18 ديسمبر، 2024 9:35 م

الصورة الجديدة للصراع المستقبلي في المنطقة العربية

الصورة الجديدة للصراع المستقبلي في المنطقة العربية

مجمل الصراعات في العالم أساسها العامل الاقتصادي وهناك عوامل أخرى مساعدة تصب في هذا المحتوى . مثل المواقع الاستراتيجية موانئ وقنوات وأجواء وشعوب وأسواق . تتبناها دول معروفة بأمكانياتها المتطورة في مجالات عدة , وتطوِرها بأستمرار لغرض السيطرة واستلاب حقوق الآخرين من شعوب ودول . في حقيقة الامر تصاعدت وتيرة هذا الموضوع منذ قرون بعد اكتشاف البارود وصناعة مستلزمات استخدامه . الحرب العالمية الاولى كانت الصورة المثالية لهذا التطور والاختراع . وتعاظمت في الحرب العالمية الثانية . الدول الفاعلة في هذا الموضوع ” بريطانيا ” التي كانت تسمى العظمى في تلك الفترة الزمنية , وتليها عدد من الدول مثل فرنسا ودول اوربا الغربية وبعض دول آسيا مثل اليابان , التي كانت تنتهج نفس السلوك . المهم اتساع التطور العالمي في المجالات العلمية و الاقتصادية والعسكرية والفكرية .خلق وشجّع على حالة من التناقض أدت الى صراعات واسعة نتائجها ضعف الامكانات لبعض الدول الاستعمارية القديمة لأسباب كثيرة . أهمها وعي شعوب العالم وثوراتها والضعف الاقتصادي و الصراع بين الدول المتطورة نفسها , وبروز قوة استعمارية جديدة هي ” الولايات المتحدة الامريكية ” . وأنبثاق واتساع الفكر الشيوعي الاشتراكي .

بعد خسارة الدولة الاسلامية بقيادة بني عثمان ومن يواليهم واشترك معهم , تم تقسيم الدولة الاسلامية الى كيانات ودول لغرض السيطرة وادارتها ظمن الفلك الاستعماري سواء قبل وبعد الحرب العالمية الثانية . بريطانيا زعيمة الاستعمار العالمي في حينها , عملت على قيام دولة اسرائيل وجعلها ” قاعدة عسكرية متقدمة محسومة الولاء ” بعد تضليل اليهود وجعلوها قاعدة عسكرية سكانية في وسط المنطقة العربية , لمحاربة وقمع أي توحد أو تطور وتحريكها متى شائوا . وكان ذلك واضح في الصراع العربي الاستعماري واستخدامها بشكل فاعل مثل حرب قناة السويس على مصر في عام 1956 و حرب عام 1967 . والحقيقة ان حرب 67 كانت بمثابة بداية الكارثة الحقيقية لإسرائيل , بالرغم من نتائجها السلبية الصعبة على العرب ومحصلتها النهائية لصالح اسرائيل . قسم من المفكرين اليهود داخل اسرائيل وخارجها . لم يقتنعوا بهذه الحرب وحذّروا من تداعياتها المستقبلية و خطّئوها . وفعلا كانت كذلك , ظهر ذلك جليا في حرب عام 1973وما تلاه والعمل على الاستمرار في تنمية وتطوير القدرة العربية والتطور النوعي العسكري الذي لا يصب في مصلحة اسرائيل بأمكاناتها الحالية والمستقبلية فاقدة للتوازن الموضوعي في المجالات : البشرية والاقتصادية والعسكرية والشرعية ” واعتباراتها الانسانية والاجتماعية والقانونية ” كيان مغتَصِب معتدي غير مبرر , حسب مقررات المنطق والتاريخ والعدل والعالم من خلال الأمم المتحدة وقرارات مجلس الامن .

الدول الاستعمارية أنشأة اسرائيل واحتضنتها بعد تضليلهم لليهود وتسخيرهم كأداة للصالح الاستعماري . يهود اسرائيل والعالم بدأوا يدركون ويفهمون اللعبة الاستعمارية من القصد وراء إنشاء هذه الدولة ” القاعدة السكانية ” . فهم قمة الاستغلال مَوضُعين في حالة تأهب وانذار دائم مشوب بالخوف والوجل من وضعهم الغير طبيعي و النتائج المستقبلية الغير ملائمة التي لا تتجه لصالح اليهود . فهناك شعور وندم يعيش في الوسط اليهودي الاسرائيلي واليهودي العالمي العام . يهودي امريكي أو فرنسي إنكليزي عراقي أو افريقي . مواطن لهذه الدول منذ مئات السنين أب عن جد وبختيارهم غير مرغمين , ويطلبون منه العيش في دولة مصنوعة على وهم تاريخي قبل سبعة آلاف سنة . ويدخلون في دوامة صراع أزلي رئيسي متأهبين ومتوقعين لكارثة واقعة لا محالة في كل الحسابات . مشدودي الاعصاب غير مستقرين يعيشون حالة غير طبيعية يعيشونها مع ادراكهم لعدم صحة ما فعلوه .

