22 مايو، 2024 6:06 م
Search
Close this search box.

الصمت لغة عظماء الثورات

Facebook
Twitter
LinkedIn

الله سبحانه وتعالى خلق الانسان في احسن تقويم وعلمه الكتاب والحكمة والتاويل والموعظة الحسنى واتاه من العلم مالم يكن للانسان له سبيلا . الله سبحانه وتعالى وهبنا نعم كثيرة مسخرة بمشيئته الإلهية ومنحنا حرية التصرف بهذه النعم بما أرشدنا وعلمنا ان نستخدم تلك النعم والفضائل والعقل والحواس بشكل غريزي بكل حركاتها وتفاعلاتها الحسية وعواطفها حسب مرضاته وغاياته النبيلة والإنسانية لخدمة الإنسان والمجتمع والبشرية .لتحقيق اسمى الاهداف في العمل على كافة المستويات والمسؤوليات والواجبات الدينية والمجتمعية والمعيشية وكان الله سبحانه وتعالى رقيب على أفعالنا وتصرفاتنا وسلوكنا في الحياة ومن ضل فانما يضل عل نفسه ومن اهتدى فذلك هو الفوز العظيم . وأمام عظمة الله سبحانه وتعالى وقدرته التي وسعت كل شيء فان الإنسان عاجز ببصيرته وعقله ولسانه ان يدرك صفات الخالق العظيم وقدرة سلطانه التي تجلت فوق كل شيء وان سمة هذا العجز للمخلوق الضعيف انما هي وقفة صمت عظيمة ورهيبة أمام سمو وهيبة وعظمة ذو الجلال والاكرام مالك الملك يؤتي الملك لمن يشاء يعز من يشاء ويذل من يشاء .فجاء هنا الصمت ابلغ من الحديث بما يعجز اللسان بالنطق به امام عظمة الخالق العظيم فكل أمر عظيم يستحق امامه الصمت والتفكر حيث يمنحك طاقه قويه للتفكير بعمق في كل ما يحصل حولك
والتركيز بعقلانية على كل مجريات الحدث العظيم واحيانا حسب رؤية علمية نفسية ان الصمت يجعلك تسيطر على من أمامك من خلال نظرات محملة بمعان غير منطوقة تجعل من الآخرين في حيرة وذهول ماوراء هذه اللغة المجهولة وحتى المصحوبة ببعض الحركات والإيماءات يولد لدى الآخرين شعورا بالغيظ الشديد لأنهم يعتبرونه هجوما مستترا فتكون الأقوى من دون النطق بالكلام .وتستخدم هذه اللغة من قبل عقلاء الناس وافقهم علما وورعا وذكاء فالصمت درس من دروس التهذيب النفسي والفكري والروحي
فهو يكون في أغلب الأحيان الحل الأفضل أمام الكثير من المشاكل والتحديات اليومية التافهة وكما جاء بالحديث الشريف (ان تقل خيرا او تصمت) وفي المواقف الصعبة يولد الاحترام
بعكس الصراع و الجدل الذي يولد التنافر والحقد ويدمر أسلحة من تتشاجر معهم ويجردهم من القدرة على مواصلة التحدي والشجار. وليس كل من يلجأ الى الصمت هو جبان فهنالك مواقف تثبت فيها معادن الرجال بالشجاعة والاقدام وان من يلجئون الى الصمت بنوايا الحكمة والشجاعة حينها يترجمون لغة الصمت الى لغة الاقوياء في فعلهم ومواقفهم الرافضة للظلم والاستعباد . وحين تظل صفحات البوح فارغة لا تملؤها كل تلك الثرثرة التي يثرثر بها الاخرون ويجعجع بها طلاب ساسة اليوم
تظل الصفحات فارغة إلا من سطور الدمع التي تذرها أعين المعاناة والالم ونشيج العبرات لما اقترفته تلك الأصابع البريئة التي خدعها الآخرون بحبر اكاذيبهم وزيفهم وادعاءاتهم الباطلة
سطور في صفحات الروح تئن بلا أنين و تصرخ حرقة بلا آهات
ولا ملاذ حين يحتاج الكلام إلى حروف غير تلك التي أعتادها في النطق بها امام أسوار البلهاء
إلى كلمات لا تشبه التي سمعها الآخرون وهم قابعون في قصورهم الحمراء
إلى معانٍ أعمق من تلك التي نستطيع الوصول إليها وتعبر حدود مساحات الخضراء
نصمت لأن الصمت هو القرار الرشيد ،هو الحل الوحيد هو الكهف الذي نلوذ به من صخب البوح و ضجيجه امام اصوات العواء. نصمت بسكينة وهدوء لكي نتضرع للرب بالدعاء
نصمت لاننا موغلون بالجراح وعلى ضفاف شاطى دجلة تنزف الدماء
نصمت لكي نغادر حصار اللغة و نتمرد على قيود النطق ونمضي إلى مناطق امنة حيث ينادي مناديا من السماء . اخلع نعليك فانت في الوادي المقدس حيث لا يسمع سوى ذلك النداء حيث امضي الى فرعون العصر فانه تمادى وطغى وكفر يذبح الرجال ويستحيي النساء . سنمضي نحمل عصا موسى وكرامة يده الناصعة البيضاء.
حيث لا حدود و لا قيود ولا دروع ولا حواجز ولا اسلاك شائكة ولا قنابل تثير الدموع والبكاء. نصمت حين تكون الكلمة خطوة إلى مجهول لا نريد ان نمضي إليها.والقدر يجرنا اليها لكي نمضي اليها بالتحدي نصمت لأن الأرض اليوم مستباحة وبات يحكمها من هو غارق في النجاسة . الحقيقة أصبحت في زمننا كالخرافة والناس تساق كالعبيد الى سوق النخاسة ولا جدوى من الكلام فقد استباحت الارض قوى الظلام .وتلاشت الاحلام. واصبحت الاعباء حمل ثقيل على ظهور الجمال. نصمت لأن الحدث امامنا مأساة انهارت لها قوى الكلمات وتجلت امامها العبرات وانسكبت على فواجعها الدموع الساخنات .الحقيقة مرة وكلما قاومت نفسها بالنهوض من جديد خذلتهاالأقدام فسقطت تتمتم إنها مأساة رفعت عنها الصحف وجفت لها الأقلام ..نصمت لأن في العروق أسى و في الحنايا لوعة هي أثقل من أن تحملها سطور الكلمات .نصمت فالصمت لغة العظماء لا يدركها الا البلغاء .

نصمت لان الآخرين غارقون في الملذات صم بكم لا يسمعون ولا يفقهون نداء ثورة الإصلاح . الصمت احتجاج على ظلم ليس بالإمكان رده إلا بثورة السلاح . ونحن نسمو ونترفع فوق كل الجراح .نصمت وربما في الصمت كأس من الصبر ان نفذ فقد حلت عاصفة الاشباح او اشرقت السماء بنور السموات

انه صمت الثوار الذي اذهل العالم بأسره ..صمت يتكلم صمت يتحدى عروش الظالمين ..صمت…ارعب الفاسدين صمت ….أوقظ النائمين ..صمت..طرق أسماع الغافلين .صمت…اعاد الامل في نفوس المستضعفين. وبعد كل هدوء عاضفة تدك اوكار الفاسدين.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب