23 نوفمبر، 2024 4:01 ص
Search
Close this search box.

الصوت والفيتو

جاء في كتاب افواه الزمن للكاتب ادواردو غاليانو : ان سنة 1916 كانت تنقضي، وهي سنة انتخابات في الارجنتين، وفي قرية كامبانا، كان التصويت يجري في الحجرة الخلفية من متجر المواد العامة، كان خوسيه خيلمان، ومهنته نجار، هو اول القادمين، فسوف يصوت لاول مرة في حياته، وكان واجب المواطنة يملأ صدره بالاعتزاز، في ذلك الصباح كان سينضم الى الديمقراطية، هذا المهاجر الذي لم يعرف سوى الاستبداد العسكري، عندما كان خوسيه يدخل صوته في الصندوق، مصوتا للحزب الراديكالي، شل يده صوت اجش: لقد اخطأت في الاختيار، حذره الصوت، ومن خلال قضبان النافذة، اطلت فوهة بندقية، الفوهة اشارت الى الكومة الصحيحة، حيث قوائم الحزب المحافظ، ربما اكثر المناطق تزويرا للانتخابات هي منطقة مدينة الثورة والمناطق المحيطة بها، حيث يفرض هناك الفيتو نفسه باتجاه حزب المحافظين كما قال غاليانو، وتمزق اصوات الاحزاب التقدمية كما حدث في انتخابات 2010 ، الانتخابات في العراق دائما تتميز بذمم المراقبين الرخيصة، وكذلك ذمم الموظفين في مفوضية الانتخابات، والذين غالبا مايكونون بعقد وقتي بسيط وهم من المدرسين والمعلمين وخريجي الاعداديات، ويوجه عملهم قناعاتهم الشخصية، او ربما يخضعون الى اساليب في التهديد والوعيد.
التحالف المدني الديمقراطي يدخل بقوة هذه المرة الى انتخابات 2014 وهو يضم شخصيات لها تاريخ طويل، وتكاد تكون ايديهم بيضاء لانهم من الناس الذين لم تختلط دماؤهم بسرقات اللصوص في ام الحواسم، ومنهم من جعل مهنة الطب لديه مجانا حيث يقوم بفحص الاطفال ويدور على البيوت، حتى الدعايات الانتخابية كانت فقيرة لهذا التحالف، وقد رأينا احد المرشحين يحمل دعايته ومجموع شهاداته وتخصصاته على صدره، باستثناء واحد او اثنين، هؤلاء لم يكونوا شيوعيين وانما تحالفوا مع الشيوعيين، وهؤلاء لايمثلون نسبة مهمة في برنامج التحالف المدني الديمقراطي الذي يحاول جاهدا ان يعيد الحياة المدنية الى العراق، بعيدا عن الطائفية المقيتة ، او الادلجة التي تراعي ان يكون التابع مسلحا لمتبوع يظهر بوجه ملاك، وهو يتفنن بقتل الابرياء.
اشكالية الديمقراطية في العراق اشكالية كبيرة، فهي تعتمد على اسس قريبة من انتخابات الارجنتين آنفة الذكر، ولان وسائل الديمقراطية تكاد تكون وقتية في العراق، فالمدارس اماكن الاقتراع، وموظفو المفوضية يعملون بعقود يومية، وكل انتخابات يتغيرون، وهذا من شأنه ان يجعل الامر مرتبكا، ومن الممكن ان يستغل الموظف فترة وجوده للثراء او للحصول على مبلغ من المال، واذا ماكان نزيها فهو يمتثل للتهديد لعدم وجود الحماية، المدرسة مركز الاقتراع القريبة من دارنا، يحرسها شرطي واحد، وتعجبت هذا اليوم لانني رأيته يرتدي الزيتوني القديم، فخشيت ان يكون نائب ضابط فرار، وعاد الى الخدمة الان، اما الموانع التي تغلق الطريق فهي عبارة عن اريكة متهرئة، واوان معدنية من السهولة اختراقها ببساطة، هذا ونحن لم نتكلم عن استهداف المراكز الانتخابية، ولذا على الحكومة ان تأخذ الامر على محمل الجد، فهي ليست نزهة بسيطة او سفرة مدرسية، انها ارواح ناس واصواتهم التي يحترمونها، فاحترموا كراسيكم ايضا، ولاتدعوا الذئب يفعل مايريد، والجموا صوت البندقية الذي يصادر خيارات الشعب بالتخلص من الموت والفاقة والاضطهاد، ولاتدعوا فيتو اصوات العصابات يعلو على فيتو اصوات الناس الخيرين، علنا نحظى بفرصتنا الاخيرة بالعيش مثل الاوادم وليس مثل غنم المصلخ تنتظر دورها للذبح.

أحدث المقالات

أحدث المقالات