23 نوفمبر، 2024 2:05 ص
Search
Close this search box.

الضحية يقلد الجلاد

الضحية يقلد الجلاد

استبشرنا خيرا بسقوط النظام البائد في غرة القرن الحادي والعشرين من الألفية الثالثة، ولكننا في الحقيقة خرجنا من حفرة نتنة ووقعنا في جب عميق.
ولربما سائل يسأل: ماجدوى أن تم الترقين وحساب التأريخ بهذه الطريقة؟
أقول: ذلك لأن عمر العراق لايحسب بعدد السنين فحسب، بل يحسب بعدد القرون والألفيات.

وعليه ونظرا لطول عمر العراق فإنه حاز وبكل جدارة واستحقاق على لقب “بلد النجوم” أي أن كل شىء خلال عمره المديد قد بلغ النجومية إلى القمة، فتاريخه وحضارته وآثاره قد بلغ هذه الدرجة، ودياناته وسكانه وقومياته ولغاته وأرثه وثرواته، لم يكن لها منافس، أما الحكام وظلمهم، والموت وزؤامه، والإبادات الجماعية وغطرستها، والاحتلالات وبطشها، والكوارث الغير طبيعية وصناعها، والنكبات، والحروب الخارجية والعبثية والأهلية وأوارها، والأوبئة والأمراض والفقر والجهل وانتشارها، اخذت منه ماخذا وتسافلت به إلى قمة-حضيض- التداعيات.

ويبقى العراق بلد النجوم من حيث انه يتصدر جميع دول العالم بالارهاب وبعشرات الآلاف من ضحايا الارهاب والإبادات الجماعية، وبجميع أنواع الفساد، وبتخلف البلاد عن جميع الأمم من ناحية التحضر والتطور ومن جميع النواحي بسبب سياسات حكامه المتخبطة.

لو دققنا النظر بتاريخ هذه النجومية، لوجدنا انها على قسمين، قسمها النجومي الأول المختلط الايجابي والسلبي قد انتهى قبل 1400 سنة من حيث بدأ القسم الآخر على انقاض القسم الأول قبل هذا التأريخ أيضا، وهو العصر النجومي الثاني السلبي في تاريخ العراق الأسود الذي بدأ بانبثاق الدولة الاموية السيئة الصيت التي أسست لها السقيفة المارقة، وما تبعها من دول جائرة واحتلالات أجنبية متغطرسة.

إن مشكلة العراق تكمن في هذه النجومية، وتكمن كذلك وبحسب زعم المتأسلمي المتأزمين والمارقين بوجود الشيعة جنوب العراق، ولو أن العراق على وتيرة مذهبهم المنحرف لكان العراق في مصاف الدول المتطورة الأمنة بزعمهم المنطلق من النظرة العنصرية الضيقة والعقلية الصحراوية المتعجرفة المتشوقتان لسفك الدماء وإشاعة التكفير ونشر ثقافة القتل والتناكر والحنق ورفض الآخر.

ولن تقوم للعراق قائمة الا بالقضاء المبرم والتام على الشيعة بمختلف طرق الابادة الجماعية والذبح، ذلك ماأفتى به أحد قادة داعش وحناقها في العراق المدعو “أبو محمد العدناني” والمتحدث باسم داعش ويطالب بذبح الشيعة
، وهذا نصها قد نشر في جريدة الناصرية الألكترونية يوم الخميس الموافق الموافق للرابع من نيسان 2014 وللقاريء الكريم ان أراد أن يطلع على كامل الفتوى فيبحث من خلال هذا الرابط: http://www.nasiriaelc.com/?p=13386
وقد أقتطفت منها مانصه:
{*وقال موجها كلامه لأهل السنة في العراق:
“إن المعركة هي بين الروافض كل الروافض وأهل السنة وكل أهل السنة ولن تنتهي إلا بسيادة أحد الطرفين فإختاروا بأي صف تكونون”.

*وزاد: ”لقد آن لكم يا أهل السنة العراق أن تعرفوا الحقيقة وإنه لا تعايش مع الروافض ولاسلام ، لقد آن لكم أن تدركوا أن الرافضة المشركين شر من وطأ الثرى شر من اليهود والصليبيين”.

