ماأكتبه هنا موجه تحديداً إلى مثقفي وإعلاميي مدينة الموصل.خاصة اولئك الذين يعيشون فيها،هنالك اسئلة كثيرة،تحمل في داخلها اتهامات مبطنة ضدكم يوجهها اليكم، العديد من المثقفين العراقيين، منهم من يستحق الردّ عليه،ومنهم من لايستحق، لكنكم،مُلزمون،بالاجابة والتوضيح لهذا وذاك،وينبغي عليكم، أن تجيبوا عليها،بدلاً عن المدينة وأهلها:- مَن يدير شؤون المدينة.. ماهي الاطراف المسلحة.. ما هي مسمياتها..هل يتجاوزن على كرامات الناس..هل يتجاوزون على من ينتمون الى الديانات الاخرى غير الاسلامية.. هل وضعُ الناس الان مطئمن أكثر من السابق.. هل هنالك جرائم ترتكب بأسم الشريعة.. كيف يواجه الناس مصيرهم القادم..هل هنالك تعامُل مباشر بين الناس وبين من سيطر علي المدينة ؟
هذه الاسئلة،عليكم أن تجيبوا عليها،اليوم قبل الغد،حتى يعرف العالم حقيقتكم واضحة،لتقطعوا الطريق أمام سيل الاكاذيب التي باتت تروّجها ــ جهات عدة ــ عنكم وعن موقفكم وانتمائكم وووطنيتكم .
انتم الآن أمام مسؤولية كبيرة تجاه انفسكم وتجاه مدينتكم وتجاه العالم. فلا أحد يستطيع أن يدافع عنكم بصدق ووضوح مثلما تستطيعون أنتم،ولاأحد يستطيع أن يفنِّد المزاعم ضدكم،سواكم،ولاأحد يستطيع أن يثبت لكل المتشككين والمتصدين والمتخوفين بأنكم لستم قتلة،ولستم مجرمين،ولستم خونة لوطنكم ، لاأحد يستطيع أنْ يقف معكم سواكم انتم، فهل ستدركون معنى أن تكونوا بمثل هذا الموقف ؟ ومعنى أنْ لاتصمتوا ؟ وأنْ تجيبوا بوضوح ودقة ؟
طيلة الاعوام الماضية كانت التجاوزات والاساءات قائمة على قدم وساق من قبل الاجهزة الامنية وقوات الجيش ضد اهلكم في الموصل،لكن للأسف الشديد،لم يتصدى لطرحها علنا ايّ واحدٍ من صحفيي المدينة،وفيما لو طُرحت، فسيكون ذلك على استحياء وخجل وتردد،خشية أن لايغضب عليهم
نقيب الصحفيين في بغداد،ويحرمهم بالتالي من الاراضي والمكافاءات،علماً بأن 80 % من صحفيي المدينة لاصلة لهم بالمهنة،لكنهم يحملون بطاقة العضوية،وعادة ما تعلوا أصواتهم احتجاجا وزعيقاً فقط عندما تُعلن عن مكافاءات أو توزيع اراضٍ،لكنهم في مثل هذه اللحظات التي تستوجب منهم أن يمارسوا دورهم الحقيقي في الرصد والمتابعة والكشف،تجدهم يختفون،حتى بغياب الاعذار والموانع التي يتحججون بها دائما .
فإذا كان الصحفيون،في مثل هذه اللحظات الحرجة جدا،التي تعيشها مدينتهم،وأهلهم،التي يتهدد وجودهم ومستقبلهم فيها،من قبل اطراف متعددة، ولايؤدون دورهم،فمتى يمكن أن يكون لهم دور !؟ متى ! ؟ ..
عليكم، الآن، واجب مُهمٌ وأساسي يقتضي منكم أن ترصدوا الحياة العامة للناس، أن تنقلوا هواجسهم ، صورهم ، افكارهم ، ويمكنكم أن تؤدوا ذلك بكل شجاعة دون أن تضعوا انفسكم في مواقف تهدد حياتكم،ولكم في سلوك ومهنية المراسلين الاجانب درس كبير في هذا،عندما نجدهم يتخلون عن رفاهية مدنهم ومكاتبهم،ليتوغلوا في عمق الجبال والصحارى،وفي اكثر المناطق سخونة .. فما الفرق بين هؤلاء وبينكم ؟
حراجة الموقف الذي تعيشه مدينتكم يقتضي:أن تكونوا أوفياء لنقل الحقيقة بدقة وأمانة،قبل البكاء أو الصمت حزنا عليها.. انقلوا الاحداث كما هي،بأية طريقة،ولا تتحججوا بقضية انقطاع الانترنت،فهنالك العديد من الوسائل التي يمكن من خلالها،أن تجاوزوا هذه العقبة ،فالصورة موحشة وغامضة ومظللة وعليكم انتم مسؤولية توضيحها.