22 ديسمبر، 2024 7:53 م

الصوت الانتخابي المفقود

الصوت الانتخابي المفقود

يؤكد رئيس الوزراء السابق ومن وراءه حزب الدعوة ودولة القانون المزعومة
على اجراء الانتخابات في موعدها . وهم يعتقدون على الارجح انهم سيفوزون بالانتخابات القادمة بالتزوير كما حصل في المرة السابقة . وهم لازالوا يطرحون نفس النغمة السابقة . والتي تسلقوا من خلالها على سلم السلطة ، نتيجة خداع المواطنين . . واذا كانوا يعتقدون بان الخطاب الطائفي سيكون دوما بديلا عن الخدمات المقدمة للمواطنين او بديلا عن محاكمتهم نتيجة الفساد الذي عمموه خلال فترة حكمهم العجاف فهم واهمون . لان الانتخابات سوف لن تجرى اذا لم تتوفر الشروط والظروف الموضوعية لاجراءها وهي على اقل تقدير تمكين المواطنين ، كل المواطنين من الانتخاب مع ضمان عدم تزويرها . . ان وجود
ملايين النازحين من مدنهم وسكناهم في المخيمات ، سيحول دون توفر هذه الشروط لاجراءها . واذا كان هناك تحالفا سابقا بين حزب الدعوة وقيادات كوردية لتقاسم ارض وثروات العراق فان هذا التحالف قد انقضى . وبالتالي فان المؤامرات التي حيكت على ابناء الشعب العراقي سوف لن تمر مثلما مرت في السنوات السابقة . وان خطط التغيير الديموغرافي الجارية اليوم بحجة تطهير المدن من الدواعش وعدم اعادة المهجرين الى بيوتهم سوف لن تؤدي الى اي نتيجة اللهم الا تعذيب ابناء البلد الواحد . وان بقاءهم في المخيمات سيحول دون مشاركتهم مشاركة فعالة في الاقتراع ، كما سيسهل تزوير اراداتهم والتحكم باصوات الناخبين

ولعل من اخطر المشاكل التي تواجه العملية الانتخابية اضافة الى ماذكرنا ، وجود ميليشيات مسلحة تملأ الشوارع في كل ارجاء العراق . وهذه الميليشيات تتبع احزابا وكتلا سياسية اضافة الى المافيات التي نشات نتيجة الفساد الاداري الذي جرى سابقا ومازال . ان تواجد هذه العناصر المسلحة في المراكز الانتخابية وحولها سوف يحول دون تحقيق الممارسة الديموقراطية المرجوة من الانتخابات نتيجة التهديد بالسلاح او التلاعب بصناديق الاقتراع كما جرى سابقا وعلى رؤوس الاشهاد . كما ان الوضع الاستثنائي الذي يعيشه اقليم كردستان وتشتت كتله واحزابه وقياداته وخلافاتهم مع بعضهم البعض ومع الحكومة المركزية والتي قد تصل الى حد الانسحاب من ما يسمى بالعملية السياسية او مقاطعة الانتخابات ستكون واحدة من اهم المحددات للعملية الانتخابية ايضا
ان اصرار رئيس حزب الدعوة على اجراء الانتخابات في موعدها بحجة المحافظة على العملية السياسية يقصد منها المحافظة على المحاصصة الطائفية ، التي يعتاش عليها هو ومن ائتلف معه في دولة القانون وحتى المجلس الاعلى الذي انشطر الى حزبين وطرح التسوية التاريخية التي ماتت في مهدها ، يعزف على نفس النغمة

ان كل هذه المحاولات تجري بهدف بقاء نفوذهم وفساد احزابهم التي لم يلمس الشعب العراقي من خلال حكمهم اي تحسن في البنيه الاجتماعية او الاقتصادية على مدى السنوات الاربعة عشر العجاف الماضية . وما وجودهم في السلطة الان الا نتيجة لعمليات التزوير التي لم يشهد لها العراق مثيلا وقد تم رصد مئات الالوف من الاسماء الوهمية في اقضية ونواحي البصرة الان عند تحديث سجلات الناخبين وهذا مثالا واحدا يثبت الطيف الواسع من عمليات التزوير التي اوصلت حزب الدعوة ورئيسه الى سدة الحكم ، والتي شملت كل ارجاء العراق شمالا وجنوبا بلا استثناء
ومن وراء هذا الجوق الطائفي يقف جوقا طائفيا اخر انتهازي وطفيلي يعتاش على فتات الموائد المحاصصية لما يسمى بالعملية السياسية . فرئيس البرلمان حاول الظهور بمظهر مدني وهو يغادر الحزب الاسلامي . والاخوة الاعداء ينظمون مؤتمرات في عمان واسطنبول لتشكيل تحالفات طائفية طفيلية اخرى هدفها تلميع صورهم السوداء امام ناخبيهم وهم يعلمون سلفا انهم منبوذون منذ امد بعيد وليس بسبب نهبهم لاموال المهجرين والاموال المخصصة لاعادة البنى التحتية لمدنهم المهدمة فقط ، بل ولتجاهلهم مطالب ابناء جلدتهم من المحافظات المنكوبة

وفوق كل هذا وذاك فان الفساد المستشري سيكون عائقا آخر امام انتخابات سليمة ونظيفة . حيث سيتم توظيف المال السياسي الحرام في حرف ارادة الناخبين من خلال الرشى والعطايا . لذلك نرى السيد رئيس الوزراء قد اعطى الاولوية في محاربة الفساد في مرحلة مابعد داعش . فالفساد كان عاملا مهما في سقوط المدن بيد الدواعش وسيكون عاملا اخر في تحريف الانتخابات
ان ممثل الامم المتحدة في العراق السيد كوبيتش يعتقد ان عدم عودة النازحين الى مدنهم سيكون عائقا كبيرا في اجراء انتخابات حقيقية ونزيهة

وبعد كل هذا هل هناك رجل رشيد يطالب باجراء الانتخابات في ظل هذه الاجواء غير الطبيعية والمنافية لابسط حقوق المواطنة . ويتوقع تغييرا بالعملية السياسية نحو الاحسن . يقول انشتاين الغباء هو فعل نفس الشئ مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة

ان الامر يتطلب اعادة النظر بالادارة الحكومية في العراق بصورة جذرية وانهاء
المحاصصة الطائفية والعنصرية . والقضاء على آفة الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة . خصوصا واننا في هذه المرحلة بحاجة الى التقاط الانفاس بعد نزيف الدم الذي رافق تطهير اراضينا من رجس الدواعش اعداء الله والانسانية . اضافة الى ترتيب البيت الداخلي العربي والكردي . واعادة النازحين والمهجرين
الى مدنهم . ومن ثم يصار الى تعديل الدستور بما يضمن عدم جواز تاسيس
احزاب طائفية او اثنية مع تجريم الدعوات والتكتلات الفؤوية والعنصرية
وازالة كل مايشير الى ان العراق مكونات . فالعراق شعبا واحدا لايقبل التقسيم
باي حال من الاحوال
عندئذ فقط يمكن اجراء انتخابات يتوفر فيها الحد الادنى من النجاح وتمثيل كل قطاعات الشعب تمثيلا اقرب الى الصواب . ان الانتخابات وسيلة ديموقراطية وهي ليست هدفا بحد ذاته ولايمكن القبول بانتخابات باي ثمن . حتى ولو كانت بالضد من ارادة الناخبين