أكدت دراسة نشرتها صحيفة (الفاينانشيل تايمز) البريطانية الاسبوع الماضي أن الصناعة النفطية العراقية حققت حالة تطور مشهودة، وأن معدلات الإنتاج النفطي ارتفعت مؤخرا بفضل الاستثمارات التي تقوم بها الشركات المستثمرة في الحقول العراقية.وقالت الباحثة والمحللة جيسيكا بريوير، من مؤسسة (وود ماكينزي) العالمية المتخصصة في مجال الدراسات البترولية التي تتخذ من إسكتلندا مقرا لها، في الدراسة التي اعدتها نحن ننظر للعراق كواحدة من الدول التي سيكون لها مساهمة كبيرة جدا بتجهيز سوق النفط العالمية خلال الخمس الى العشر سنوات القادمة..هذه الدراسة جاءت لتؤكد الاتجاهات التي تسير عليها السياسة النفطية في العراق والتي تهدف للوصول الى أمكانية انتاج عشرة ملايين برميل يوميا بحدود عام 2020 . وهو امر أصبح بالإمكان تحقيقه اذا ما سارت عملية الاستثمار في القطاع النفطي بالشكل المرسوم لها والذي ابتدأ فعليا مع تنفيذ جولة التراخيص النفطية الاولى.وكما يبدو أن الذهب الأسود العراقي يواصل مسيرته نحو مستقبل افضل في المدة الأخيرة، نظرا للتطور والتصاعد الكبير في الإنتاج النفطي مؤخرا، حيث تجاوز مستوى الانتاج ثلاثة ملايين برميل يوميا للمرة الأولى خلال ثلاثة عقود وتخطى إيران ليصبح ثاني أكبر منتج في منظمة أوبك بعد السعودية، وتشير التوقعات والدراسات المعنية بأن إنتاج النفط العراقي سيرتفع بنهاية العقد، حيث سيبلغ عشرة ملايين برميل يوميا بحدود عام 2020، ويرى المحللون بأنه ينبغي على العراق بذل الجهد الاكبر خلال السنوات المقلبة من خلال الاستثمارات الاقتصادية العالمية في هذا المجال، مما سيساهم بشكل كبير في إنعاش التنمية الاقتصادية ويفتح آفاقا تجارية أكثر إشراقا..ورغم وجود آراء متباينة حول حجم الاحتياطيات النفطية المثبتة والمحتملة في العراق، إلا أنها تتفق في ما بينها على أن هناك خزيناً هائلاً ربما لا مثيل له في منطقة أخرى من العالم حيث يبلغ حجم الاحتياطيات المثبتة (Proven) وفق الأرقام الرسمية الأخيرة لوزارة النفط والمعتمدة من قبل معظم المراجع النفطية المختصة عالمياً ما مقداره 112 مليار برميل، أما حجم الاحتياطيات المحتملة فهناك تباين في تخمينها، إلا أن الرقم يزيد في كل الأحوال عن 200 مليار برميل يمكن تحويل جزء أساسي منه لا يقل عن 50 بالمئة إلى احتياطيات مثبتة باعتماد التكنولوجيا الحديثة في عمليات المسح الزلزالي والحفر الاستكشافي والتقييمي ثم الحفر التطويري، ويضاف إلى ذلك عامل مهم يتعلق بكلفة عمليات الاستكشاف والحفر وبالتالي كلف العثور على النفط وتطويره والذي يعتبر من أوطأ الكلف ليس على مستوى العالم فحسب، بل وحتى بالمقارنة مع المخزون النفطي في منطقة الشرق الأوسط وتتراوح تلك الكلف بين 1.5 – 2 دولار للبرميل الواحد.. لكن الآمال المعقودة على تطوير الصناعة النفطية في العراق مرهونة بتجاوز العقبات أمام تطور هذه الصناعة وأبرزها الخلافات السياسية وضعف البنية التحتية وانتهاج السياسة البيروقراطية بعملية عقد الصفقات، إذ يحاول اليوم قطاع النفط العراقي النهوض بعد ثلاثين سنة من النزاعات وانعدام الاستقرار لتحقيق نمو سريع في إنتاجه من الذهب الاسود باعتباره إكسير الاقتصاد العراق لحد الآن..وتوضح الدراسة التي نشرتها (الفاينانشيل تايمز) أن وكالة الطاقة الدولية تؤكد بان إنتاج العراق للنفط سيكون اكثر من الضعف ليصل الى (6.1) مليون برميل باليوم بنهاية العقد،وفي الوقت الذي تشير الدراسة الى ن شركات النفط العالمية التي وقعت عقود تطوير مع الحكومة في أواخر العقد الماضي، امثال برتش بتروليوم واكسون موبيل ورويال دوتشيل، واجهت تحديات في قضية البنى التحتية وتدهور الوضع الأمني فضلا عن المردودات الضئيلة لهم وفقا لشروط العقود التي وقعوها، كونهم يتلقون رسوما بمقدار (1.15) الى (2) دولار فقط عن كل برميل نجد ان هذا يثبت أن العقود لتي وقعتها وزارة النفط ضمن جولات التراخيص كانت باتجاه الحفاظ على المصلحة الوطنية وحقوق العراق في ثروته الوطنية بعيدا عن محاولات الشركات النفطية الهادفة الى تحقيق اعلى الارباح بغض النظر عن اية امور اخرى.ورغم ان الدراسة البريطانية تشير الى ان هناك مشاكل كثيرة تواجه السياسة النفطية في العراق ومنها العراقيل التي تولدها البنى التحتية في العراق،والنقص في أنابيب النفط والضعف في حجم مستودعات الخزن ومحدودية سعة محطات الضخ التي تعرقل عملية النمو المستمرة في معدلات الإنتاج ، الا انها في الوقت نفسه تشير الى ترجيح محللين امكانية تحقيق المزيد من الانتاج وذلك بتعديل شروط العقود وتطوير البنى التحتية، كما شدد المحللون على ضرورة خلو البلد من التوترات السياسية وضعف الوضع الأمني.وبالنظر لطبيعة العقود التي ابرمتها الوزارة مع الشركات العالمية فان تعديلها لغرض تطوير البنى التحتية يبدو ممكنا، لاسيما وان الظروف السائدة في اسواق النفط العالمية حالياً (والتي تتميز اساساً بعدم وجود فائض في المعروض) فان العراق في وضع قوي حالياً يمكنه من فرض شروطه على الشركات المتعاقدة التي ستبقى قادرة ، مع ذلك على الحصول على ارباح معقولة.ومن الممكن ايضا ان تشترط صياغة ونصوص هذه العقود منح الافضلية للشركات المتعاقدة لبناء مصافي النفط ومصانع البتروكيمياويات في العراق وفقاً لشروط تستهدف تحقيق الفائدة المادية والاقتصادية القصوى للعراق، ويجب ان يسعى العراق الى الحصول على اقصى ما يمكن من الاستثمارات في الصناعات البترولية التحويلية والاستخراجية للانتاج ، على حد سواء ولغرض الوفاء باحتياجات البلد الداخلية من جهة وتصدير الفائض من جهة اخرى / وهو الامر الذي سيمكنه من مضاعفة الارباح والعوائد التي يجنيها من مصادر ثروته النفطية.ونظرا لضخامة ما يملكه العراق من الاحتياطات البترولية المؤكدة ، وفي ظل الاوضاع السائدة حاليا في الاسواق البترولية الدولية ، فان امام العراق فرصة جديدة وكبيرة للاستفادة من مصادره البترولية ، ولاجل تحقيق ذلك باعلى درجات الكفاءة الممكنة ، يجب اعتماد سياسة نفطية مبنية على حقائق وارقام واقعية وصياغة هذه السياسة بطريقة تمكن العراق من الحصول على الاستثمارات الاجنبية لمضاعفة ارباحه والمحافظة على مصالحه ، مع بقاء القرار المتعلق بالتصرف بالاحتياطي البترولي ، ومعدلات الانتاج والصادرات بيد الإدارة الوطنية العراقية وتحت اشرافها.