*وتابع: لايمكننا أن نرى أولادكم عبيدا عند الروافض وخدما فنسكت عنهم، ولن تروا منا إلا الرحمة بكم والشفقة عليكم”.

*وأضاف: “…..وإني أرى كركوك وصلاح الدين للموحدين وديالى وبغداد بشمالها وجنوبها لأهل السنة وأن البصرة بصرتنا فلا مكان للروافض الأنجاس”.

*وتابع: “تذكروا دائما انكم تقاتلون أمة مخذولة إن استعانوا الصحابي ( فبعلي ) بن ابي وطالب ( وإن استغاثوا فبالحسين ، وإن استجاورا فبالعباس وإن ستنتصروا فبفاطمة رضي الله عنهم وعنها، يتوكلون على البشر ويعبدون الأوثان فحشا لله أن ينصرهم عليهم ”.

*وتابع موجها كلامه إلى جماعة داعش: ”فأنتم جنود الله تقاتلون في سبيل الله، والروافض جنود الشيطان يقاتلون في سبيل الطاغوت وفقاتلوا أولياء الشيطان أن كيد الشيطان كان ضعيفا ولتكسرون بإذن الله شوكتهم ولتستأصلن (شقفتهم) يقصد شأفتهم…..وأدخلوا عليهم كل باب وأذبوحهم ذبح النعاج وإقتلوهم قبل الذباب ولو كانت تدعمهم أميركا وتمدهم إيران ”.}

يذكر أن هذا المعتوه كان احد ابرز قادة هذا التنظيم الذي جرى تعيينه في وقت سابق من العام الحالي في منصب بما يسمونه ب “امير الشام”، استخدم لدى اعتقاله “اسما مزورا هو “ياسر خلف حسين نزال الراوي”، وانه يحمل حاليا عدة القاب بينها “ابو محمد العدناني طه البنشي” و”جابر طه فلاح” و”ابو الخطاب” و”ابو صادق الراوي”، ولد في العام 1977، وانه كان يسكن قضاء حديثة في محافظة الانبار.

مشكلة أخرى في العراق، بدأت مع اليوم الأول من السقوط، الا وهي: التناحر والتسقيط وتعمق الخلافات بين المكونات، وحتى بين الأحزاب ضمن المكون الواحد -تماما على عكس ماكانوا عليه ابان وجود صدام في الحكم، وكأن صدام كان سببا لتوحيد كلمتهم ومواقفهم، بل ثبت بالملموس أن الغطرسة والخوف الذي كان يمارسهما صدام مع مناوئيه هما مصدر ذلك التوحيد، مضافا إليها الفرص التي أتيحت لهم في دول المهجر للاقامة هناك بحياة مترفة مختلفة تماما عن ظروف العراق آنذاك المليئة بالخوف والرعب والتعسف والظلام وجميع انعكاسات النظام الشمولي المرير- وقد تطور هذا الأمر إلى أفعال من خلال وصول أغلب النخب السياسية إلى دكة الحكم وصنع القرار، فتحولت الاماني والأحلام إلى واقع حال في التطبيق الفعلي لما قام به النظام الساقط، وصار النهج بمثابة النظرية عند تسخير آلياتهم للتفاعل اليومي في مؤسسات الدولة التشريعية والحكومية والمجتمعية مطابقا لاطلال نظام الصنم، وتحول هذا النهج إلى ثقافة يتلهفون لإعتناقها، وكان واحدهم وكأنه يطبق نظرية” الضحية يقلد الجلاد”.

هنا تفشت بما سمي بالديموقراطية التوافقية بالتزامن مع موعد السقوط في ارجاء البلد بسرعة البرق، ولكنها تشبه في سوء جودتها البضائع الصينية المفتقرة للمتانة والجودة التي غزت الأسواق العراقية، وبقدر مايعاني المواطن من تداعيات رداءة تلك البضائع، عانى أيضا من الديموقراطية المشوهة، وهذا قدر العراقيين في معاناتهم من كل شيء سيئ وعلى تلك الوتيرة.

