يقول سقراط “التعليم هو إضرام النيران، وليس ملء الوعاء“. بمعنى اشعال نار الفتيل وليس التلقين، بحلول الوقت الذييدخل فيه الطالب التعليم العالي، يكون قد استثمر أكثر من700 ساعة سنويا في التعلم الأكاديمي بمعدل أربع ساعاتيوميا ولمدة 9 شهور، ويجب أن يخرج من الجامعة وهومتعلم. لكن بدلاً من الاستمتاع بالجو الجامعي، فالعديد منالطلبة يتوقفون في طموحهم في النهاية أو يتركون الجامعةأو ينتقلون الى أخرى لأسباب سنورد ذكرها لاحقا.
تخيل أنك مجد تؤدي واجباتك جيدا وفقا لمعاييرك ومعاييرالمؤسسة التعليمية ودائما ما تتلقى كلمات إيجابية وتقييماتبأداء متميز، ويحظى عملك بتقدير كبير من قبل زملائك.
وقبل ذلك تمتلك وظيفة جيدة تؤدي فيها نفس الواجباتبشكل أساسي. ومع ذلك، فإن هذه الواجبات لها وزن أكبر. أنت تدرك أن هذه الوظيفة تتطلب المزيد من الوقت والجهد،وأنت تعمل بطاقة واجتهاد متزايد. يحين الوقت لمراجعة ماتبذله خصوصا بعد كل مرحلة أو فصل. في وقت أنت واثقبأنك استثمرت المزيد من الوقت وعملت بضمير حي. ومعذلك، تأتي التقييمات غير دقيقة وتخلو من المساواة ولأكثر منمرة. والأسوأ من ذلك، أنه لأول مرة في حياتك، يتم التشكيكفي جهدك.
الطلاب الجيدون لا يتم التعرف عليهم فيما يظهرون بالمثابرةومع ذلك، فإن تقييمهم من حيث الدرجات غالب ما تشبه تلكالتقييمات البسيطة أو الفاشلة. لهذه الأسباب، يتم تصنيفالطلاب الجيدين بشكل خاطئ أو يتم تجاهلهم ببساطة.
يحسب العامة من الناس ان الأمية والجهل هي عدمالالتحاق بالمؤسسة التعليمية، لكن من يعتقد ذلك كاملا فانهلن يرى كل الحقيقة. من خلال ما نسمعه وما نطلع عليهومتيقنين منه في المؤسسة التعليمية أن العقم الفكري منتشرفي أغلب مفاصل التعليم من المراحل الابتدائية وحتى نهايةسنوات الجامعة وان ذلك لا يقل خطورة عن الجهل التام، فهوعلم لا ينفع، وما هو إلا مضيعة للوقت وللحياة وسنواتها التييجب أن تستثمر بأفضل استثمار ونستطيع من خلالهاتغيير العالم لو تم التعليم بشكل صحيح، وتوفير بيئة تعليممناسبة.
الفرص الحقيقية
الفرص الحقيقية في التعليم مفقودة ولو استعرضا جانبامنها سنجد أن العائدات الاستثمارية الفكرية غير جيدة،وانخفاض معدل التخرج ونسبة الطلاب، وخسارة فرصالبحث والتدريب والسفر التعليمي، وانعدام منهج جيد فيالتخطيط، وقلة امكانات خدمات الدعم الأكاديمي والمهني،وعدم وجود شبكة خريجين يمكن الاعتماد عليها، وغير ذلكالكثير من المساوئ الخادعة التي تتمظهر بالأشكال التالية:
أولا: شعارات براقة بذريعة التحفيز.
ثانيا: منهجية قديمة تعتمد التلقين.
ثالثا: مجاملات ومحاباة على حساب شرف المهنة.
رابعا: مزاجية وانتقائية في التعامل.
خامسا: صراعات داخلية وضعف مهني وتعليمي.
سادسا: تمييز وسوء تقدير للكفاءات والنخب الطلابية.
سابعا: تهميش واضح للأفراد الذين يبحثون عن مستقبلهممن خلال الغبن وعدم المساواة.
خلاصة
وبالتالي فأن تسييس العلاقات والمحتوى التعليمي وتوجيههلخلق وعي خاطئ لصالح فئات معينة، ما ذلك إلا تدميراوطمساً واضحا لهوية هذا الوطن الجريح والضائع، ليزيدمن خلق حياة غير سوية وغير صالحة، لينتج ذلك شعباًوأفرادا مشوهين فكريا ومتناحرا من أجل غاية ما.
منظومتنا التعليمية يبدو انها مصرة على فقدان الهدفالأساس الذي يكمن عبر ثلاثة مستويات للدراسة: المستوىالسلوكي، المستوى المعرفي، المستوى ما وراء المعرفي، ومنبين الثلاثة، يكون ما وراء المعرفة هو المكان الذي يختلف فيهالطلاب الجيدون والمتعلمون أكثر من غيرهم.