمر الدولة الإسلامية، ولكن عليك أن تشعر بالقلق الشديد حول ما سيحصل لاحقاً.”
بقلم: كايت برينان
نشرتها مجلة ((Foreign Policy)) في 23 أيلول 2014