دول الاستعمار المتعاقبة بدأة تدرك هذه المسألة والكارثة المتوقعة لقاعدتها هذه ومحصلتها النهائية . الشعوب العربية والاسلامية داركة لهذه المعضلة , وحكامهم أيضاً . يتظاهرون بمواكبة مشاعر شعوبهم . لكنهم لم يفعلوا شيء حقيقي يذكر في هذا المجال , مما خلق حالة من اتساع الفجوة بين الحاكم العربي وشعبه . دول الاستعمار أعتمدت لفترة طويلة على الحاكم العربي لتضليل شعبه وهناك من جنح خارج السيطرة الاستعمارية ومن يستجيب لرغبات شعبه يتعرض للأذى . ويوضع في دائرة المساومة بين عدم الفعل الايجابي والسكوت على اسرائيل أو خلعه وتغيير كيانه , حدث ذلك لكثيرمن حكام ومسؤولي العرب والمسلمين . النتيجة ان الحاكم العربي في حيرة من أمره , واقع بين ثلاثي حازم يصعب عليه التوازن بينهما , الشعب والاستعمار وأسرائيل , الدول الاستعمارية أدركت هذه المعادلة الخطرة ” تضاءل الفعل الاسرائيلي نتيجة حرب 1973 ” فعملت على صناعة دول وحركات في المنطقة تثير التشويش والمشاعر بين الدول العربية والاسلامية . ترتدي نفس رداء المحيط الذي تعيش فيه مثل القاعدة في أفغانستان والخمينية في ايران وداعش في العراق وسوريا , مثل ما خلقت الكثير من هذه الحركات المشينة عبر التاريخ التي تلاشت نتيجة عدم منطقيتها وتناقضها مع الشرع وجوهر الدين الاسلامي الحقيقي الثابت في تشريعاته ومناهجه ومثاباته الثابتة التي لايمكن تغييرها .

النظام الخميني الايراني من هذه الحركات التي تسعى للتخريب في الوسط الاسلامي والعربي , مستغلة حالة الجهل مرتكزة على الحالة المذهبية معتبرتها حالة اساسية في الدين وهي ليست كذلك , يروّجون لها للفرقة واثارة الطائفية وخلق تناقض رئيسي بين المسلمين يصل الى حد الاقتتال . مثيرين الشر والشغب في كل الساحة الاسلامية والعربية . نسأل المسلم الافريقي والعربي والايراني والباكستاني , هل يختلفون مع بعظهم في وحدانية الله والنبي والقرآن , منهج المسلمين , والقبلة . انها مثابات واسس وحدة الامة الاسلامية . فلماذا هذا التناحر الذي تخلقه ايران وتأجج له , والى أين تبغي الوصول من استعار هذا التناقض الثانوي الذي خلقوه ويبنون عليه . الفرد المسلم الايراني والعربي وغيرهم بدأوا يدركون هذا ” الملعوب ” الخطر . المستعمر هو المستفيد الوحيد من هذا المعترك والتناقض . إن كنا مسلمين حقيقيين واحب علينا فتح صفحة جديدة نخدم بها أمتنا وشعوبنا ونتعاون في ما بيننا ونتكاتف للدفاع عن قضايانا المصيرية تجاه المستعمر الطامع مع العمل معا لتطوير مجتمعاتنا واستقرارها , بأمكانياتنا الذاتية الكبيرة بدل بعثرتها على صراعات داخلية لا جدوى منها سوى الخراب والدمار والتناحر والتأخر . على الشعوب العربية والاسلامية التمرد على هذه التفاهات الدونية ونشر الوعي الصحيح والمنطقي بدل التشجيع وسيادة حالة الجهل بيننا . المستعمر يدعم اسرائيل ويدعم ايران بشكل خاص . لأنها اليوم فاعلة اكثر من غيرها في موضوع التخريب واشاعة الفرقة والتناحر . ايران في سلوكها الغير صحيح في المنطقة تدفع العرب دفعاً للارتماء في حضن اسرائيل والقبول بها وبعدوانها واعطاء الحاكم العربي الشرعية في ذلك .

سيزداد الصراع على اساس ذلك , النظام الايراني الحالي سيزيد من صراعه بحجة تواطئ العرب مع اسرائيل وتنتقل الخلافات من الطائفية الى دينية أساسية واسعة بحجة اسرائيل ومن يواليها من جهة ومن يحاربها كذبا ويحارب من يتفق معها . بحجة المشروعية الدينية والقانونية و المنطقية والتاريخ ويتحول الصراع من اسلامي عربي اسرائيلي الى صراع ايراني عربي اسلامي ظمن الملعب الاسلامي داخل الساحة الاسلامية ويستمر التخريب وتستمر الحروب والمشاكل وهدر الدماء والثروات التي من الممكن استغلالها للبناء والاعمار والتطور لخدمة الافراد والمجتمعات . والمستفيد الاول من حالات الصراع والتناحر أولاً وأخيراً ” الاستعمار ” ونصبح كما يقول المثل ” تيتي . تيتي . مثل مارحتي جيتي ” ولله في خلقه شؤون .