وكل هذا يمكن ان يتحقق في ظل السياسة النفطية القائمة اذا ما تم ابعاد هذا القطاع الحيوي والمهم للاقتصاد العراقي عن المساومات والصراعات السياسية ، وتشريع قانون النفط والغاز بالشكل الذي يتوافق مع الدستور وفق ما جاء بالمادة (111) والتي تنص على ان النفط والغاز هما ملك الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات ما يستوجب ان تكون هذه الثروة الأساسية في العراق تحت مسؤولية وإشراف الحكومة الاتحادية ،وتخضع عمليات الاستكشاف والاستخراج وتطوير البنى التحتية ، لسياسة الحكومة الاتحادية وخطط وزارة النفط ، بما في ذلك الاتفقات والعقود التي تبرم مع الشركات العالمية ، وبالشكل الذي يضمن تحقيق النتائج المرجوة والتي تشير اليها الدراسات الدولية في هذا الجانب والتي ترى ان العراق سيشكل قوة عالمية في مجال انتاج النفط وتصديره..مما لاشك به ان نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الدكتور حسين الشهرستاني قد بذل جهودا مضنية لسنا في موقف عدها او تعدادها ، ولكن يجعلنا في موقف المطالب بأن ينال هذا الشخص حقه من الشكر والثناء لما استطاع ان يقوم به في الفترة الاخيرة من فك طلاسم ملفات عديدة كلفه بها رئيس الوزراء نوري المالكي ، اضافة الى الرؤى الثاقبة التي يتميز بها الشهرستاني عن غيره من السياسيين ، وهو ما جعله موضع ثقة رئيس الوزراء وكل الكابينة الحكومية ،الا البعض ممن يكن له العداء ،وهذا البعض لايخفي عداءه بمناسبة وغيرها وان ما يدعونه بأنهم لا يعادون شخص الشهرستاني كذب ونفاق ، لاسيما بعد ان كشفوا عن أنيابهم البغيضة بالطلب رسميا من رئيس الوزراء بإقالة نائبه ! واقول لمن يحاول الاصطياد بالماء العكر ان يصمتوا ويدعوا المخلصين يأدون عملهم افضل لهم ومن الاجدى لهم البحث عن السرقات المنظمة التي يقوم بها مسؤولون كبار هم على علاقة بهم ويعرفونهم جيدا غير انهم يغضون النظر عنهم لاسباب ليست خافية على احد .. لقد امتلك الشهرستاني الجرأة والشجاعة للكشف عن عيوب وتجاوزات ومخالفات ممن يمارس الزيف ويحاول الاستحواذ على ثروات الشعب العراقي لصالحه،ونحن هنا نؤكد أن ماطالب به البعض ربما كان ناتجا عن ضعف الاداء الحكومي ، ولكن هذا لا يعني ان الحكومة الاتحادية ضعيفة وعاجزة ، فالحكومة قوية ولن تطولها رياح التغيير كما يروجون ويخططون،واذا اردنا ان نبرز واحدة من مآثر الشهرستاني ، فيمكننا ان نشير الى وضعه النقاط على الحروف عندما اشار إلى وجود فروقات في الكمية بين النفط المُنتْج والمُصّدر في اقليم كردستان وان الاقليم يتوجب عليه تسليم 175 الف برميل يوميا للتصدير حسب إتفاقات سابقة وسعر البرميل في الاسواق العالمية يزداد حسب الطلب فهل فعل الاقليم ؟وكذلك عندما أعلنت وزارة النفط الاتحادية عن بلوغ مبيعات اقليم كوردستان للنفط خمسة اضعاف قيمة المستحقات التي يطالب بها لتغطية نفقات الشركات العاملة ، متهمة الاقليم ببيع النفط الخام والمنتجات الاخرى الى الاسواق المحلية . فالحكومة الاتحادية تعهدت بمنح تكاليف تنقيب النفط في الاقليم بعد تقييم لجنة مشكلة من الطرفين . وانها اسهمت بدفع اكثر من 500 مليون دولار لعمليات التنقيب في اقليم كوردستان..هذا ما يجعلني اطالب رئيس الوزراء بمكافأة الشهرستاني على تفانيه بالواجب والعمل الدؤوب من أجل خدمة العراق الجديد..