هكذا هو قدرنا كعراقيين وإلى ماآلت اليه أمورنا في ظل سياسة بمايسمى ب “سياسة الملاليح”-إقتباسا من المثل العراقي: ” السفينة إذا تكثر ملاليحها، تغرك” والذي يوافق قول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بشكل اقتباسي:”لوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَااۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ”.

-وبعضهم-أي الملاليح- عبارة عن شرذمة خانت الأمانة، ولعبت بالملك، وأفشت الفساد والارهاب، وعرقلت البناء والاعمار، وبددت الثروة، وزرعت الإحن والضغائن، وتجاوزت على القيم والثوابت والمسلمات، وجعلت من العراق بلد نجوم من الدرجة الاولى من الناحية التشريعية على انه أسوأ بلد احتضن من الناحية التشريعية أسوأ برمان في العالم، ليس في هذا الآن فحسب بل على مدى التأريخ الحديث، والاحرى بهم وبعد نهاية الفصل التشريعي الجالي عليهم أن يقوموا بعملية انتحار جماعي لأنفسهم ليتخلصوا من العار الذي سيظل يلاحقهم على مدى الأجيال والتأريخ، ولانقصد التعميم، لأن من سوء حظ الشرفاء ممن تزامن وجودهم معهم تحت قبة البرلمان أن أنسبغوا بسبغتهم ، فأملنا أن يفوزوا في الدورة الانتخابية الحالية ليأكلوا ثمرة جهودهم السابقة في دورة البرلمان اللاحقة.

لقد أعجبتني هذه السطور المنظومة من الشعر الشعبي، التي إقتبستها من أحد مواقع التواصل الاجتماعي ال(facebook)، والتي نشرها الأخ والصديق محسن الزيدي صاحب موقع لارسا الأليكتروني، وجدت انها تجسد الواقع العراقي المرير لنواسي بها أنفسنا على ماتعرضنا له من عذابات وويلات على مدى 46 سنة متتابعة، والتي جاء فيها:
راسب بالفرح من دون الاوطان
وناجح بالحزن يا موطني شبيك

موانت الحضاره وكان ماكان
يلمعلم الدول مو تمتحن بيك

چاشنهو التغير وانت عنوان
واشباه الزلم گامت تقرّيك

رسيني اعله برك جيت غرگان
غرگان بسؤالي بالله يرضيك

ميت يرثي ميت حيل حيران

اذا السياب انت شلون اجاريك؟

ومن قوس القزح باگوهه الالوان
وخايف يا وطن باچر اجدّيك

وطن خيرات لكن شعبه جوعان
واذا جوعان شعبك گلي شنطيك؟

وياابو النهرين ليش وباقي عطشان

ووشّلت الدمع چا بيمن ارويك

وعلى كثر الجثث مالاگي دفـّان
شلت الخارطه وبيه لغطيك

عراق وبس طلب من ابنك فلان
“ابو الاحزان” تقبل راح اسميّك؟

لأن انت وطن في هيئة انسان
ولهذا السبب هم راح اوصيك

تگدر تنتفض وتعيد شعلان؟

فكّر ياوطن بلكي الله يهديك

علينا كعراقيين وباعتبارنا اعلى سلطة في البلد بعد الله سبحانه وتعالى، علينا وبعد انجاز التغيير ان شاء الله أن نتابع عمل البرلمان والحكومة أولا بأول، ولانسمح بتكرار الأخطاء السابقة من خلال سحب الثقة من أي شخص كان نائيا أو موظفا من خلال التظاهر والاعتصام التي أجازها الدستور، وكذلك حث البرلمان الجديد على إلغاء جميع القرارات المخالفة لتطلعات وواقع الشعب العراقي، والعمل أيضا على انعاش جميع ثوابت ومسلمات الشعب العراقي واحترامها على أيها خطوط حمراء لايجوز انتهاكها بأي حال من الأحوال تحت عنوان ويافطة حصانة المسؤول.

أحدث المقالات

أحدث المقالات