يحملها معه أينما ذَهــَبَ تُرافِقهُ في الحدائقِ العامة والشوارع والمكتبات وحين يفترش الإسفلت بانتظار الباص ، أصدقاؤه قليلون يعرف الكثير من الأشخاص ، وقليل منهم يعرفونه ، يسجل من خلالها أجمل اللحظات بأدق التفاصيل (كاميرته) ،
معظم من يمرُّ بهم يومياً يعدّونه مجنوناً ، سجارته لا تفارقه ، كل يوم يتوجه إلى ساحة التحرير يلتقط الصور لنصب الحرية من كل الجوانب ويصرخ بصوت مرتفع (عاش جواد سليم) ، يضايقه المارة ببعدهم عن عدسته ، يمازحه من يبتسطون الرصيف لكسب لقمة العيش واحياناً يستهزؤن به ، لكنه يكتفي بالتقاط الصور للجميع دون استثناء ، واحتساء الشاي بنهم ، يغادر متخفياً في الزحام ، لايعلم احد كم بلغ عدد الصور التي التقطها ولايعلم أحد مااسمه انما يطلق عليه من يمرُ بهم كل صباح (المصور..).
دفعني الفضول لملاحقته ربما اعرف عنه اكثر مايعرف اصدقائي الباعة المتجولين ،غصتُ خلفه بين الزحام ، بعد وهلة وجدته يلتقط الصور فتابعته (دون ان ازعجه او اشعره بوجودي) همّ المصور يلتقط صورة لسيارة جديدة جداً جداً ، فأنتصب وسط الشارع بين السيارات وحدق بعدسته وانحنى عليها ، فجأة اختطفته مقدمتها ورمته ارضاً ، هرعت اليه وجدته (غادر الحياة سريعاً) بحثتُ في جيوب معطفه عن اسمه او عنوانه او أي هوية تعرفني اياه ، لم اجد ، سوى ورقة صغيرة ، وعلى عجلٍ حمله الناس ، تناولت كاميرته من على الرصيف ، وقفت جانباً ، فتحت الورقة فلم اجد سوى بيت شعر كتب بمداد أحمر : ( لاتحقرن صغيراً في معاملة فإن البعوضة تدمي مقلة الاسد) وتحته توقيع (الصورة في أخر المنعطف) ، ضغطت زر تشغيل الكاميرا وجدتها فارغة من الصور إلا صورة السيارة التي